كانت الساعة تقترب من السادسة مساء بتوقيت دمشق ديسمبر عام 1990 عندما بلغت بأن أراجع مكتب الأخ فهد اللافي «بوفواز» بالسفارة! دخلت عليه المكتب فأعطاني ورقة وقال لي اجلس ثم فتح ظرفا على مكتبه وسلمني رزمة دولارات وقال هذا المبلغ مخصصات رحلتك اليوم إلى لبنان لحجز أول طيارة من هناك إلى القاهرة ثم سلمني برقية التكليف بالمهمة، وقال يجب أن أصل القاهرة خلال يومين لحضور اجتماع مهم لوفد جمعية المعلمين مع وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء آنذاك المرحوم د.عبدالرحمن العوضي ووزير التربية آنذاك د.عبدالله الغنيم كما جاء بالبرقية! وبلغني تقدر تروح الليلة وتعمل حجوزاتك من بيروت ثم أمر أحد سواقي السفارة بتوصيلي إلى لبنان.
بالطبع جهزت نفسي بأقصى سرعة وعدت الى السفارة من أجل الانتقال إلى بيروت، وهنا التقاني الصديق عادل الراشد الذي كان متطوعا معي بالعمل في اللجان وأخبرته بالأمر فقال أنا معك ذاهب إلى بيروت لأمر خاص بالسفارة هناك، فكانت بداية الرحلة الطويلة من دمشق عبر بيروت ثم القاهرة لتستمر رحلتي بعد اجتماع القاهرة إلى طرابلس الغرب ثم تونس فالجزائر لتستقر الرحلة بعد ذلك في الدار البيضاء بالمغرب ومنها إلى روما فالعودة إلى القاهرة نهاية المطاف، بالطبع هذه الرحلة الشاقة بدأت من ليلة 27 ديسمبر1990 حتى يوم 5 يناير 1991 اليوم الذي تم فيه تحديد اجتماع لكل الزملاء بالوفد مع د.عبدالله الغنيم قبل المهمة المستهدفة إلى صنعاء بتاريخ 13 يناير1991 والذي يسبق يوم الإنذار العالمي بالهجوم على بغداد!
وذلك لحضور اجتماع اتحاد المعلمين العرب هناك والذي كان من أهم الاجتماعات بالنسبة لنا في ذلك الوقت والكويت تحت الاحتلال «العراقي»! واليمن وتونس والجزائر والعراق وليبيا موقفهم واضح لدينا آنذاك، السياسي والمهني والنقابي، وهنا يتأكد لنا موقف القيادة الكويتية السياسية آنذاك وبالأخص من المغفور له سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله «رحمه الله» الذي كان متابعا لهذه المهمة خطوة بخطوة وبكل تفاصيلها الدقيقة كما نقل لنا ذلك معالي الدكتور عبدالله الغنيم!
بالطبع الرحلة تخللتها أحداث كثيرة سواء معنا نحن أعضاء الوفد المكلف برصد الموقف لدول المغرب العربي وكذلك للزملاء أعضاء الوفد المكلف بدول المشرق العربي! والرحلة ستظل عالقة بالذاكرة، ويمكن أن نكتب عنها بالتفاصيل الدقيقة في وقت آخر ربما يكون بالذكرى الحادية والثلاثين لتحرير الكويت التي كانت هي الهدف الأسمى لنا من تلك الرحلة من اجل الكويت! بالطبع الزملاء الأفاضل الذين شاركوا في تلك الرحلة ستظل عالقة بفكرهم تفاصيلها وهنا نترحم على كل الذين عاصروا تلك المهمة الوطنية ونطلب لهم الرحمة والمغفرة لأنهم كانوا شركاء لنا بهذا الحصاد الوطني! نعم إنها الرحلة التي ستظل محفورة بالذاكرة لا تغيب تفاصيلها…. والحمد لله على نعمة الحرية والاستقلال ونعمة المكاسب والدروس الوطنية التي تعلمناها من هذه التجربة الرائعة!