ذكر سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد على منبر الأمم المتحدة - يوم أمس الأول- أن الكويت تبرعت بـ 329.4 مليون دولار لمساعدة الدول الأخرى لمواجهة جائحة كورونا، طبعا عدا المساعدات والصدقات التي تبذلها المؤسسات الكويتية الخيرية، وهو ما يشير إلى العمل التطوعي دون انتظار التعويض المقابل.
وللأسف رأينا كثيرا من الأنظمة السياسية تهدر الأموال الطائلة في داخل الدول المتناحرة داخليا من أجل تأليب فريق ضد آخر لغايات سياسية دنيئة لا يمت بصلة بمنافع الناس ولا بمصالح الأمة الكبرى.
***
وفي هذه الأيام تظهر لنا صور التطوع الأخرى بأبهى صورها النقية في الطرق المتجهة نحو مدينة كربلاء المقدسة لزيارة الحسين عليه السلام في الأربعين من استشهاده يوم عاشوراء، حيث يصطف مئات المتطوعين لوجه الله تعالى يقدمون الخدمات المختلفة من المأكل بأصنافه والمشرب والمسكن والتطبيب والملبس الجديد وخدمات الغسيل والكوي، وتدليك الأقدام، ومعارض الكتب المجانية وعيادات الاستشارات الاجتماعية ومكاتب المراجعات الفقهية... إلخ، كلها حبا وكرامة لزوار سبط الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، والذين آثروا المشي من مسافات طويلة تكريما وتقديرا لسيد الشهداء عليه السلام.
ربما اعترض البعض على هذه العروض المجانية، بأنها حرمت الدخل الوطني العراقي من مصدر استثمار السياحة الدينية! لكن نسي أن هذه الخدمات أصلا هي مواد مشتراة من السوق المحلي، وهذا لا يقلل من وجود السياحة الدينية من ملايين البشر من مختلف دول العالم الذين يجوبون العتبات المقدسة طيلة السنة، ولذلك تجد الفنادق والمطاعم وخدمات النقل مزدهرة، حتى ان المستثمر الكويتي له وجود ملموس وشاهر هناك.
لكن الأهم من ذلك أن تلك الأعمال التطوعية بطبيعتها تجلب الخير والبركة، وربما هذه من أسباب صمود العراق أمام الفساد الداخلي والانتصار على الدواعش وأنصارهم، وهذه الأمور الغيبية يعرفها جيدا من يبذل الخيرات لوجه الله تعالى ويخرج الزكوات والأخماس، يشعر بالنماء وإمداد الرزق الوفير من حيث لا يحتسب، وهو مصداق الآية الكريمة (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب...).
[email protected]