- إذا كانت صيغة الخطاب الديني قد جاءت بوحي من العزيز الحكيم فهل يعقل أن يأتي يوم يحتاج فيه إلى تجديد؟ وهل من المعقول أن يأتي مخلوق فيجدد أو يغير ما أنزله الخالق؟
- الداعون إلى تجديد الخطاب الديني يريدون أن يحرّفوا كلام الله ويغيّروا الصورة الملائمة لهذا الخطاب وهو مخالف للكتاب والسُنّة
- المسلم الحق لا يتجاوز ما ورد في دينه ولا يستمع إلى أقوال تتناسى أن الدين رسالة من الله إلى الخلق بواسطة رسوله صلى الله عليه وسلم
- المنادون بهذه الأفكار يسعون إلى هدم ثوابت الدين .. وشياطينهم أشعروهم بأنهم لن يصلوا إلى ما يريدون إلا إذا أخذوا في نشرها
- الشيخ أحمد الطيب «نار على علم» وله مواقف مهمة في الدفاع عن الدين وفي كبح جماح الضالين وهو معروف بالوفاء لعمله ولأمته
- «الأزهر» خرَّجت عدداً كبيراً من علماء المسلمين ونشرت نوره في كل مكان وتستقبل طلاب العلم من جميع الأرجاء
- «الأزهر» صاحبة فضل عليَّ شخصياً فقد درّسني أساتذة منتدبون منها في معهد الكويت الديني ونفخر بما تلقيناه عنهم
ترددت على ألسنة بعض الناس كلمات باطلة تمسّ ديننا في الصميم. ومن المستغرب أن هؤلاء الذين يرددون الأقوال المرفوضة هذه هم من يدعي المعرفة، ولكنها - للأسف الشديد - معرفة بالباطل أكثر منها معرفة بالحق... هم يدعون في كتابات لهم إلى ما أطلقوا عليه اسم «تجديد الخطاب الديني»، وكأن الخطاب الديني قابل للتصرف به وفق الأهواء، بل وكأن علماء الإسلام الذين كتبوا في الشؤون الإسلامية قد جاءوا بما كتبوه من عند أنفسهم، ولم يستندوا فيه إلى دليل من الكتاب والسنة، ثم إن هؤلاء الذين نشير إليهم قد خطر في بالهم أن الدين وقد مضت على انتشاره عدة قرون بحاجة إلى تجديد، فكأنهم يقولون دون أن ينطقوا بذلك أن هذا الدين فعل فاعل، ولذلك فهو قابل للتطوير والتجديد. وفي هذا ما فيه من طعن في ديننا، ومخالفة شرعية لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند ربه، وسعى إلى نشره والإعلام به بين الملأ.
![وصف الصورة](/articlefiles/2021/09/1070212-1.jpg?crop=(31,0,443,253)&cropxunits=451&cropyunits=253)
لا شك عندي في أن هذه الأفكار التي يتبناها البعض، ويدعو لها إنما هي أفكار ممهدة لهدم الدين أولا، وهي ثانيا ليست من عند هؤلاء الذين يرجفون بها بيننا، بل هي مستقاة من شياطينهم الذين أوحوا إليهم بذلك، وأشعروهم بأنهم لن يصلوا إلى ما يريدون في حياتهم إلا إذا أخذوا في نشر هذه الأفكار. ومن يكون هؤلاء غير اليهود الذين ناصبوا الرسول الكريم العداء، ولايزالون يناصبون أمته العداء نفسه. وقد حرصوا على تحريف الكلام، وعلى الطعن في الدين حتى لقد حذرنا الله عز وجل من أفعالهم فقال:
(من الذين هادوا يحرّفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليّاً بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا) ـ النساء، الآية 46: وقد أشار سبحانه وتعالى إلى نكثهم للعهود، وطعنهم في الدين مرة أخرى في سورة التوبة (الآية رقم 12) فقال: (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون) هؤلاء الذين يرددون بيننا نغمة تجديد الخطاب الديني إنما استقوا هذا المنكر من أبناء أولئك الذين أطلق عليهم الله عز وجل اسم: أئمة الكفر..وإن لم يأخذ أصحابنا عنهم ذلك مباشرة فقد أخذوه بصورة غير مباشرة، وذلك لأن روح العداء للإسلام واضحة جلية في طروحاتهم التي نستمع إليها أو نقرؤها بين وقت وآخر.
