لاتزال حركة الشعر في الدول العربية بطيئة التنامي بشكل كبير، فهي لم تعد كسابق عهدها على الرغم من توافر كل الإمكانيات إلا أن إيقاع الحياة اليوم هذا فضلا عن إهمال جانب الشعر والثقافة من قبل الدول العربية كان له أثر كبير في التأثير سلبا بوجدان الشعراء، فنجد انهم غالبا محبطون ولا يبدعون كما في السابق.
فالشاعر والأديب بحاجة إلى تشجيع المجتمع له وتفاعلهم معه حتى يتمكن من الإنتاج، فلا أحد يملي على الشاعر أبياته بل هو يتحدث بوجدانه وبما يشعر به ومن نسيج خياله، فتجد ان مشاعر الشاعر والأديب غالبا ما تظهر في إنتاجهم الفكري، فإذا غضبوا يكون الغضب والحزن مسيطرا على مشاعرهم وإذا أحبوا ظهر الحب في قصائدهم وهكذا.
واليوم أولى أساسيات إعادة ثقافة الحب والتفاهم والتسامح والتقارب بين شعوب العالم والتوليف بينهم ونبذ الشحناء والبغضاء وتهدئة النفوس ليستقر العالم، هي بإعادة الدور البارز للشعراء والأدباء لأنهم هم في الحقيقة من لهم التأثير في فكر الأفراد أينما وجدوا.
وقد يكون ذلك الأمر ممكنا من خلال تأسيس مجلس للشعراء والأدباء مقره في بغداد لأنها صاحبة الريادة في الأدب والشعر منذ قديم الزمان، هذا فضلا عن أنه لا أحد ينافس شعراء العراق في شعرهم فهم مبدعون وكلماتهم تصل إلى القلب مباشرة، فلا أحد يهز وجدان المتلقي كما يهزه شعراء العراق بشعرهم، فالشاعر العراقي يعرف كيف يعبر في شعره عن ألمه وحزنه والعواصف التي تجول في قلبه بكلمات أشبه بالسحر على من يسمعها أو يقرأها فهم الأفضل في الوطن العربي، وعليه كل ما نحتاجه هو أن يعمم شعراء العراق تجربتهم وتكون لهم الريادة في هذا الجانب حتى يتأثر بهم بقية شعراء العرب وتنهض الحركة الشعرية والأدبية لدينا.
فكثيرا ما نتحدث عن ضرورة دعم الشعراء بصورة أكبر مما هي عليه اليوم، لأن القصيدة مؤثرة في كل جوانب حياتنا، فهي تؤثر في كل المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، فمن ينسى قصائد المتنبي وأبوتمام وكتابات الجاحظ وتأثيرها على كل الجوانب في ذلك العصر.
فاليوم نريد أن تنعم مجتمعاتنا بالأمن والاستقرار مع نزع بذور العنف والجريمة التي تفشت في مجتمعاتنا وذلك بأن نحدث العقل والوجدان وان يلهب الشعراء قلوب الأفراد بكلماتهم التي تزرع الرحمة والأمل والطمأنينة في قلب المتلقي.
وقد تكون أول المجتمعات التي تعاني من العنف وإسالة الدماء والجريمة هو المجتمع العراقي، فكم عانى العراقيون من العنف والجريمة حتى ان ما يحدث لديهم بات يصدر لدول الجوار وهذا أمره خطير.
فنحن بحاجة لرسم البهجة والفرح لإعادة ثقافة الحب، فهل يعقل أن نجد أزواجا يقتتلون ويسيلون دماء بعضهم البعض، هذا فضلا عن المحاكم والقضايا وكشف عورات الأسر أمام الغرباء وافتقاد اللهفة والحب بين الزوجين.
كل هذا الجفاء وكل هذا الشر الذي بات يسكن في قلوب الأفراد لن يداويه سوى الأدباء والشعراء لأنهم سيشجعون الناس على الحب والشوق والغزل، وهذا بالتأكيد سيعيد استقرار الأسر فتقل معدلات الجرمية والطلاق.
من جانب آخر، إشعال الحماس الوطني والغزل بالأوطان لا يقدر عليه سوى الأدباء والشعراء، لنعلم الأجيال كيف يكون لهم ولاء لدولهم فتقل معدلات الخيانة التي مع الأسف نخجل أن نقول إنها بازدياد، فقيم كثيرة نحن بحاجة لأن نربي الأجيال عليها؛ علّنا ننقذ ما نتمكن من إنقاذه ونعيد البهجة إلى شعوبنا.