تعد الثقة مفتاح النجاح لجميع العلاقات البشرية، كما تسهم في فتح أنشطة تفاعلية متنوعة تدعم الترابط الاجتماعي وتعزز الصحة الجسدية والنفسية، ولو تأملنا مسار مهنة الصيدلة في وقتنا الحالي، وبحسب استطلاعات الرأي العالمية، سنجد أن الصيادلة سواء أكانوا علماء أو أكاديميين أو ممارسين صحيين قد تم تصنيفهم ضمن أفضل 5 مهنيين محترفين موثوق بهم ويحظون برضا مرتفع عن الخدمات المقدمة، ما يشير إلى المستوى العالي لعلمهم وكفاءتهم في تقديم الرعاية الصحية، خاصة أنهم جزء لا يتجزأ من قادة التطوير العلاجي.
لذلك يعد الصيادلة من العناصر المهمة في المنظومة الصحية، فهم حراس الأدوية والرابط بين المجتمع والاستخدام السليم للأدوية، وهذا ما دعا الاتحاد العالمي للصيادلة إلى اختيار شعار «الصيدلة: دائما محل ثقة لصحتك» ليوم الصيدلي العالمي الحادي عشر والذي يوافق تاريخ 25 سبتمبر لهذا العام والذي يمثل فرصة لتعزيز دور الصيادلة في مجال تحسين الصحة.
الكفاءة العالية للصيادلة تدرجت مع سنوات الدراسة الجامعية العلمية الدقيقة في مجال الأدوية والعلاجات الدوائية، كما أن مهنة الصيدلة من المهن التي يحرص منتسبوها على التعلم المستمر ولمدى الحياة، مع القيام بالمزيد من التدريب الأكاديمي والمهني ليصبحوا أكثر تخصصاً.
ويتوج ذلك تميزهم بمهارات التواصل والاستماع الجيد للمرضى مع تقديم الحلول والإجابات المناسبة بمهنية عالية وسرية، فالصيادلة يجتهدون دائما لتوفير وقت للاستماع إلى احتياجات المرضى ما ساهم في بناء علاقات إيجابية مع المرضى تعكس الاهتمام الحقيقي بهم، والذي تعزز أثناء فترة جائحة كوفيد-19 من خلال الجهود الإضافية المبذولة والتي فرضتها الاستجابة الطارئة للجائحة، فإن ثقة المجتمعات في الصيدلة والصيادلة أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى، كما زادت ثقة الحكومات لإدارة الصيادلة للقاحات، إيجاد حلول لنقص الأدوية وتقديم خدمات موسعة أخرى، مثل إجراء المسحات وإعطاء جرعات اللقاح في بعض الدول، كل هذا ساهم وبشكل كبير في زرع بذور الاحترام والأمان والثقة لمهنة الصيدلة في المجتمعات.
إن الثقة المجتمعية بالصيادلة لم تأت من فراغ، فمهنة الصيدلة من المهن الصحية الخاضعة للتنظيم من قبل الجهات الرقابية والتفتيشية في الدولة والتي تقوم بالإشراف وتنفيذ معايير الممارسة وفقا لنطاق مزاولة المهنة المصرح بها وعلى مستوى منظمات دولية معنية بالمهنة والمجال الصحي.
جدير بالذكر، أن نطاق مزاولة مهنة الصيدلة أصبح أوسع من السابق ويتضمن وجود خدمات وممارسات جديدة تتناسب مع التطوير الكبير في مجال الأدوية وتعقيدها، فالصيدلي بشكل عام يعتبر أكثر مقدم رعاية صحية يمكن الوصول إليه بسهولة، لكونه يعمل في أماكن تفتح لساعات أطول من العديد من مرافق الرعاية الصحية، وهذه السهولة في الوصول ساعدت في إظهار مهاراتهم وكفاءتهم وعززت إيمان الفرد والمجتمع بهم.
ولقد دعمت جسور الثقة بين المريض والصيدلي، فهنيئا لزملائي وزميلات المهنة يومنا العالمي واحتفال العالم بنا، بوركتم وبوركت جهودكم، ومن ومض بريق إلى لمعان البريق في أفق مهنتنا وخدمة المجتمع.
* أستاذ مساعد في كلية الصيدلة - جامعة الكويت