وأنا لا أكتب هذا من فراغ، فقد وجدت بين يدي ما يدل على صدق ما أقول بصورة لا التباس فيها، ولا شك يلحقها، فسارعت إلى تبيان ذلك حتى يكون معلوما، فلا يقع أحد منا تحت طائلة المخالفة لله ولرسوله، ولا يخضع للأفكار التي يروجها أعداء الإسلام.
كنت أقلب في منصة من منصات التواصل الاجتماعي حين وجدت عرضا أذهلني، وشدني إليه، حتى إنني لم أستطع تغيير الموقع قبل أن ينتهي ما كان يقدمه. وكان ذلك عن تجديد الخطاب الديني.
***
![وصف الصورة](/articlefiles/2021/09/1070212-2.jpg?crop=(0,23,451,300)&cropxunits=451&cropyunits=300)
في الفترة القصيرة الماضية شهدت القاهرة فعالية غريبة في توقيت إقامتها، وفي موضوعها اتخذ القائمون على هذه الفعالية لعملهم هذا عنوانا كبيرا وخطيرا إذ أطلقوا عليه اسم: «المؤتمر العالمي لتجديد الخطاب الديني» ولم أستطع أن أشاهد جلسة افتتاح هذا المؤتمر، ولكنني، وجدت أمامي جلسة من جلساته. ولقد قدم الجهاز كل ما تم في هذه الجلسة بحذافيره، وكان هذا جيدا لي، فقد استطعت أن ألمّ بصورة مباشرة بموضوع المؤتمر ابتداء من الخطاب الذي ألقاه الدكتور مدير جامعة القاهرة الذي جاء بأقوال تصدى لها فضيلة الإمام أحمد الطيب إمام الجامع الأزهر. ففندها، ولم يترك نقطة من النقاط التي قالها المتحدث دون تعليق، ولقد كان خطاب الشيخ الفاضل الذي جاء عفو الخاطر ردا كاسحا لا على المتحدث وحده بل على كل من يتبنى الأفكار المخالفة.
لقد ردّ شيخ الأزهر على ما استمع إليه بكل هدوء، وبعلم غزير عرف به، فبيّن أخطاء المتحدث في كثير من الأمور التي أثارها مؤكدا أن الأزهر الشريف واع لكل ما يحاك ضد الدين وإن أتى ذلك بصورة مغطاة بأغطية من أساليب اللفّ والدوران، لأن منابع الأفكار التي طرحت هي منابع معروفة ومخالفة.
وكان المتحدث هو مدير جامعة القاهرة، وهو - مهما كان تحصيله العلمي غير قادر على الخوض في موضوع الخطاب الديني لا من حيث هو، ولا من حيث تجديده إن احتاج إلى تجديد. ذلك لأن هذا الخطاب قد تكفل به الله عز وجل، فبين لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم الأسلوب الذي ينبغي أن يكون عليه هذا الخطاب عندما يقوم بنشر دعوته بين الناس، وما دام الأمر كذلك فإن أحدا مهما كان مقامه ليس له أن يخوض في أمر الخطاب الديني لأن رب العزة هو الذي أبان طريقه حين قال لنبيه الكريم في سورة النحل (الآية رقم 125):
(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) وقد فسر المفسرون هذه الآية الكريمة، فقال أحدهم: «يا أيها النبي: ادع إلى طريق الحق الذي شرعه ربك مع قومك، واسلك في دعوتهم الطريق الذي يناسب كل واحد منهم، فادع خواصهم ذوي المدارك العالية بالقول الحكيم المناسب لعقولهم، وادع عوامهم والجماهير منهم بما يناسبهم من إيراد المواعظ، وضرب الأمثال التي توجههم إلى الحق، وترشدهم من أقرب طريق مناسب لهم، وجادل أصحاب الملل السابقة من أهل الكتب بالمنطق والقول اللين، والمجادلة الحسنة التي لا يشوبها عنف، حتى تتمكن من إقناعهم واستمالتهم. هذا هو الطريق لدعوة الناس إلى الله على اختلاف ميولهم، فاسلك هذا الطريق معهم، واترك أمرهم بعد ذلك إلى ربك الذي يعلم من غرق في الضلال منهم وابتعد عن طريق النجاة، ومن سلم طبعه فاهتدى وآمن بما جئتهم به».
