- الكويت تترقب عودة الشيخ أحمد الجابر و300 سفينة تتهيأ لبدء رحلة السفر
- إنشاء خط جوي مباشر بين الكويت ولبنان وتزايد نطاق العمل في شركة نفط الكويت
- تشييد مبنى دائرة المعارف واتساع عمل المطار وأول فرقة للإطفاء في البلدية.. بآلات جديدة
- ديسمبر 1947 شهر فلسطين في جميع البلدان وأبناء الكويت يهبّون لجمع التبرعات ونجدة إخوانهم
- المدرسة الشرقية كانت محط أنظار المواطنين واهتمام حكومي كبير بالتعليم والمسيرة التربوية
- المستر إيدن يزور الكويت في فبراير 1948 وبداية واعدة لأنشطة رياضية متعددة في كل المدارس
نتابع هنا الموضوع الذي بدأنا عرضه في الحلقة الماضية، وسنرى تتابعاً تاريخياً في بعض الأمور إلى أن نصل إلى موضوعات أخرى مختلفة. وهذا الفصل سيكون كالآتي:
1 - الكويت في شهر سبتمبر لسنة 1947م.
2 - الكويت في شهر نوفمبر لسنة 1947م.
3 - الكويت والأنشطة الأخرى 47 - 1948م.
4 - من أبناء الكويت في سنة 1948م.
5 - مع اللهجة الكويتية.
وهذا هو تفصيل ما تقدم:
1 - الكويت في شهر سبتمبر 1947م
نحن الآن في شهر سبتمبر لسنة 1947م، والكويت تترقب عودة أميرها الشيخ أحمد الجابر الصباح الذي غادرها في السادس والعشرين من شهر أغسطس في رحلة بحرية إلى الهند، ويتابع الكويتيون رحلة الأمير التي بدأت بالبحرين ثم كراتشي، حيث استقبله محمد علي جناح رئيس دولة الباكستان ثم بومباي، حيث التقى الجالية العربية هناك، وكان من المقرر أن يزور مسقط في رحلة عودته من الهند وهي تبدأ في السابع من شهر أكتوبر لسنة 1947م، وقد قام بزيارتها فعلا.
***
وانتهى الصيف في الكويت مع بداية شهر أكتوبر، وبنهايته انتهى موسم الغوص على اللؤلؤ الذي كانت له أهميته بالنسبة للبلاد لما يوفره من فرص عمل وموارد رزق، وهنا تتهيأ السفن ويستعد البحارة للقيام برحلتهم المعروفة باسم (السفر) وهي رحلة من رحلات تستفيد منها البلاد كثيرا في تجارتها، وفي صلاتها مع الدول الأخرى، وتُقدَّر أعداد السفن المشاركة في رحلة السفر لهذا العام (1947م) بنحو ثلاثمائة سفينة، حمولة كل منها ما بين ثلاثمائة وأربعمائة طن، وهي تتجه عادة من الكويت إلى العراق حيث يجري تحميلها بالتمور، ثم تبحر إلى الهند والبحر الأحمر وأفريقيا.
ومع النشاط البحري الذي أشرنا إليه بدأ نشاط من نوع آخر في مجال المواصلات وهو نهوض حركة الطيران، فقد أنشئ في هذه الفترة خط جوي مباشر يربط الكويت بالجمهورية اللبنانية، وبدأت الزيارات في الازدهار بين أهالي البلدين، ونقلت الطائرات إلى الكويت فواكه لبنان التي استبشر الأهالي بوصولها إليهم.
***
وفي تقرير يتعلق بالنشاط التجاري في البلاد، يلاحظ أن نطاق العمل في شركة نفط الكويت قد صار يتزايد بحيث لم يعد عدد العمال الكويتيين كافيا لسد حاجة الشركة ما اضطرها إلى جلب أعداد من العمال من خارج البلاد، ومع النشاط النفطي، وتوافر الأعمال، واتساع مجال الرزق للمواطنين وللوافدين على حد سواء، فإن الأمور المادية قد بدأت تسير إلى اليُسر، وانخفضت أسعار الحاجيات المعيشية قليلا، وارتفعت أسعار العقارات والأراضي وإيجارات المساكن، وصار المقتدرون يقبلون على البناء في شتى نواحي البلاد.
