تعتبر الجريمة بمفهومها القانوني هي إلحاق الأذى واعتداء سواء على الفرد أو مصالح المجتمع أو المال العام أو أن تكون مخالفة لما جاء في الأديان والكتب السماوية وبالأخص أن المصدر الرئيسي للتشريع في كثير من دساتير الدول العربية يأتي من القرآن.
وهذا هو حالنا في الكويت، حيث نصت المادة الثانية من الدستور على أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي في التشريع، حيث يستقي المشرع مما جاء في القرآن والسنة والفقه الإسلامي ما يمكنه من تكييف الأفعال وتصنيفها ما بين مباح ومجرم وفقا لما تحتاجه مقاصد الدولة.
وعلى الرغم من أن أغلب الجرائم التي ترتكب لدينا تمثل الجريمة بمعناها، أي أننا في الكويت ولله الحمد لا يدخل لدينا السجن سوى المجرمين حقا الذين ألحقوا إيذاء جسديا أو ماديا على الأفراد أو على مصالح الدولة.
إلا أنه لاتزال هناك جرائم جرمها القانون وهي لا تحمل ضررا مباشرا أو غير مباشر للمجتمع إلا أن القانون صنف بعض الأفعال وجعلها في مرتبة الجناية وعلى الرغم من أن القضاء في الغالب يمتنع عن معاقبة مرتكبي مخالفي هذه القوانين إلا أن القانون مازال موجودا والنيابة مستمرة في التحويل للمحكمة لكل منتهكي هذا القانون وتطالب بإيقاع أقصى أنواع العقوبة عليهم.
وقد يكون أبرزها الانتخابات الفرعية فمنذ عقود ومع قرب موعد الانتخابات لابد ان يحال للنيابة مجموعة من الأفراد شاركوا في الانتخابات الفرعية وغالبا ما تتم إحالتهم للمحكمة إلا انه وحتى هذه اللحظة لم تظهر لنا سابقة قضائية بسجن المشاركين في الانتخابات الفرعية لأننا كما ذكرنا مسبقا أن الكويت بلد الإنسانية والرحمة وعليه هي لن تسجن أناسا لم يلحقوا أذى بالدولة او بالأشخاص إلا ان إزعاج هيئة القضاء وإشغال المحكمة بمثل هذه القضايا أصبح بالحقيقة يستلزم منا ضرورة المطالبة بإلغاء هذا القانون.
حيث إن الانتخابات الفرعية والتشاوريات هذه موجودة في جميع المجتمعات وهذا حق أصيل لكل عائلة، قبيلة او فئة ان تقيس مدى قبول بعض المرشحين من قبل أبناء عمومتهم وتفاضل بينهم ليتم ترشيح أحدهم وامتناع الآخر وهو أمر مباح ولا ضير منه ولا حتى الشرع يعاقب عليه فهو لا يخالف حدود الله ولا يلحق الضرر بالأفراد أو بالمجتمع فهذا الفعل ليس جناية أمن دولة أو جريمة قتل أو اغتصاب أو سرقة، مجرد تشاوريات بين أبناء العمومة ليصلوا إلى من يمثلهم بالبرلمان وهناك قانونيون يجدون انتفاء الجريمة عن مثل هذا الفعل.
إلا ان مشكلة بعض القوانين لدينا انها تجرم في بعض الأحيان حتى تنفس الهواء وهذا أمره مرفوض فنحن في بلد حريات ويحق لأي كان ان يجتمع ويتشاور وكل قبيلة او تيار سياسي له الحق في التشاور فيمن يمثله في البرلمان.
أما من شرع القانون معللا شرعية مثل هذا القانون بأن الدولة تحارب العصبية القبلية فلا عصبية قبلية بالتشاوريات فهذا تنظيم وتشاور وقياس رأي عائلة او قبيلة فيمن يصلح لتمثيلها في البرلمان فلا عصبية قبلية بمثل هذا الفعل.
وبالأخص ان النظر في الأحكام التي تصدر عن القضاء في مثل هذه القضايا يؤكد عدم اقتناع القضاة بمثل هذا القانون لأن القاضي لن يحكم بالسجن إلا على المجرمين الذين يهددون النفس والمال وأمن المجتمع.
أما في مثل هذه القضايا فنتمنى إلغاء القانون لأنه بات يشكل مصدر إزعاج لهيئة القضاء وإشغال المحكمة عما هو أهم.