وإذا كانت صيغة الخطاب الديني قد جاءت بوحي من الله العزيز الحكيم، فهل يعقل أن يأتي يوم يحتاج فيه هذا الخطاب إلى تجديد؟ ثم أمن المعقول أن يأتي مخلوق فيجدد أو يغير فيما أنزله الله في كتابه؟
أليس من القبيح أن يفكر إنسان يرى نفسه مسلما بمثل هذا الذي سمعناه في هذه الندوة؟ ثم أليس من حقنا أن نصم آذاننا عن سماع قوله، إن لم نرد عليه بما يستحقه من رد.
***
كان المتحدث في الجلسة التي نستعرض ما دار فيها هنا هو د.محمد عثمان الخشت، وهو جامعي ومؤلف جاء في سيرته الذاتية أنه كان رائدا في علم فلسفة الدين في العالم العربي. دون تحديد للدين المذكور هنا لأننا نعرف أن الدين الإسلامي إنما هو دين نزل بأمر الله سبحانه وتعالى لا بفلسفة المتفلسفين. ولكن هذا الأستاذ ركب موجة أركبه إياها من أراد له أن يسلك هذا السبيل. ولذا فقد وقف في قاعة اللقاء الذي أشرنا إليه لكي يتحدث باستفاضة عن أمور لا يقبلها العقل، ولقد كان من سوء حظه وجود فضيلة الأستاذ د.أحمد الطيب في القاعة ذاتها فاستمع إلى الأقوال الغريبة التي ترددت على لسان المتحدث، ولم يتمالك نفسه فتحدث معلقا عليه وهو جالس على مقعده لم يتحرك منه، وتتبع كافة الأقوال بردود لا يقدر على الإفاضة بمثلها إلا من أوتي علما غزيرا وكان المتحدث قد كتب كراسة أورد فيها أفكاره الشاذة التي وردت في حديثه، ووجه حديثه أثناء خطابه - بلا مناسبة - إلى فضيلة الشيخ أحمد الطيب قائلا لقد كتبت هذا الكتاب وأنا أهدى إليك الآن نسخة منه. وأرسل الكتاب (الكراس) من المنصة إلى الشيخ وهو جالس في مكانه. ولقد وجدناه يقلب ما جاء في الكتاب، ثم يتولى الرد على كل ما قاله د.الخشت نقطة فنقطة حتى وجدنا هذا الدكتور وهو يتضاءل في مكانه، ثم تأتيه الكلمة الأخيرة حين قال له الشيخ:كتابك هذا هل أنت مصرّ عليه، أم أنك سوف تجدده وفق ما سمعت مني؟ فإن كنت مصرا عليه فلا حاجة بي إليه، وإن كنت ناويا تعديله وفق ما سمعت مني فلا حاجة بي إليه أيضا لأن ما ستقوم به مما ذكرته لك راسخ في ذهني، وفي كلتا الحالتين فإنني سأعيده إليك.
