بمناسبة حديث سمو رئسس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد وتأكيده أن الحكومة باشرت تقييم القياديين لقياس أدائهم، مبينا أن مركب الحكومة «لن يتسع لأي قيادي لا يمتلك القدرة الفنية وغير قادر على تحمل أعباء المسؤولية خلال المرحلة المقبلة»، اخترت موضوع هذه المقالة، وهي موجه لكل من يتحمل مسؤولية بشكل عام وللقياديين بشكل خاص.
إحدى طرق الإدارة والقيادة التي درستها هي ما يسمى «القيادة بالقدوة» Leading by example، فعندما يدعو المسؤول الموظفين للالتزام بوقت العمل فتجده أول من يلتزم، وعندما يأمر الأب ابنه بترك التدخين فتجد الأب لا يدخن، وعندما ينتقد الشخص غيره لفعل ما تجده لا يفعله، وغيرها من أمثلة.
وقد ذكر هذا المعنى قبل 1400 سنة من قبل الخليفتين الراشدين عمر وعلي رضي الله عنهما، فقال عمر رضي الله عنه «إن الناس لم يزالوا مستقيمين ما استقامت لهم أئمتهم وهداتهم»، وقال علي بن أبي طالب لعمر بن الخطاب: «عففت فعفت الرعية ولو رتعت لرتعت»، والأمر غير محصور على الحاكم، أو القائد، أو الملك، أو المسؤول، بل يبدأ بالفرد، والطالب والموظف والأب والمدير والوزير، فلنكن قدوة لغيرنا أينما صرنا أو كنا وبغض النظر عن موقعنا الاجتماعي، أو المالي، أو الوظيفي، أو العلمي.
ماذا يعني أن تكون قدوة يحتذى بها بالقيادة؟ القيادة بالقدوة تعني أنك توجه الآخرين من خلال سلوكياتك وتلهمهم ليفعلوا نفس الشيء مثلك.
عندما تقود بالقدوة، فإنك توفر مسارا لتوجيه الآخرين حتى يعمل الجميع نحو هدف مشترك، والحصول على مكان عمل مليء بالثقة.
تحدد تصرفات القائد المعيار للسلوك المقبول والمطلوب في مكان العمل، وكيفية تصرف أعضاء الفريق كردة فعل. ما تعتبره القيادة مقبولا، سواء كانت ممارسات جيدة أو سيئة، ينعكس ذلك على ممارسة الموظفين.
على سبيل المثال، إذا كان القائد يحضر دائما في الوقت المحدد للاجتماعات، فيجب أن يفهم الموظفون أن هذه الممارسة متوقعة منهم.
من ناحية أخرى، إذا كان القائد لا يتواصل مع موظفيه، فقد تلاحظ أن مكان العمل يصبح منعزلا ولا يسود فيه جو من التعاون.
من أعظم الطرق للقيادة بالقدوة هي بناء أساس من الثقة. أفضل مكان للبدء بذلك هو تنفيذ وعودك.
يوضح هذا للفريق مستوى التزامك ويساعدهم على وضع ثقتهم فيك كقائد. قد تجد أنهم أكثر استعدادا لطرح الأسئلة وتحمل مسؤوليات إضافية وأن يكونوا أكثر تفاعلا في الفريق.
إذا شعر الموظف بأنه لا يمكنه الوثوق بقائده، فقد يشعر بعدم الانخراط ويكون غير منتج. يعمل القادة الأكثر فاعلية جنبا إلى جنب مع فريقهم. حتى لو كان لديك مكتب خاص بك، اقض الكثير من الوقت خارجه حتى يشعر موظفوك أنك جزء لا يتجزأ من الفريق.
كلما قمت بالعمل معهم، زاد فهمك لمهاراتهم الفردية ومهامهم ومشاريعهم التي يعملون عليها والتي ستساعدك على القيادة بشكل أفضل والإجابة على أسئلتهم وتوجيههم نحو النجاح.
إذا كنت تعمل عن كثب مع فريقك، فسوف تبني الثقة معهم وتعزز معنويات الفريق. فائدة أخرى للعمل جنبا إلى جنب مع فريقك هي أنه سيكون لديك معرفة أكثر عمقا بأي صراعات. يمكنك بعد ذلك العمل على الحلول التي يحتاجونها لتحسين عملهم.
يكتسب القائد أيضا الثقة من فريقه إذا كان يتمتع بالمصداقية ويلتزم بكلامه ويسعى بنشاط لإيجاد حلول لأية مشاكل في مكان العمل.
كنتيجة لذلك في كثير من الأحيان، سيجتمع لك الاحترام والثقة معا، حيث يحترم الموظفون كيفية قيادتك ويثقون في أفعالك وكلماتك. وسنكمل أن شاء الله الحديث في المقالة اللاحقة عن كيف تكون قائد بالقدوة.