- د.خالد الكندري: السبب عدم مبالاة الآباء.. وحماية الأطفال مسؤوليتهم
- منى اللوغاني: على الأهل مرافقة أطفالهم وعدم الاعتماد على الخدم
- حمد السريع: غضب الطفل قد يدفعه للخروج ما يستلزم الحكمة من الآباء
- آلاء السعيدي: نحتاج إلى حملات توعّي الآباء بمسؤوليتهم عن حماية أطفالهم
عبدالكريم أحمد
تشكل قضية فقدان الأطفال هاجسا كبيرا لدى الآباء والأمهات وأجهزة الدولة المختصة، نظرا لخطورتها على سلامتهم وحياتهم.
وبرغم أن غالبية هذه الحالات تنتهي بسلام، فإنها تشكل خطرا على أمن وسلامة الأطفال، إذ يخشى تعرضهم لحوادث مرور أو سقوط من علو أو في حفر ومناهيل وغيرها، فضلا عن كونهم عرضة للخطف والسرقة من ضعاف النفوس.
وتقع أغلب حالات فقدان الأطفال في الأسواق حيث ينشغل الأب أو الأم بالتسوق، فيما يسير الطفل منفردا للهو أو استطلاع ما يهوى من بضائع وألعاب كونه يحب الاستكشاف بطبيعته، ومن هنا يتوه خلال لحظات لاسيما مع اكتظاظ السوق بالمتسوقين.
وهناك حوادث فقدان لأطفال يخرجون من منازل ذويهم نتيجة اختلافهم معهم، فيقصدون منازل أقاربهم أو أصحابهم، وبعضهم يتجه للجلوس والمنام في المسجد، غير أن بعضهم غير قادر على التمييز بين ما هو خطر على حياتهم وبين ما هو آمن.
وشهدت البلاد خلال السنوات الماضية حالات فقدان كثيرة لأطفال خرجوا من منازلهم ولم يعودوا إلا بعد عناء بحث، وأطفال تاهوا لدى خروجهم مع ذويهم في الأسواق والمجمعات التجارية والأماكن العامة.
ومن بين الحالات التي شهدتها البلاد أخيرا تداول تصوير يظهر رجل أمن وهو يقتاد طفلا بيده بحثا عن ذويه في أحد الأسواق، كما نشرت وزارة الداخلية صورا عدة لأطفال ناشدت البحث عنهم وأطفال تم العثور عليهم مفقودين في مناطق مختلفة وطلبت من ذويهم التوجه إلى المخفر المختص لتسلمهم، ناهيك عن نشر مواطنين ومقيمين مناشدات بمساعدتهم على البحث عن أطفالهم المفقودين.
وتفاعلا مع هذه القضية، أخذت «الأنباء» آراء عدد من المختصين الذين حذروا الأهالي من خطورتها، داعين إلى إيلائها اهتماما كبيرا خاصة مع انتشار النوادي والخروج للبحر والمسابح التي تعرضهم للخطر إذا ما كانوا بعيدا عن أهاليهم أو من يشرف على لهوهم وممارستهم هواياتهم.
قوانين للإهمال
بداية، تحدث عضو هيئة التدريس في كلية التربية الأساسية د.خالد الكندري عن هذه القضية من الناحية التربوية، مشددا على وجوب تشريع القوانين المناسبة لحماية الأطفال من حوادث الخطف أو الدهس أو الضياع والفقدان.
وتساءل الكندري عن كيفية السماح للآباء الذين يتركون أطفالهم في الشوارع دون محاسبة، مبينا أن الحوادث التي تقع بين الفينة والأخرى هي بسبب الإهمال واللامبالاة بتحمل المسؤولية، ولا رادع لذلك إلا بالقانون الذي يحمي الأطفال من هذا الإهمال.
وأضاف «الأمثلة كثيرة في هذا الخصوص منها السماح بخروج الأطفال إلى الشارع واللعب دون أي حماية وأمان لا من حيث المكان ولا من حيث وجود شخص كبير يوجههم، والمشكلة أن الوالدين يقبلان بذلك بذريعة عدم توافر مكان يلعبون فيه وليتعلموا الخروج ويختلطوا بالأطفال، فهذه الذريعة هي إحدى المشاكل، فالآباء يحتاجون إلى إقناع بأن هذا السلوك خاطئ وأن مسؤوليتهم حماية أطفالهم من الوقوع في مثل هذه الحوادث».
وأكمل: «من الأمثلة أيضا ترك الأطفال في الحدائق دون رقيب ودون تربية تحميهم من التخريب والضياع والوقوع في براثن التدخين بعمر صغير، وكذلك وجودهم في الأسواق والسماح لهم بالتخريب والتكسير وعدم تحمل المسؤولية واعتبار ذلك أمرا عاديا كونهم أطفالا».
تحمل المسؤولية
بدورها، دعت المستشارة التربوية والوكيلة السابقة في وزارة التربية منى اللوغاني أولياء الأمور إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه مراقبة وحماية أطفالهم لاسيما الأقل من ثلاثة أعوام على اعتبار أنهم لا يميزون ولا يستشعرون ما يشكل خطرا على حياتهم وسلامتهم.