هذه ملاحظات عن الحياة في الكويت إبان شهر سبتمبر لسنة 1947م، وهي توحي بأن البلاد تسير بخطى حثيثة نحو مستقبل زاهر.
2 - الكويت في شهر نوفمبر لسنة 1947م
نحن الآن في شهر نوفمبر لسنة 1947م والكويت تستقبل في أيامه ضيوفا من البحرين، كان على رأسهم الشيخ عبدالله الخليفة رئيس المعارف هناك في ذلك الوقت.
وقد أقامت دائرة معارف الكويت حفلا كرمت به الضيوف، أقيم في المدرسة الشرقية، وقُدِّم فيه الشاي، وألقيت كلمات الترحيب، كما ألقى عدد من الشعراء قصائد بهذه المناسبة كان منهم الأستاذ الشاعر أحمد السقاف.
وفي هذا الوقت، قام الشيخ عبدالله السالم الصباح بالسفر إلى الهند، وفق عادة كانت له، واستمر فيها إلى وقت طويل بعد ذلك، وكان يرتاح إلى هذا البلد، وله فيها علاقات طيبة مع أهلها ومع الجالية الكويتية والعربية التي تعيش هناك.
وقد صادف في هذا الوقت - أيضا - مرور ذكرى الهجرة النبوية الكريمة، وكانت دائرة معارف الكويت قد اعتادت الاحتفال بها كل سنة بحفل كبير، ولم تتردد في هذه السنة، فأقامت حفلا كبيرا هو الآخر مُثلت فيه رواية الهجرة، وألقيت كلمات بالمناسبة شارك في إلقائها عدد من المدرسين، وعدد آخر من رجال المعهد الديني مثل الشيخ علي حسن البولاقي، وألقى بعض الطلاب المدارس كلمات يمثلون فيها مدارسهم المختلفة ويعبرون فيها عن فخرهم بهذه المناسبة.
***
لا تزال الكويت تتابع نشاطها التنموي، وتسير في كل يوم خطوة في هذا السبيل، ومن ذلك قيام دائرة المعارف ببناء مبناها الخاص المتميز الذي شغلته الدائرة ثم وزارة التربية، وهو الذي كان بقرب مسجد ملا صالح على شارع فهد السالم، وكان مبنى جميل الطراز، ولكنه هدم بعد أن أدى الغرض من إنشائه وأصبح لا يفي بحاجات وزارة التربية، فهناك فرق كبير بين طبيعة هذا المرفق في فترتي الأربعينيات والستينيات.
أما في مجال الاتصالات الخارجية فقد اتسع مدى عمل مطار الكويت ليشمل في خدمته بعد لبنان سورية التي أصبحت تتصل بالكويت عن طريق هذا المرفق، وصار أبناء البلدين يتبادلون الزيارة والتجارة وفق اتفاق بينهما.
وبدأت في هذه السنة أعمال أول فرقة للإطفاء قامت بإنشائها بلدية الكويت، وكانت قد أوصت على آلات جديدة لهذا الغرض.
وهناك كثير من الأعمال التي بدأت تظهر للعيان في مختلف المجالات بحيث لا يمر وقت قصير حتى يجد المرء واحدا منها، فالكويت تسير - دائما - إلى الأمام.