وفضيلة الشيخ د.أحمد الطيب هو نار على علم، ومن منا لا يعرف شيخ الأزهر. الذي وجدنا له مواقف مهمة في الدفاع عن الدين وفي كبح جماح الضالين. وموقفه في الندوة التي أشرنا إليها - ولا نزال نتحدث عن وقائعها - يدل على وفائه لدينه، وإخلاصه له، كما يدل على علمه الفياض الذي يجعله يرد على كل الترهات بقوة وحزم ودراية مصحوبة بالبرهان. انظر للخشت عندما قال بدون مناسبة وهو يتحدث عن الحديث الشريف:
- كل من في هذه القاعة يعرف أن أحاديث الآحاد لا يؤخذ بها. وذكر عددا من الفرق التي كانت تعنى بالأمور الدينية قديما، فقال له الشيخ:
- إن هؤلاء الذين ذكرتهم جميعا لا يأخذون بأحاديث الآحاد، فكيف تنسب ذلك إليهم.
إذن فالرجل يلقي القول على عواهنه دون أن تكون لديه دراية تامة بما يتصل بأقواله. ولم يسكت الشيخ إلا بعد أن قال كل ما يريد أن يقوله دفاعا عن الدين، وعن رجاله الذين حملوه إلينا نقيا لم يغيروا ولم يبدلوا. وأكد أن الأزهر الشريف سائد على ذلك، يحمل الأمانة حريصا على الدين الحنيف، بعيدا عن ترهات الجاهلين الذين يحيدون في سلوكهم وفي عقيدتهم عن الصراط المستقيم.
ومن أقوال الإمام أحمد الطيب أستطيع أن أقتطف ما يلي مما يدل على مبادرته إلى الرد على كل من يحاول أن يغضّ من قيمة التراث الإسلامي فلقد قال:
- التراث الإسلامي خلق أمة قوية متماسكة تمتد حدود أوطانها إلى مسافات بعيدة خلال ثمانين سنة فقط من ظهور الإسلام.
- إن بعض المغرضين يصورون التمسك بالتراث على أنه سبيل إلى ضعف الأمة، وعائق لها عن التقدم والرقي. وهذا أمر باطل يشهد على بطلانه التاريخ الذي مر بنا بصفتنا أمة كانت من أقوى الأمم حينما كانت تتمسك بتراثها.
- القرآن الكريم قطعي الدلالة على ما فيه من أحكام وما فيه من توجيهات، بما لا يشك فيه أحد.
- نحن في الأزهر الشريف تعلمنا كل شيء عن تراث أمتنا وفي الوقت نفسه فإننا كنا نتعلم كافة العلوم الحديثة بكل تفصيلاتها. فلم تمنعنا دراستنا التراثية عن الإحاطة بكل جديد. وخريج الثانوية الأزهرية اليوم ملم بعلوم التراث، وبالعلوم الحديثة. فهو من جيل متكامل المعرفة.
- الإشارة إلى الفتنة التي حدثت في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان لم تكن فتنة دينية كما يحاول أن يصورها المتحدث بل هي فتنة سياسية بحتة من جميع جوانبها.
- عندما صرنا ننظر إلى أمورنا بمنظار مخالف للسلوك الإسلامي الصحيح طمعت بنا الأمم، وصرنا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها»، وهذان نموذجان لما حدث حين تهاونا، أحدهما ما حدث لنا في الحروب الصليبية، والثاني في الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وما تقوم به إسرائيل من فتك بأبناء هذا البلد العربي المسلم.
- إننا نشهد اليوم ما يعتبر اختطافا للدين من أجل استغلاله في الحصول على مصالح شخصية والدين بريء من ذلك. وكم من أناس تحدثوا باسم الدين وهم في حقيقة الأمر في غاية البعد عن مسالكه، ولقد تصدى الأزهر إلى مثل هؤلاء، ودافع عن حوزة الإسلام.
- لا يملك أي إنسان أن يعبر عن حقيقة مطلقة فالحقيقة المطلقة هي التي يوحي بها الله سبحانه وتعالى إلى رسله، ولا يمكن أن يأتي من يقول أنه على علم بها، مهما أوتي من المعرفة.
