تعرض حزب النهضة الإسلامي التونسي لانتكاسة كبيرة أمس هي الخطر منذ تأسيس الحركة، حيث استقال العشرات من أعضائه من بينهم نواب ووزراء سابقون وقيادات من الصف الأول أمس، احتجاجا على أداء القيادة في أكبر ضربة للحزب الذي يواجه انقسامات غير مسبوقة، أججتها الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد قبل نحو شهرين وتقضي بحل الحكومة وتجميد عمل البرلمان الذي تحظى النهضة بأكبر حصة من المقاعد فيه.
وأعلن 113 من قياديي ونواب وأعضاء بحركة استقالة جماعية من الحزب بسبب ما اعتبروه خيارات سياسية «خاطئة».
وكتب المستقيلون في بيان «لقد أدت الخيارات السياسية الخاطئة لقيادة حركة النهضة الى عزلتها وعدم نجاحها».
ودعوا في البيان الذي نشروه على موقع فيسبوك أن تتحمل «القيادة الحالية لحركة النهضة المسؤولية الكاملة فيما وصلت إليه من عزلة وقدرا هاما من المسؤولية فيما انتهى إليه الوضع العام في البلاد من ترد».
وجاءت الاستقالات اثر إصدار سعيد الأربعاء الماضي أمرا رئاسيا أصبحت بمقتضاه الحكومة مسؤولة أمامه في حين يتولى بنفسه إصدار التشريعات عوضا عن البرلمان الذي جمدت أعماله قبل شهرين. وأقال الرئيس حينها رئيس الحكومة هشام المشيشي.
وبين المستقيلين من قيادات الصف الأول الوزيران السابقان سمير ديلو وعبداللطيف المكي، ومحمد بن سالم و8 نواب فضلا عن أعضاء بمجلس الشورى وأعضاء من مكاتب المحافظات، وعدد من أعضاء البرلمان المعلقة مثل جميلة الكسيكسي والتومي الحمروني ورباب اللطيف ونسيبة بن علي، وعدد من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي مثل آمال عزوز.
واعتبر المستقيلون ان تراجع دور البرلمان كان «بسبب الإدارة الفاشلة» لرئيسه راشد الغنوشي الذي «رفض كل النصائح».
وكان الغنوشي رئيس الحركة ورئيس البرلمان المجمد أقر في مقابلة مع وكالة فرانس برس بمسؤوليات حزبه في الأزمة السياسية في البلاد.
وقال: «نتحمل بالتأكيد (المسؤولية)، النهضة لم تكن في الحكم ولكن دعمنا الحكومة رغم مآخذنا عليها قبل 25 يوليو».
ودعا الغنوشي ردا على قرارات سعيد إلى «النضال السلمي» ضد «الحكم الفردي المطلق الذي قامت الثورة ضده».
وانتقد المستقيلون من الحركة «انفراد مجموعة من الموالين لرئيسها بالقرار داخلها ولم يبق شأنا حزبيا داخليا بل كان رجع صداه قرارات وخيارات خاطئة أدت الى تحالفات سياسية لا منطق فيها».
وأضافوا ان بالإضافة إلى ذلك «ساهمت التحالفات البرلمانية غير السليمة في مزيد من ضرب المصداقية اذ دفعت للمصادقة على قوانين تحوم حولها شبهات».
وبالعودة إلى قرارات سعيد، كان الاتحاد التونسي للشغل أكبر التجمعات المهنية، أكد ان احتكار الرئيس سعيد تعديل الدستور والقانون الانتخابي خطر على الديموقراطية. وحذر بيان للاتحاد من مخاطر حصر السلطات في يد الرئيس في غياب الهياكل الدستورية.
وأعرب الاتحاد عن رفضه استمرار التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس وتحويلها إلى حالة دائمة.
وأضاف أنه لا يوجد حل للأزمة في البلاد سوى بالحوار.
من جانبه، قال فريق الرئيس التونسي إن البلاد تمر الآن بمرحلة استثنائية، وليست في نظام رئاسي، مشيرا إلى أن الدستور سينقح لإصلاح الخلل في توزيع السلطات.
هذا، ووصفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» (Human Rights Watch) الحقوقية قرار سعيد الحكم عبر المراسيم بأنه يشكل أخطر تهديد مؤسسي للديموقراطية بالبلاد.وقالت إن ديموقراطية تونس البالغة من العمر 10 سنوات تعيش أكثر لحظاتها خطورة.