3 - الكويت والأنشطة الأخرى 1947 - 1948م
كان شهر ديسمبر لسنة 1947م هو شهر فلسطين في جميع البلدان العربية التي قابلت فيه قرار الأمم المتحدة الخاص بتقسيم فلسطين بموجة من السخط والاستنكار، ولم تتخلف الكويت عن أخواتها العربيات فهبت منتصرة للشعب الفلسطيني في محنته، حيث أهاب المسؤولون بجميع القادرين من الكويتيين لأن يهبوا بما يقدرون عليه من المؤازرة، وقد استجاب أبناء الكويت إلى هذا النداء، ولبوا داعي الواجب، فتألفت لجنة لمساعدة فلسطين بجمع التبرعات، وعملت على أن يشترك كل كويتي بما في قدرته في هذا المجال، وبدأ جمع التبرعات في مقر بلدية الكويت، حيث بادر الناس إلى البذل، وقد نشرت جريدة الدفاع الفلسطينية في ذلك الوقت أن الشعب الكويتي قد أسهم في استنكار تقسيم فلسطين، وأنه قد تم جمع نحو نصف مليون روبية حتى الآن، وأنه من المنتظر أن تتبرع مالية الكويت كذلك بمبالغ أخرى لمساعدة فلسطين.
***
كانت المدرسة الجديدة التي أنشئت في سنة 1947م، وهي المدرسة الشرقية، محط أنظار الكويتيين، وكان زوار الكويت يقصدونها للاطلاع على مزاياها، فقد زارها في ديسمبر من هذه السنة مدير المعهد الثقافي البريطاني في القاهرة مستر هايوود، الذي زار عددا من مدارس العاصمة والقرى، وقد أبدى إعجابه بحالة التعليم في الكويت، وكان عند زيارته للمدرسة الشرقية مصحوبا بمدير المعارف، وبالمعتمد البريطاني في الكويت.
وزار المدرسة الشرقية أيضا في الوقت المذكور اثنان من مهندسي شركة نفط الكويت للنظر فيما اذا كانت هذه المدرسة تصلح لإعداد قسم صناعي بها، يكون نواة لمدرسة الصناعات الأولية التي قرر مجلس المعارف إنشاءها في سنة 1946م، وذلك لتزويد الكويت بعدد من الصنّاع الفنيين من أبناء البلاد.
ومن الأمور المتعلقة بالمدرسة الشرقية - دون غيرها - أن دائرة معارف الكويت كانت تسعى في ذلك الوقت إلى إنشاء مسرح ثابت بالمدرسة بعدما تبين لهذه الدائرة ضرورة توافر مثل هذا المرفق نظرا لتزايد النشاط المدرسي وتعدد فنونه.
وهكذا تسير الكويت من نشاط إلى آخر مع تنامي المسيرة التنموية فيها بحيث تغطي كل المجالات، ولعلنا نلاحظ هنا مدى اهتمام الحكومة بالتعليم، ورغبتها في أن يكون على أحسن وجه بحيث يؤدي إلى تخريج رجال يفيدون وطنهم.
4 - من أبناء الكويت في سنة 1948م
في شهر فبراير لسنة 1948م زار الكويت رجل من رجال السياسة البريطانية الكبار هو المستر إيدن، وهو من مشاهير العصر، فقد كان بارزا في المجال السياسي حتى وصل إلى مرتبة رئاسة الوزارة البريطانية، وذلك في سنة 1956م إبان حرب السويس التي شنتها بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر.
وكان إيدن عندما زار الكويت بعيدا عن هذا الأمر، بل وكان بعيدا عن العمل الحكومي، زار هذا الرجل - أثناء زيارته للكويت - شركة النفط في الأحمدي، وتشرف بزيارة الشيخ أحمد الجابر الصباح الذي رحب به وأهداه سيفا ذهبيا، وأقراطا ثمينة لزوجته، وغادر إيدن البلاد بعد أن أمضى فيها يومين في ضيافة الشركة.
وفي هذا الوقت تمت في الكويت أنواع من النشاط المدرسي كان منها الاستعداد لقيام فريق التمثيل بالمدرسة الشرقية التي كانت جديدة في ذلك الكويت لكي يبدأ نشاطه بإحدى المسرحيات التي سيقدمها على المسرح الذي تم بناؤه في المدرسة.
