بيروت - عمر حبنجر
لبنان في ظلام دامس، ليس على مستوى غياب الكهرباء نتيجة نفاد مخزون المحروقات فقط، وان كانت عتمة الكهرباء اعلى صوتا، مما في بحر الظلمات اللبنانية من صنوف المعاناة، مع البنزين والغاز والمستشفيات والدواء، فضلا عن تباينات اهل الحكم، حول الاصلاحات المالية، والاقتصادية، وترسيم الحدود البحرية.
وزير الطاقة وليد فياض، الذي تداولت مواقع التواصل الاجتماعي صوره، في أحد المسابح، تحدث عن مبالغة في موضوع توقف شبكة الكهرباء، مؤكدا ان التغذية الكهربائية بواقع 4 ساعات يوميا ستعود هذا الأسبوع، بعد الاتفاق بينه وبين قائد الجيش العماد جوزاف عون، على تأمين الفيول لمعملي توليد الطاقة في دير عمار شمالا، والزهراني جنوبا، من مخزون المؤسسة العسكرية، بما يكفي لثلاثة ايام.
وفي تصريح لموقع «سي ان ان» قال فياض، ان لبنان يعتمد على الفيول العراقي بحوالي 85 ألف طن في الشهر، وقد تتأثر الكمية المتوافرة لديه بين وصول باخرة وأخرى. وأضاف: عندما تصل الشحنة المرتقبة سنعود الى تغطية الشبكة الكهربائية، بواقع 4 ساعات يوميا. وقد أعلنت وزارة الطاقة في بيان أنها حصلت على موافقة مصرف لبنان المركزي للحصول على 100 مليون دولار لطرح مناقصات لاستيراد وقود يستخدم في توليد الكهرباء. وأكدت الوزارة ما اعلنه فياض أن كهرباء لبنان عادت للعمل بنفس طاقتها قبل توقفها التام عن العمل أمس الأول.
النائب محمد الحجار، عضو كتلة المستقبل، حمل وزراء الطاقة المنتمين الى التيار الحر مسؤولية ايصال البلد الى هذه الكارثة.
واعتبر الحجار في تصريح له أمس انه «لا حل لأزمة الكهرباء من دون تعيين مجلس ادارة جديد والشروع فورا بتعيين الهيئة الناظمة»، فالمشكلة برأي الحجار مردها «لتجاوز القوانين منذ العام 2002 التي وضعت حلا جذريا لأزمة الطاقة. لكن الوزراء التابعين للتيار الحر الذين تعاقبوا على هذه الوزارة رفضوا تطبيق القانون لأنه يحد من سلطتهم على الوزارة بنسبة 90%، وتمادوا باستغلالها، وأهدروا المال العام وأوصلوا البلد إلى هذه الكارثة التي نتخبط بها، بعد إهدار نصف الدين العام على الكهرباء وحدها».
في هذه الأثناء، الحركة الديبلوماسية على وتيرتها المستدامة باتجاه لبنان، حيث ستصل نائبة وزير الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند في 14 الجاري على رأس وفد يضم مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط والتواصل مع سورية ونستون غولدربغ، والمستشار الأول في وزارة الخارجية لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين، وستجري نولاند لقاءات مع مسؤولي المجتمع المدني والمسؤولين اللبنانيين وسيتم البحث في ملفي الاصلاحات والمساعدات والانتخابات وترسيم الحدود البحرية.
واللافت ان نولاند ستزور موسكو اولا، ومنها الى بيروت، كما لو انها اعتمدت خطى وزير الخارجية الايرانية، الذي زار موسكو اولا، ومنها انتقل الى بيروت. وتعطي المصادر المتابعة في بيروت زيارة نولاند ابعادا استراتيجية، تتناول علاقة موسكو بكل من ايران واسرائيل، والموقف الروسي المتراجع عن الالتزام بأمن إسرائيل، واثر ذلك على الموقف الروسي من الدور الايراني في سورية ولبنان. الى جانب تفعيل الدور الأميركي، في تغطية وصول المواد النفطية والكهرباء الى لبنان، انطلاقا من قناعة المصادر المتابعة، بأن خطوط نقل الغاز من مصر الى لبنان عبر الأردن سليمة، وما الحديث عن متطلبات ترميمها او صيانتها الا مجرد ذرائع من جانب الممانعين، لاستدراج المزيد من المواقف الأميركية المتساهلة.
وفي تقدير هذه المصادر، فإن زيارة نولاند في جانبها اللبناني المحض، ستكون استطلاعية، وضمنا لمعرفة مدى استجابة الأطراف اللبنانية للعروض الإيرانية، وهنا يمكن ملاحظة ما أدلى به رئيس بلدية الغبيري في الضاحية الجنوبية، معن الخليل، المقرب من حزب الله، أمس، حيث عقب على عرض الوزير الايراني بناء معامل الكهرباء بالقول: «الأمر سيكون من دولة الى دولة، أو من شعب الى شعب ما دامت الحاجة ملحة وماسة وكبيرة للتيار الكهربائي»، بمعنى انه اذا لم توافق حكومة ميقاتي، فإن الاتفاق سيكون بين الشعب اللبناني والشعب الايراني!!
على صعيد ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل، فإن العقدة تكاد تتحول من مشكلة لبنانية - اسرائيلية، الى لبنانية - لبنانية، حول الوفد المفاوض، الذي يريده قائد الجيش العماد جوزاف عون عسكريا من طاقم الضباط، الذين شاركوا في المفاوضات السابقة، وأصر على اعادة النظر بالمرسوم الذي ابلغه لبنان الى الأمم المتحدة من خلال تعديله وفق دراسات الوفد العسكري اللبناني برئاسة العميد بسام ياسين، وبين الفريق المحيط برئيس الجمهورية ميشال عون، الذي يتهرب من تعديل المرسوم، ليساوم الأميركيين على العقوبات التي انزلوها برئيس التيار الحر جبران باسيل، كما يرفض تمديد خدمة العميد ياسين الملم بالمفاوضات وبكل التقنيات المتصلة بالحدود البحرية، وهنا تؤكد المصادر المتابعة لـ «الأنباء» ان العماد جوزاف عون وقع قرارا بتمديد خدمة العميد ياسين الذي بلغ سن التقاعد، كي يتسنى له متابعة المفاوضات، لكن وزير الدفاع سعادة الشامي المصنف في خانة وزراء الرئاسة، امتنع عن تحويل قرار قائد الجيش الى مرسوم نافذ!!