- إن الحرب ضد التراث الإسلامي العربي حرب معلنة منذ فترة، وللأسف الشديد فإن بعض أبناء هذه الأمة يسهمون بذلك دون وعي منهم، وهذا هو ما نسمعه أو نقرؤه، وواقع الأمر أننا نتلقى يوميا ما يصدر من ماكينة خبيثة ملعونة يديرها أعداء الإسلام من كل اتجاه. ولذا فإن الحذر واجب.
- ينبغي أن نجعل نصب أعيننا قوله تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام)، وقوله: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه). وهذا الدين الحنيف الذي جعل الله سبحانه وتعالى له هذه المنزلة، لابد وأن يكون منزها عن أن يخوض فيه أصحاب الأهواء. أولئك. (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) الآية 104، من سورة الكهف.
- وخلاصة القول فإن العبث بثوابت الدين الحنيف أمر مرذول، ومحرم، لأن الله سبحانه وتعالى هو صاحب الأمر والنهي في هذا المجال، وهو مرسل الرسل، ومنزل الكتب السماوية. وما نسمعه من أمور تتعلق بتحديث الخطاب الديني إنما هو نوع من الافتئات على الحق الإلهي. وفي هذا الشأن فإننا نكتفي هنا بقوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) سورة المائدة آية 3. فالإسلام دين تام كامل رضيه الله سبحانه وتعالى لنا، فما لنا لا نرضى بما رضي به لنا رب العالمين؟!
ولا يخفى بعد ذلك رد الفعل الذي حدث بعد هذه الندوة، فقد انتشر الحديث انتشارا واسعا وورد في عدد من صحف مصر، وكان المؤيدون لشيخ الأزهر هم الأكثرية بين الناس الذين تابعوا ما جرى، وهذا أمر غير مستغرب، فالمسلم الحق لا يتجاوز ما ورد في دينه من أوامر ونواه، ولا يستمع إلى أقوال من يعبر عن رأيه الخاص، متناسيا أن الدين ليس رأيا لأحد ولكنه رسالة من الله عز وجل إلى الخلق بواسطة رسوله صلى الله عليه وسلم.
إن هذا الذي سمعه الحاضرون في القاعة، والمتابعون عبر وسائل التواصل الاجتماعي من فضيلة شيخ الأزهر جدير بالإكبار والتقدير. وهذا الذي استمعنا إليه ليس غريبا عنه بل هو أمر معروف به منذ بدأ حياته العلمية. وهذا بعض التفصيل لسيرته الذاتية:
ولد فضيلة الشيخ أحمد الطيب في سنة 1946م، وتدرج في الدراسة الدينية، حتى تخرج في كلية أصول الدين بالأزهر الشريف في سنة 1969م. ونال شهادة الدكتوراه من شعبة العقيدة والفلسفة في سنة 1977م.
له أعمال كثيرة، ومشاركات في ندوات ومؤتمرات. وله ذكر حسن في العالم الإسلامي كله. وقد اختارته الكويت في سنة 2015م لكي يكون شخصية العام بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية عامذاك.
معروف بالوفاء لعمله ولأمته، ومتميز بعلمه وخلقه.
