مخطئ من يظن أن تقدم الأمم وتحضرها يكون عملية عشوائية أو ضربة حظ، إنما الأمم تنهض بالتخطيط المستقبلي المبرمج الذي يدرس احتياجات الأمة لعشرات السنين القادمة فيجهز لاحتياجاتها عدته، ويرسم مشاريع لتفي بمتطلبات الشعب الذي يعرف عدده وعدد عامليه وعاطليه ذكورا وإناثا، حتى لا تفاجأ الدولة أو تتضرر.
قد يظن جاهل ان التعداد السكاني الذي جندت الدولة له الآلاف ورصدت من أجله الملايين ترف لا معنى له، هؤلاء هم دعاة التخلف والجهل الذين يريدون لنا أن نبقى أسرى للتخبط والارتجال واللامبالاة وردود الأفعال. إن متخذ القرار يحتاج إلى معلومات كاملة وحقائق دامغة ليتخذ قراره في كل مناحي الحياة وكل مشاكل الكويت، وفق بيانات صحيحة عن عدد السكان وبالتالي احتياجاتهم الفعلية والمستقبلية من تعليم وصحة ومدارس وشوارع ومرافق ومستشفيات تفي بحاجات المرضى.
وللأسف الدولة تبني المستشفيات لدول أخرى بينما مرضانا لا يجدون سريرا ينامون عليه، وشوارعنا شوارع متكسرة يتطاير منها الحصى، ومدارسنا تحتاج إلى صيانة شاملة، أولادنا سيبدأون الدوام يوم الأحد بإذن الله وأكثر المكيفات لا تعمل والصيانة غير جاهزة، وأولادنا وشبابنا المتزوجون يتنظر كل منهم عشرات السنين ليحصل على سكن ويضطر لأن يقيم مع أسرته أو يؤجر سكنا على حسابه، ونحن بلد النفط والرخاء، فالمسؤول عن هذا التأخير هو عدم وجود تخطيط وتخبط بالقرارات وعندما تتكدس السيارات بالشوارع، وعند الإشارات ويضيع الوقت انتظارا لانفراج أزمات المرور والزحام الخانق، فالمسؤول عن ذلك التخطيط العشوائي والارتجال.
وكل عام يتخرج في جامعاتنا ومعاهدنا الآلاف ولا وظائف لهم ويتجولون ليلا ونهارا فهم بلا عمل فيبقون في سبات عميق فرضته عليهم العشوائية، فلا مسؤول يعرف عدد الخريجين بعد 5 سنوات مثلا أو كم وظيفة يحتاجون إليها، وكم مسكنا يريدون.
ان متخذي القرار يجب أن تتوافر لهم رؤية واضحة لاحتياجات الكويت المستقبلية حتى يعد لها ما يناسبها من مشاريع ويوفر لها ما يلزمها، لقد نهضت الدول المحيطة بنا لأنها جعلت للتخطيط وزارة على رأسها وزير معه من يعاونه لهدف واحد هو رسم صورة للمستقبل في دولهم وخطة للتنمية والبناء تراعي كل أسس واحتياجات السكان. آن الأوان لنضع حلولا طويله المدى لكل مشاكلنا.
اللهم احفظ بلدي الكويت وأميرها وشعبها والمخلصين لها، ونسأل الله أن تنقشع هذه الغمة ويزول هذا المرض والوباء عن الكويت وجميع دول العالم، اللهم آمين.
[email protected]