خير للمرء أن يموت في سبيل فكرته من أن يعمر طول الدهر خائنا لوطنه جبانا عن نصرته، وكل ما يقال في حب الوطن والتضحية يكون أجمل بكثير عندما يحس قبل أن يقال.
وقد حملنا على عاتقنا أن نبين الرؤية لمستقبل لا يشابه الحاضر بتغيرات نوعية بأفكار مليئة بالشغف العلمي وبيئة خصبة نجني ثمارها بأبنائنا، آملين متيقنين بالاستثمار الفكري تاركين خلفنا سطوة اليأس من منطلق المسؤولية الاجتماعية وحرصنا الدؤوب على إيجاد آلية تعالج الهيكل التعليمي هي أولى أولوياتنا بصدد الفشل الذريع في التنسيق والتخطيط في التعليم، فأنا لا أحمل قضية التعليم وحدي وإنما الغالب مستاء من هذه المسألة ولا يليق بنا أن نقف مكبلين اليدين نشاهد مصيرنا المجهول.
في الحقيقة، المسألة أعمق بكثير مما نتصور، فخلف كل فشل في جميع أجهزة الدولة يكمن عدم المهنية بالعمل، والسبب وراء عدم الجودة في التعليم، وقد أتى في إحصائيات سبق وذكرناها بتدني مستوى جامعات الكويت، وهذا الأمر يرجع إلى شقين: الأول، إعطاء وزارة التعليم العالي منحا دراسية لجامعات خاصة تأتي في أدنى مستوى أكاديمي وفق إحصائيات عالمية، ولا شك أن العلاقات والنفوذ في الكويت أهم من الصالح العام، والدليل تغاضي الجهة المسؤولة عن فرض المعايير المطلوبة لجامعة «جيدة»، ومن الجانب الآخر خريجو البعثات الخارجية الحاصلون على الشهادات الجامعية لا يملكون المهنية بالعمل، والسبب وراء ذلك عدم اختيار الملحق الثقافي لجامعات ذات جودة عالية، والاقتصار على اختيار جامعات قد تكون أقل من الجامعات المحلية، وهذا نتيجة عدم المراقبة والتهاون في أمر مهم كهذا. وهذه من الأمور التي تزيد الأمر تعقيدا.
الشق الثاني: الأدهى والأمر أن نرى الكيان الأكاديمي في الكويت يصبح في ذيل التعليم العالمي بعد كل التكاليف الضخمة، وهذه ما يشعرنا بالإحباط واليأس والحزن على ما نحن عليه ما يدعو لاستنباط الأسباب التي تهبط بنا إلى مستوى لا يتناسب طرديا مع زيادة الميزانية، وهنا سنكون أمام أمرين رئيسيين: الأول، سوء إدارة الموارد الطلابية والأكاديمية ما أدى إلى خفض مستوى إنتاجية الفرد وذلك نتيجة ترسبات إدارية سيئة، وبالتالي نجد ارتفاع التكلفة وشح الإنتاج واستنزاف للمؤسسة التعليمية بجميع كوادرها وعناصرها، أو عدم إدراك مدى عمق المنظومة التعليمية وتأثيرها الثقافي والاقتصادي هو السبب الرئيسي في خفض مستوى إنتاجية الفرد، وهذا أتى نتيجة فشل التنسيق والتخطيط في الهيئة التعليمية ما أدى لتفاقم الأمور وصعوبة الرؤية الاستراتيجية لمسار التعليم.
الأمر الثاني: ان الصعوبة في الرؤية الاستراتيجية متأثرة ومترابطة بالترسبات الإدارية السيئة على الجوانب المختلفة، والعكس صحيح عند العمل على استراتيجية ذكية تؤدي لزيادة كمية الإنتاج وخفض التكلفة عن طريق المعالجة الجزئية أو الكلية.
بعض العوائق تحتاج إلى حلول جزئية والبعض يحتاج لحلول كلية، ومنظومة التعليم تحتاج لهيكلة جذرية!
٭ كل دول العالم ترقى حين تكون سياسة التعليم من أولوياتها، ولا يمكن التنمية الاقتصادية دون التنمية البشرية.