هناك مقولة نتذرع بها دائما، ألا وهي «إن الله جميل يحب الجمال»، وعادة وبشكل عام، ان أراد الناس أن يصفوا شخصا ما، اما ان يصفوه بجمال شكله أو العكس، وهنا وفى كلتا الحالتين نحن نتحدث فقط على ما نراه بأعيننا، اي حين نتكلم عن الجمال ونصفه، يعتبر كلامنا عن هذا الجمال بأنه شيء نسبي لا غير، فليس كل ما يلقى إعجابنا بالضرورة بأن يعجب غيرنا، وليس بالضرورة بأن يكون هذا الجمال ظاهرا وباطنا، او شكلا وموضوعا! لذلك لازال مفهوم الجمال لدى الاغلبية مبنيا على مقياس خاطئ.
فيجب عندما تتذكر المقولة اعلاه، علينا أن نقرنها ايضا بـ (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)، وهنا يخبرنا الله عز وجل في آيته أننا جميعا خلقنا وبلا استثناء في أحسن تقويم، إذن ما الذي يجعل البعض يصف غيره بوصف لا يليق ويجرحه؟! او يهيم بجمال شخص آخر وبكلماته يفرحه؟! فنحن هنا نحكم على هذا الشخص من مظهره فقط، وركنا تماما اخلاقه، روحه، صفاته، طباعه، باطنه وجوارحه.
والجمال ليس فقط جمال الوجه أو الجسد، او حتى جمال ما يقتنيه الشخص ويلبس، بل الجمال هو ذلك الذي ينبع من الروح التي تعكس على صاحبها ومن حوله، وكما قيل: «ربما يبعث الضياع صورة الجمال القديم الذي كانت العين غافلة عنه والأصل قائم»، وقيل ايضا «واما الأرواح فيستحيل ان تتنافس في الجمال ولا في الذكاء والنقاء.. لأن كل الارواح الجميلة لابد وان تكون ذكية ونقية من تلقاء نفسها».
فكم من الرائع لو عودنا أنفسنا بأن نحكم على غيرنا عن طريق مخبرهم لا جمالهم ولا جمال مظهرهم، والا يقع اختيارنا للأشخاص على محور واحد فقط، ذلك لأننا لم نخترهم لنتمنظر بهم، او لنسد فراغا اجتماعيا من خلالهم! بل من المفترض أن ينبع اختيارنا في الأساس على روحهم ودماثة طباعهم.
فالروح وحدها هي من تجعلك إما أن تكون أنيقا وناصعا في أعين الناس، أو دميما وكريها، وهى ما تجعلك فائق الحسن جميلا، أو إلى اقل درجات الجمال تهبطك، فيضطر كل من يراك بأن يصفك بكلمة الباري سبحانه وتعالى، لم يخلق هيئتنا عليها «القبح»، ونحن منها براء، لكنك انت من وضعت نفسك في هذا الموضع، بتدني أخلاقك، وسوء روحك وطباعك.
اختر من إذا سكنت روحه، سيسكنك فيها بصدق، دون كلل منك او ملل، اختر من سيكون معك في الخيبة والضرر، قبل التوفيق واليسر، سواء في تكوين صداقاتك او في دائرة علاقاتك او معارفك الاجتماعية واصحابك.
وكن على يقين تام، بأن كلما تعمقت نظرتك التي ترغبها وتصبو إليها، على تلك النقطة بصورة اكبر، وتجاهلت في المقابل عن كل ماهو اهم وأقيم، ستعرف مع مرور الأيام كم هي سطحية نظرتك! والتي لن تجديك نفعا أبدا.