وانتقدت اللوغاني ظاهرة اعتماد بعض الآباء على الخدم بمرافقة ورعاية أطفالهم خاصة عند الخروج إلى الأماكن والمرافق العامة، مشيرة إلى أنه لا يمكن الاعتماد على الخدم في ذلك، حيث ان عددا كبيرا منهم يهمل الأطفال وينشغل بالهاتف وأمور أخرى، ما يستوجب تنبيههم.
وأشارت إلى أهمية خروج الوالدين مع أطفالهما على اعتبار أن ذلك يترك في أذهانهم ذكرى طيبة ويغرس في أنفسهم قيما ومهارات، موضحة أن الطفل يكتسب الآداب والسلوكيات من والديه عندما يخرج معهما ومنها التعامل مع الناس واحترامهم والمحافظة على البيئة إلى جانب الترفيه.
ولفتت إلى أن قانون حماية الطفل يحتوي على مواد قانونية من شأنها توفير الحماية للطفل من أي خطر وتحميل ولي الأمر مسؤولية حمايته ورعايته، لافتة إلى أن بعض الآباء يهملون أطفالهم فيضيعون من أيدي الخدم وقد يتعرضون للخطر سواء داخل البلاد أو عند السفر.
وطالبت اللوغاني بأن يكون للمدرسة دور شريك للأسرة من خلال تضمن المناهج والأنشطة المدرسية دروسا وبرامج توعوية بكيفية حماية الطفل لنفسه عند خروجه وضياعه أو عند تعرضه لأي أذى أو تعد.
واقترحت توفير أماكن ووسائل رعاية وحماية للأبناء في المرافق والأماكن العامة لتحتويهم عند فقدانهم، كما شددت على ضرورة تعاون جهات ومؤسسات الدولة لنشر الوعي المجتمعي لحماية الطفل من الضياع عند خروجه.
مراقبة الطفل
من جانبه، أوضح اللواء متقاعد والكاتب الصحافي حمد السريع أن قانون الطفل رقم 21 لسنه 2015 تناول الإهمال برعاية الطفل، لافتا إلى أنه عرف الإهمال بأنه تقصير بتقديم الرعاية كالتطعيم والتغذية والتعليم والتطور العاطفي، ويأتي من ضمنها التقصير بمراقبة الطفل من الضياع.
ولفت السريع إلى أن بلاغات فقدان الأطفال برزت في الآونة الأخيرة، حيث تلقت وزارة الداخلية شكاوى من فقدان أطفال إما لخروجهم من المنزل دون علم الأسرة أو فقدهم داخل المجمعات التجارية والأسواق، إلا أن الخطر الأكبر يكمن في تعرض هؤلاء الأطفال إلى الاعتداء الجسدي أو النفسي من قبل غرباء، ما يشكل جريمة شنيعة بحق طفل قاصر. وأضاف «قد يتعرض بعض الأطفال للضرب أو التوبيخ الشديد من أحد والديه أو شقيقه الأكبر، فيخرج غاضبا من المنزل، وهذا بحد ذاته يشكل خطرا كبيرا عليه، لذا يجب أن يلتفت الأهالي إلى ذلك الأمر والتعامل بحكمة مع الأطفال بحيث يتم احتواؤهم وعدم تركهم يخرجون غاضبين». وأفاد السريع بأن قانون الطفل ألزم الحكومة بإيجاد منازل آمنة تحتضن الأطفال المفقودين لحين الوصول إلى أسرهم بدلا من بقائهم في المخافر التي لا تعد بيئة مناسبة لطفل تائه.
وأشار إلى أن وسائل الإعلام ممثلة بالصحف ومواقع التواصل الاجتماعي ساهمت خلال الفترة الماضية في مساعدة أسر بالعثور على أطفالهم المفقودين عندما يتم الإعلان عن وجوده في أحد المخافر.
حملات توعية
من ناحيتها، أشارت المحامية آلاء السعيدي إلى أن قانون الطفل يعاقب الأبوين عن إهمال أطفالهما الذين قد يتعرضون لمخاطر وحوادث خلال فقدانهم وهي مسؤولية أبوية بالدرجة الأولى، داعية إلى ضرورة تبني الجهات المختصة لحملات توعي الآباء والأمهات بواجباتهم تجاه أطفالهم. وأفادت السعيدي بأن النيابة العامة هي الجهة المخولة بالتحقيق بمثل هذه الجرائم وفقا لقانون حماية الطفل، وعادة ما توجه تهمة إهمال رعاية قاصر بحق الأبوين إذا رأت تقصيرهما برعاية الطفل.
ودعت إلى وجوب إقرار ما يلزم نحو ضمان عدم فقدان الأطفال، مشيرة إلى تجربة أجنبية تقوم على ارتداء الأطفال لأساور أو حلقات أرقام (أكواد) مربوطة بجهاز تعقب يمكن من خلاله تعقب الطفل ومعرفة مكان وجوده. وشددت السعيدي على ضرورة تفعيل المادة 25 من قانون العمل والمادة 53 من قانون حماية الطفل، حيث تلزمان صاحب العمل الذي يشغل خمسين أما عاملة وأكثر في مكان واحد بإنشاء دار للحضانة في مقر العمل، داعية المتضررات إلى المطالبة بتفعيلهما.