المحرر الاقتصادي
رغم حالة الفوضى التي تزامنت مع خروج أميركا من أفغانستان، إلا أن حقائق الاقتصاد الأميركي غير متأثرة حاليا بالسياسة، فعلى عكس المشهد السياسي، يبدو المشهد الاقتصادي مختلفا كليا مع وجود نمو قوي في الأعمال والقطاعات بعد ضخ تريليونات الدولارات في الاقتصاد منذ بداية أزمة كورونا.
لكن المستثمرين في أميركا والعالم على موعد مع موجة جديدة من الارتفاعات في البورصات الأميركية، خصوصا بعد إقرار خطة بايدن التريليونية لتنشيط الاقتصاد والإنفاق على البنية التحتية والبرامج الاجتماعية وحماية البيئة.
وتعتبر هذه الخطة منفذا جديدا قد يدفع مجموعة من الأسهم والقطاعات لبدء دورة صعود جديدة بعدما أقر مجلس الشيوخ الأميركي مطلع أغسطس خطة الرئيس جو بايدن لاستثمار 1.2 تريليون دولار في البنى التحتية بعد ماراثون سياسي لاستقطاب تأييد الحزبين الجمهوري والديموقراطي.
كما فتح المجلس النقاش للتصويت على خطة جديدة بقيمة 3.5 تريليونات دولار للإنفاق على برامج اجتماعية وبيئية على مدار 10 سنوات.
وفي تفاصيل الخطة تكمن توقعات إيجابية لمجموعة من القطاعات وأسهم الشركات الأميركية المدرجة التي يتوقع أن تستفيد أنشطتها التشغيلية الرئيسية من الخطة التي تتضمن إنفاق 110 مليارات دولار على الطرق والجسور الجديدة و73 مليار دولار على شبكات الكهرباء و66 مليار دولار على شبكات السكك الحديدية ونحو 65 مليار دولار على شبكات الاتصالات فائقة السرعة من الجيل الخامس و55 مليار دولار على مشروعات المياه و39 مليار دولار لتحسين قطاع النقل.
وقد أشار بنك أوف أميركا في تقرير حديث له إلى استفادة قطاعات الصناعة المواد بشكل مباشر من التحسن المتوقع في البيئة التشغيلية المرتبطة بأنشطتها الرئيسية، وخاصة ان الإنفاق سوف يستمر لسنوات ما يمكن شركات القطاع من التوسع الاستثماري خلال تلك الفترة.
وقال بنك أوف أميركا ان المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتي تمثل الغالبية العظمى من سلاسل التوريد لقطاعي الصناعة والمواد سوف تكون من بين أبرز المستفيدين نتيجة ارتباط مبيعات تلك الشركات بدورات الإنفاق الرأسمالي.
حدد تقرير بنك أوف أميركا مجموعة من الشركات التي من المتوقع أن تكون من بين الأكثر استفادة من الخطة وأبرزها الشركات التي تعمل في تقديم خدمات الغاز الطبيعي، حيث تستفيد تلك الشركات من خطة البنية التحتية وكذلك خطط مواجهة التغير المناخي وحماية البيئة. واختار التقرير أسهم بعض الشركات المتخصصة في تقديم الخدمات لقطاع الإنشاءات والعقارات.
وعلى صعيد التصنيع ضمت القائمة شركات متخصصة في صناعة أشباه الموصلات في ظل أزمة سلاسل التوريد العالمية لتلك الصناعة الاستراتيجية التي تدخل في العديد من الصناعات وأبرزها السيارات والحواسب.
من ناحيتها، قالت وكالة موديز العالمية ان خطة تدعم البورصات الأميركية بشكل عام نظرا لآثارها الاقتصادية الإيجابية، حيث سينعكس ذلك على البيانات الاقتصادية التي تنعكس بدورها على أداء الأسهم وخاصة الأكثر حساسية للأداء الاقتصادي مثل البنوك والاستثمار.
توقعت الوكالة أن تدفع الخطة نمو الاقتصاد إلى 3.8% بحلول 2024 مقارنة مع 2.2% إذا لم يتم إقرار الخطة وكذلك انخفاض البطالة بنسبة 3.5% بحلول نهاية 2024. وتوقعت موديز بدلا من إضافة 11.4 مليون وظيفة في الوضع الحالي ستضيف الخطة 13.5 مليون وظيفة.
وعلى مدار العقد المقبل ستضيف الخطة 18.9 مليون وظيفة مقارنة بإضافة 16.3 مليون وظيفة بدونها.
رغم الرؤية الإيجابية للخطة إلا أن مصادر تمويلها من زيادة الضرائب على الشركات والأثرياء قد يؤثر على أرباح الشركات المدرجة وقدرة الأثرياء وبحسب التقرير السنوي لمعهد السياسات الضريبية والاقتصادية فإن نحو 55 شركة أميركية قد حصلت على خصم ضريبي بقيمة 3.5 مليارات دولار خلال العام 2020 وهو ما بطبيعة الحال انعكس على أرباح الشركات المدرجة القابلة للتوزيع على المساهمين.
مع ضخ نحو 5 تريليونات دولار في الاقتصاد منذ بدء أزمة كورونا لإنعاش الاقتصاد وتزامنا مع خطط بايدن لضخ المزيد من التريليونات تتزايد المخاوف من ارتفاع التضخم الذي أشار الاحتياطي الفيدرالي في محضر اجتماعه الأخير إلى مراقبته عن كثب وهو الأمر الذي قد يؤثر بالسلب على أداء الأسهم وخاصة في حالة رفع الفيدرالي للفائدة لكبح التضخم.