يحيى حميدان
بات اللاعب صاحب التسديدات القوية، أو كما يطلق عليه في اللهجة الكويتية «رجله صمخة»، عملة نادرة ومفقودة في ملاعبنا خلال السنوات الأخيرة، ما جعل نسبة الأهداف من خارج منطقة الجزاء في السنوات الـ 10 الأخيرة قليلة جدا.
ويعزى البعض افتقاد الأندية والمنتخب الوطني للاعب صاحب القدم القوية الى عدة أسباب، بعضها يتحملها المدربون في المراحل السنية والبعض الآخر يقع على عاتق اللاعبين أنفسهم الذين لا يعملون على تطوير قدراتهم في هذا الجانب.
«الأنباء» استطلعت آراء عدد من الخبراء في الكرة الكويتية للحديث عن هذه السلبية الواضحة في ملاعبنا.
كانت البداية مع نجم النادي العربي سابقا والمدرب أحمد خلف، الذي قال ان ميزة التسديد من مسافات بعيدة تتطلب توافر مجموعة من العوامل والأسس، والتي تعتمد على التدريب والموهبة والإمكانيات والفكر، وليس شرطا أن يمتلك اللاعب مثلا عضلات قدم قوية ليكون مسددا مميزا من مسافات بعيدة.
وأضاف خلف: «في الوقت الحالي نفتقد هذا اللاعب، وفي العصر الذهبي كنا نمتلك لاعبين كثرا مميزين مثل عبدالله البلوشي وفيصل الدخيل وأحمد عسكر، وربما آخر اللاعبين في الملاعب الكويتية كانا محمد جراغ وخالد خلف، وأنا شخصيا مع إتاحة الفرصة للاعبين للتسديد وأخذ المبادرة وحتى في حال طلب المدرب مثلا عدم التسديد، على اللاعب أن يسدد الكرة من مسافات بعيدة لأنها تعد من مفاتيح الفوز في المباريات وهو سلاح مهم تعتمد عليه أكبر الأندية والمنتخبات العالمية».
ورأى خلف أن موهبة التسديد من مسافات بعيدة تكون فطرية وتتطور عبر التدريبات اليومية، مشيرا إلى أن زميله السابق في النادي العربي بدر بوعباس كان يمتلك هذه الموهبة، وأذكر أنه كان يبقى عقب نهاية كل حصة تدريبية ليقوم بتسديد 40 إلى 50 كرة من مسافات ومناطق مختلفة من الملعب وهو ما ساهم في تطوره بهذا الجانب.
يعقوب: ضعف التأسيس
من ناحيته، أوضح لاعب ناديي خيطان والكويت سابقا ومدرب برقان حاليا أنور يعقوب أن الأسباب تعود إلى ضعف تأسيس اللاعبين في أعمار صغيرة وصقل موهبتهم في هذا الجانب، لافتا الى أن بعض المدربين - للأسف - لا يحرص على تعزيز قدرات لاعبيه في التسديد من مسافات بعيدة أو أمر آخر عقب نهاية الحصة التدريبية، ونرى أن المدرب لا يكذب خبرا انتهاء وقت التدريب ليغادر النادي سريعا وهو ما أنتج لنا جيلا يفتقد الكثير من المميزات.
وأكد يعقوب انه يحرص على منح الثقة للاعبيه في التسديد إذا ما سنحت الفرصة لهم، ولا ضير في المحاولة وعدم النجاح، مشيرا إلى أنه عندما كان مدربا لخيطان منح الثقة الكاملة للاعب مساعد الفوزان للتسديد وتخصيص تدريبات مضاعفة له للتدريب على التسديد والجميع شاهد إمكانيات الفوزان في التسديد واقتناص الأهداف من مسافات بعيدة.
وتابع يعقوب: «بعض الجوانب تتطلب العمل عليها منذ المراحل السنية، فمن الصعب مثلا أن أعلم لاعبا في الفريق الأول التسديد او حتى تعويده على البقاء في الملعب عقب انتهاء الحصة التدريبية لأنه اعتاد على مغادرة النادي سريعا ويضع حينها أعذارا كثيرة وهذا يعود لأنه اعتاد على هذا الأمر منذ المراحل السنية».
نصار: الاستحواذ السبب
بدوره، أكد نجم نادي الكويت والمنتخب الوطني سابقا، وليد نصار، أن طابع التدريبات والمباريات جعل اللاعبين لا يلجأون للتسديد وذلك لتركيز مختلف المدربين سواء الوطنيون أو الأجانب على تدريبات الاستحواذ والتمريرات القصيرة والاختراق، وهو ما جعل اللاعبين يعتادون على ذلك ولا يأخذون المبادرة في المباريات للتسديد حتى وان كان الفريق المنافس متكتلا في مناطقه الدفاعية.
وبين نصار أن اللاعب صاحب القدم «الصمخة» بات غائبا عن ملاعبنا وهناك كثير من المباريات كانت تتطلب وجود هذه النوعية من اللاعبين خاصة في مباريات «الأزرق» لتعويض بعض النواقص مثلا، مشيرا إلى ان اللاعب الكويتي حاليا ضعيف البنية وغير قادر على الفوز في الالتحامات الفردية أمام لاعبي المنتخبات المنافسة ولا يمتلك ايضا قدما قوية بسبب ضعف العضلات.
ومضى نصار قائلا: «أكثر ما جعلني أتميز في التسديد من مسافات بعيدة هو حرص المدربين آنذاك على منحي وقتا كافيا عقب التدريبات اليومية للتسديد من مسافات ومناطق مختلفة، وبالتأكيد مع مضاعفة الجرعات التدريبية في هذا الجانب بإمكان أي لاعب التطور إذا ما كان يمتلك الموهبة الفطرية، وفي الوقت الحالي أرى أن محترف نادي الكويت، المغربي مهدي برحمة، الوحيد المتميز في هذا الجانب وجميعنا شاهدناه كيف حاول وحاول إلى أن سجل هدفا جميلا في مرمى خيطان قبل أيام ونجح في فك تكتل الفريق المنافس ومنح الانتصار لفريقه».