تظاهر آلاف التونسيين في العاصمة أمس احتجاجا على قرارات الرئيس قيس سعيد التي أحكمت قبضته بشكل شبه كامل على السلطة، في الوقت الذي تثير فيه الأعداد المتزايدة للمحتجين في الأسابيع الأخيرة مخاوف من أن تؤدي الأزمة السياسية إلى اضطرابات عنيفة. ومنذ ساعات الصباح انتشرت وحدات أمنية بشكل مكثف في محيط شارع الحبيب بورقيبة وفي شارع محمد الخامس المحاذي.
وشاهد مراسل وكالة الأنباء الألمانية سيارات أمنية تجوب الشوارع، وحواجز حديدية نصبت في أغلب مداخل الشارع الرئيسي. ومنعت الشرطة المحتجين من التقدم إلى النصف الثاني من الشارع الذي يضم مقر وزارة الداخلية، وردد محتجون «لا خوف لا رعب السلطة بيد الشعب» و«أوفياء أوفياء لدماء الشهداء»، «ويسقط يسقط الانقلاب». وقال محتجون لقوات الأمن «لا تطيعوا أوامر ديكتاتور».
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية خالد الحيوني «نحن نتعامل مع كل المتظاهرين بنفس المسافة وبحياد تام.. الأمن التونسي هو أمن جمهوري».
وعلى غرار مسيرة الأسبوع الماضي المؤيدة للرئيس في العاصمة ومناطق أخرى في البلاد، استقطب الشارع امس الآلاف من المعارضين في إشارة قوية إلى وزن الجبهة المعارضة للرئيس.وأطلق نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي على وقفة أمس تسمية مسيرة «الحسم الديموقراطي»، في مسعى لفرض المزيد من الضغوط على الرئيس، الذي علق معظم الدستور وتولى السلطتين التنفيذية والتشريعية تمهيدا لإصلاحات سياسية.
وقال المتظاهر ياسين بن عمر «لا نقبل بالانقلاب.. يكفي يعني يكفي..» ومنعت الشرطة المسيرة دون عنف في الوقت الذي ألقى فيه بعض المتظاهرين زجاجات بلاستيكية.
وقال الناشط السياسي المعارض لقرارات سعيد وأحد منسقي مسيرة امس جوهر بن مبارك لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ):«نريد أن نقول إن الرأي العام في تونس يقوم على الاختلاف والتنوع وليس على رأي واحد. الشارع التونسي عاش عقدا من الديموقراطية وفيه آراء متنوعة». وأضاف جوهر «نريد أن نثبت عكس ما يدعيه الرئيس». وتابع: «نحن ضد الانقلاب... نرفض خطاب الانقسام»، لافتا الى أنهم يجب أن يكونوا أوفياء «لشهداء ثورة 2011». وهذا هو التحرك الجماهيري الثالث للمعارضة في الشارع منذ أسابيع قليلة والأكثر استقطابا للمشاركين.
وكان الرئيس التونسي أعلن خلال استقباله رئيسة الوزراء المكلفة بتشكيل الحكومة نجلاء بودن أمس الأول، ان الحكومة الجديدة ستشكل قريبا. وقال سعيد: لا نقبل أن نكون تحت وصاية أحد، مؤكدا ان «هناك من طلب من دول أجنبية التدخل في شؤوننا». واتهم الرئيس التونسي جهات «لم يسمها» بالعمل ضد الدولة في كل محفل تزوره لمصالحها الشخصية.