ولو تساءل سائل فقال:
ما الذي يدعوك إلى إثارة هذا الموضوع، وما هذا الحماس الذي يبدو من كِتَابَتِك؟
٭ واقع الأمر أنني لم أتردد في إثارة هذا الموضوع فور مشاهدتي لوقائع اللقاء. ولقد أثارني ما قاله د.الخشت كثيرا وأراحني ما قاله فضيلة شيخ الأزهر أكثر. وكنت قد بينت منذ البداية ما يدل على سبب حماسي لعرض هذا الموضوع بالصورة التي قدمتها له. ذلك أنني لا يمكن أن أغفل جانبا مهما من جوانب حياتنا الدينية، وهي الارتباط بما جاء في كتاب الله سبحانه، وفي أحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم. وأنني متأكد أن الخطاب الديني هو خطاب موحى به من الخالق العظيم، الذي بين فيه أصول الدعوة، وأنها تعتمد على الحكمة والموعظة الحسنة. ولذا فإنني أرى عن يقين أن من يدعو إلى تجديد الخطاب الديني فإنه يريد أن يحرف كلام الله لأنه هو الذي جاء لنا بالصورة الملائمة للخطاب الديني، وأمرنا باتباعها، وأي تغيير لهذه الصورة إنما هو من الأمور المخالفة لكتاب الله الكريم، ولهدي رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولقد أسعدني جدا سماع شيخ الأزهر وهو يتولى مهمته في إيضاح الحق ودحض الباطل، فقد قال في مداخلته الحق، حين فزع لدينه يرد على من حاول الطعن فيه، وإن كان يبدو بمظهر يدل على الرغبة في التجديد إلا أن القصد الحقيقي منه هو مسخ حقائق الإسلام، ومخالفة ما جاء في كتاب الله.
وأخيرا فإنني انتهز هذه الفرصة من أجل التعبير عن تقديري التام لهذه المؤسسة الإسلامية التي خرجت عددا كبيرا من العلماء المسلمين، ونشرت نور الإسلام في كل مكان، ثم إنها كانت تستقبل طلاب العلم من كافة أركان العالم الإسلامي، حتى إن المرء ليجد خريجيها في كل وطن تطؤه قدماه.
ولهذه المؤسسة الكريمة فضل كبير علي شخصيا، فقد درست المرحلة الأولى من دراستي في معهد الكويت الديني، وكان أساتذتي ينتدبون من الأزهر الشريف، وكان هؤلاء الأساتذة يتولون تدريسنا كافة المواد المتعلقة بالدين وباللغة العربية. ونحن نفخر اليوم بما تلقيناه عنهم أنا وزملائي، وتزداد صلة طلاب معهد الكويت الديني بالأزهر الشريف حين نصل إلى نهاية المرحلة الثانوية فنجد أن امتحانات السنة الأخيرة منها تأتينا من الأزهر، فكأن شهادتنا - آنذاك - شهادة أزهرية على الرغم من صدورها عن المعهد الكويتي.
كما تتأكد هذه الصلة حينما نجد عددا من الزملاء، وقد تخرجوا في هذه المؤسسة الدينية العريقة، وعادوا إلى الوطن وهم يحملون شهاداتهم، ومعها مسؤولية خدمة بلادهم ودينهم معا. وقد تولى عدد منهم أعمالا مهمة أثبتوا خلال قيامهم بها مقدرة فائقة.
أما بالنسبة لي، فقد اتجهت في دراستي الجامعية إلى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة. ولكنني كنت على صلة قوية بعدد من رجال الأزهر الشريف بل لقد حظيت بمعرفة عدد ممن تولى مشيخة الأزهر، فكانت لي صلة بكل من:
الشيخ محمد الفحام 1969م-1973م
الدكتور عبد الحليم محمود 1973م - 1978م
الشيخ جاد الحق علي جاد الحق 1982م-1996م
وكان الشيخ الإمام عبد الحليم محمود يلقي دروسا في الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم حين كنت طالبا بها وقد حضرت دروسه هذه واستفدت منها كثيرا. وبعد التخرج صارت لي علاقة متينة به، وسعدت بلقائه في الكويت حين زارها بدعوة من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
كما سعدت بصحبة الإمام جاد الحق علي جاد الحق، في لقاء كان مشاركا فيه، جرى في مدينة الدوحة عاصمة قطر، وكان هدف اللقاء هو تعريف غير العرب بالتراث العربي.
وأنا أعبر هنا عن اعتزازي بهذه الصلات، وافتخاري بها وهذا هو الختام.