وتم تبادل الزيارات الطلابية بين أنباء الكويت وأبناء البحرين. وقد تكررت أمثال هذه الزيارات مع دول عربية أخرى تم خلالها التعارف بين أبناء العرب في كل زيارة يتم القيام بها بينهم، وقد صارت هذه الوسيلة للتعارف والتقارب عملا من أعمال دائرة المعارف الذي لم تتخل عنه ضمن أنشطتها الطلابية في مدارسها المختلفة.
وكانت سنة 1948م التي نتحدث عنها بداية لأنشطة رياضية متعددة في كل المدارس، حيث خصصت دائرة المعارف كأسا لهذه الغاية، وأصبح أبناء المدارس كلها يتبارون عليه في كل أنواع الرياضة من الكرة الطائرة إلى كرة السلة، إلى الفريق الخاص، وقد كانت هذه البداية هي السبب في النمو الذي نراه الآن في كل الأنشطة الرياضية في الكويت.
وفي تقرير كتبه الأستاذ محمد صبري السعدي عضو البعثة التعليمية في الكويت في تلك السنة جاء أنه بُدئ أولا في وضع الأساس الذي ترتكز عليه هذه المادة، مادة التربية البدنية، وهو إعداد المعلم الصالح المدرَّب، فانتخب بعض المعلمين الكويتيين ذوي الاستعدادات اللازمة، والذين يميلون إلى هذه الناحية، ومارسوها أيام دراستهم، وأعدت لهم دراسات خاصة في نظريات التربية البدنية، وطرق التدريس الحديثة، ومن هنا بدأ هذا النوع من النشاط على أساس متين.
5 - مع اللهجة الكويتية
هنا مجال الحديث عن اللهجة الكويتية من حيث النظر في مدى اتصالها باللغة الفصحى، ومن حيث تبيان ضرورة الحرص على التمسك بها وعدم إضاعة ألفاظها، وذلك كما يلي:
أ - ط.ل.ع:
لفظ: أطالع ومعناها أبصر الشيء واللفظ يردد في الفصحى والعامية.
ب - ب.غ.ي:
بغيت ومعناها أردت.
ومنها في القرآن الكريم: سورة يوسف: (يا أبانا ما نبغي) وهي في العامية كذلك.
ج - ش.م.خ:
شمَّخ فلان صاحبه: أصاب وجهه بجروح في وجهه بأظافر أصابع يديه. في اللهجة والفصحى معا.
د - ل.زم:
يقال لَزَّمْتُ على فلان بعمل كذا، بتشديد الزاي المفتوحة، أي أجبرته على هذا العمل. وهو من الألفاظ المشتركة.
هـ - م.ح.ن:
الميحان الوقت والأوان، يقال هذا هو ميحان عودتنا، أي وقت رجوعنا.
واللفظ دارج في الفصحى واللهجة العامية.
و - ر.ي.ق:
الريوق في اللهجة وفي الفصحى هو أكل الصباح.
ز - ح.و.ش:
حَوَّشَ: معناها جمع، يقال: حَوَّشتُ مبلغا من المال أي جمعته.
وفي اللهجة أيضا لفظ مشابه هو قولهم: حواش، وهو يدل على الإحاطة بالشخص الهارب، يقال طقيت له حواش: أي ضربت له ما يحيط به حتى لا يفلت.
ح - ط.ف.ح:
طفح الماء أي ارتفع، ويقال في اللهجة الماية طفوح، أي ماء البحر مرتفع، وهذا ضد الجزر.
ط - ق.ض.ي:
قَضَى: من الشيء انتهى منه في الفصحى والعامية.
ي - ب.ل.ي:
البلية هو الشيء الضخم، ويُطلق كذلك على الرجل الجسيم: بلية. في الفصحى والعامية.
هذه نهاية المقالة الثانية من «أوراق كويتية» ونأمل في تقديم المزيد فيما سوف يأتي من أيام، مع رجاء أن يكون في كل ما نقدمه الفائدة المرجوة.

