كل اختيار مهما صغر يمكن أن يضعنا في كون آخر مختلف تماما، الوجود الإنساني تاريخ التنوع في الاعتقادات والمذاهب والآراء، هو ما يتماشى مع أهداف الخلق والوجود بحيث يثري الحياة الإنسانية والارتقاء بها نحو الأفضل.
قال تعالى (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير).
لم يأت وقت على بني البشر لم يكونوا فيه مختلفين، فقد كانوا على الدوام يحيون حياة التعددية والتنوع، الفكر القوي يصل إلى كل الساحات من خلال غناه وثرائه، لا من خلال وسائل المنع والحظر والاقصاء، الحرية الحقيقية هي أن تعيش حياة لا ترغم فيها على الاختيار.
الإنسان بصرف النظر عن دينه أو معتقده أو بيئته الثقافية والحضارية، يعتز بأفكاره ويدافع عنها ويسوق حسناتها، الإنسان ولد حرا مختارا. التنوع لم يحدث مصادفة وإنما هو من تخطيط وإبداع مبدع السموات والأرض عالم الغيب والشهادة الذي علمه فوق كل ذي علم والذي أتقن كل شيء خلقه، وأحسن صنعه وأتمه.
التنوع في الأذواق والعادات وأنماط العيش ثقافة بمفهومها العام، تنوع يضفي روعة وبهجة على الحياة الإنسانية.
البعض سجين أفكاره واختياراته في حالة من الانغلاق والجمود والتحجر، لا تجديد ولا تطوير، حق من حقوق كل إنسان وجدانيا وعقليا أن يتجه الجهة التي يرتضيها اقتناعا منه.
هذه الطبيعة ليست محصورة في إنسان دون آخر، أو بيئة ثقافية دون أخرى، فالإنسان بطبعه يريد ويتمنى ويتطلع لأن يحمل كل الناس أفكاره ويتبنى كل البشر الثقافة التي يتبناها، تتزاحم هذه الإرادات وتتناقض هذه الدعوات، فكل إنسان يعمل على تعميم ثقافته ونمطه الحضاري، ما يولد الصدام والمواجهة، وإن تعددت الأساليب، تبعا لطبيعة الثقافة وبيئتها الاجتماعية والحضارية وأولوياتها.
إنسانية الإنسان مرتبطة بعقله وبحريته بل هي نتاج هذا العقل وهذه الحرية، وتقدم أي مجتمع هو نتاج حرية تداول الأفكار وإطلاق طاقات الأفراد والمؤسسات.
ومع تطور الحياة والثقافة والمعرفة والتعليم صار البشر يتواجدون في المكان نفسه وهم مختلفون كل الاختلاف، وبالتالي أصبح أمر تقبل الآخر، والاعتراف بما يحمله من ثقافة وعادات وسلوكيات مقياس النضج الفكري والقاسم المشترك بين أفراد المجتمع الواحد، وإعلان الوصول لمرحلة متقدمة من الفكر.
من مبدأ «احترم اختلافك شرط أن تحترم مساري ولا تتقاطع معي ولا تستهدفني، التعامل معي سهل، أعطني احتراما أعطك ما هو أكثر».
كلما احترم الشخص اختلاف غيره زادت مساحة وعيه وفكره، تغيرت طرق تفكيره لرؤية طرق غيره بالتفكير والحياة، كل منا يحب أن يصنع حياته كما يعتقد وما يؤمن به.
علينا أن نعيد صياغة فهمنا لما ورثنا حتى نكون مؤمنين على حق بما نعتقد، لا مجرد تابعين لما ورثنا دون إعمال العقل، لكي نختار ونجد الحق والعدل، والخير والجمال، والتحضر والرحمة، والنبل والسمو.
الخلق خلق الله هو خالقهم وربهم ووكيلهم، ولستم أوصياء على عباد الله، فقد خلقنا أحرارا.
٭ عز الكلام: حيث لا توجد حرية الاختيار، لا يوجد ضمير.
[email protected]
Nesaimallewan@