في السابق وفي العصر القديم كان المجتمع يستند الى الطبيعة الأبوية أو النظام الذكوري في الأسرة، الأب أو الجد أو كبير الأسرة على قائمة الهرم، من بعدها يأتي الأبناء الذكور، لا ذكر للزوجة، أو حتى عدد البنات! بسبب بعض الأعراف القديمة.
اليوم وبعد خروج المرأة لنطاق العمل والريادة، أصبح لها موقع لا يستهان به في جميع المجالات الحضارية، الاقتصادية أو الثقافية أو الاجتماعية منها والدينية حتى، وباتت تعتمد على نفسها في تكوين شخصيتها المستقلة عن الرجل كعضو فاعل في الأسرة وليس كتابع صامت فيها.
هنا الكثير من المفاهيم ظهرت مع المواكبة الحضارية لظاهرة العصرنة الاجتماعية في الأسر، فانتقال الدولة من حالة اقتصادية الى أخرى، كحال الكويت انتقلت من إمارة تابعة ذات اقتصاد محدود إلى دولة مستقلة ذات اقتصاد مؤسسي مدروس ممنهج يخضع لعلم الاقتصاد الحديث، ظهرت معه ظاهرة المرأة العاملة أو المتعلمة، فمن الكتاتيب البسيطة ودور حفظ القرآن إلى تكوين جامعة تدرس الإناث فيها، كانت قفزة نوعية وكيفية في النسق التعليمي والمعرفي للمرأة الكويتية بشكل عام.
اليوم وبعد التأثيرات السياسية والاجتماعية والفكرية التي تطغى بالعادة على مناهج التعليم، تخرج لنا تحديات تواجه البيت والأسر الكويتية، كظاهرة المرأة العاملة ومدى صلاحيتها الأسرية، مشكلة القوامة بين الزوجين، هل هي خلط أعراف أو تشريع ديني يتأول على حسب الحاجة؟!
مشكلة حقوق المرأة السياسية ومدى انسجامها مع السياق الشرعي والديني والفكري والثقافي للمجتمع الكويتي، هو ما بين دفتي الرفض والقبول بين حين وآخر.
واليوم ومع التطور التقني في عالم الشبكة العنكبوتية، نرى قد ظهرت ويلات أخرى تؤثر على التكوين الأسري، منها توابع العولمة، من الانفتاح الثقافي، وتقليد الغرب، تكوين الرأي العام، وعما أعتقد أن ينابيع الحلول المطروحة لمثل هذه المشاكل بدايتها داخلية أكبر منها خارجية.
فللأسف قديما كان هناك خلط بين الأعراف والأصول الدينية في مسألة تعليم المرأة ومحاولة النهوض بها، فكان هناك المؤيد لها وهناك المعارض، وهناك خلط كبير بين ما بينه الدين أو الشرع وبين العادات والتقاليد والأعراف في تعليم المرأة كما الرجل لإعداده أسريا واجتماعيا.
الحل التكاملي يبدأ من محورين:
١- محاولة فهم المشكلة من الداخل مثل المشاكل الأسرية من حالات طلاق وانفصال ومنه تندرج عدة مشاكل أخرى كالمشاكل الزوجية المرتبطة بالحقوق السياسية أو المعطيات التعليمية التي تطرح في المدارس، مشاكل الشباب والمفاهيم الحديثة أو المستحدثة في الساحات الثقافية أو الفكرية.
٢- محاولة فهم المشكلة من الخارج كالحرب الثقافية التي تمارس سياسة التغريب الفكري ومنها تمييع الركائز الثقافية والدينية تحت مسميات الحرية والإنسانية والعالمية ومنها تندرج مشكلة هز العنصر الاجتماعي الأساسي في تكوين المجتمع والفرد ألا وهي الأسرة.
من أين يبدأ الحل؟
الحل يبدأ في تحصين الأسرة فكريا عن طريق الحفاظ على عامل الأصالة في التربية التقليدية مع المواكبة في حيثيات بسيطة معاصرة، تبدأ في فهم الواقع الخارجي، نحن بحاجة إلى فكر تجديدي في ثقافة الرأي العام، تعديل في المناهج، إتاحة المجال لتخصصات إنسانية أن تكون في الساحة لتدرس الواقع الأسري والمجتمعي الذي يعيشه المجتمع الكويتي، وللأسف نرى أن المجال في العلوم الإنسانية غير مفعل بشيء من الصراحة، بل طغت على ثقافة مجتمعاتنا ثقافة الاستيراد التعليمي للربح! والربح فقط، هكذا تأدلجت المجتمعات بحكم الاقتصاد والأفكار الفلسفية الذي لم نعطها حقها الفعلي هنا، العودة الى الذات، الى الأصالة الدينية مع المواكبة للاستلاب المدروس والمقنن.