- ارتفاع إضافي في متوسط كلفة بناء الوحدات السكنية الخاصة ليصل إلى 175 ديناراً للمتر المربع الواحد
- 29.3 ألف دينار قيمة الدعم التي يحصل عليها المستفيد من مستحقي الرعاية السكنية أغلبها يوجه إلى الحديد
- المواطن يدفع 240 فلساً لكيس الإسمنت ومتوسط السعر السائد في السوق العالمي يبلغ 1.250
- دينارالمواطن سيدفع أقساطاً شهرية تساوي 500 دينار في حال الاقتراض من القطاع المصرفي لبناء سكنه الخاص
أحمد مغربي
كشفت دراسة اعدتها وزارة التجارة والصناعة حول الآثار الناتجة عن ارتفاع أسعار المواد الإنشائية المستخدمة في البناء السكني الخاص على المواطنين من مستحقي الرعاية السكنية عن أن تكاليف البناء في القطاع السكني الخاص شهدت ارتفاعات حادة مؤخرا، حيث ارتفع متوسط تكلفة بناء المتر المربع لوحدة سكنية خاصة من 135 دينارا قبل جائحة كورونا وصولا الى ما يقارب من 160 دينارا حاليا، اي بزيادة بلغت نسبتها 18.5% والتي تعتبر نسبة مرتفعة وفقا لكل المقاييس الاقتصادية، ويرجع السبب في ذلك الى الارتفاع في أسعار معظم المواد الإنشائية الأساسية المستخدمة في عمليات البناء سواء كانت وطنية المنشأ او مستوردة، مثل الحديد وقواطع الألمنيوم والأخشاب وأعمال الخرسانة وشبكة الكهرباء وشبكة التغذية المركزية للمياه والصرف الصحي ووحدات التكييف المركزي، والتي يمكن إيعازها في العموم الى الارتفاع المتزايد في تكاليف الإنتاج (تكلفة المواد الأولية المستخدمة في تصنيعها وتكاليف الشحن/ النقل والتخزين والأجور)، ناهيك عن تعاظم الطلب العالمي عليها.
وذكرت «التجارة» في الدراسة التي حصلت عليها «الأنباء»، أن المؤسسة العامة للرعاية السكنية قامت بتوزيع ما يقرب من 12 ألف قسيمة على المواطنين من مستحقي الرعاية السكنية خلال السنة المالية 2020/2021، إضافة الى توجهها الى توزيع 12 ألف قسيمة أخرى خلال السنة المالية الحالية 2021/2022 والتي تمثل طفرة لم يسبق لها أن حدثت سابقا، فإنه من المتوقع ان ترتفع أسعار المواد الإنشائية في الأسواق المحلية الى ما هو أكثر من ذلك نظرا لزيادة الطلب المحلي عليها، مؤدية في نهاية المطاف الى ارتفاع اضافي في متوسطة تكلفة بناء الوحدات السكنية الخاصة والذي قد يصل الى 175 دينارا للمتر المربع الواحد، وهو الأمر الذي إن حدث فعلا فسوف يؤثر سلبا وبصورة كبيرة على المستوى المعيشي ورفاهية الأسر الكويتية.
وفي هذا الإطار، يستعرض هذا التقرير الموجز الآثار الناتجة عن ارتفاع أسعار المواد الإنشائية وبالأخص المدعومة على المواطنين (الأسر الكويتية) من مستحقي الرعاية السكنية مع اقتراح بعض التوصيات للحد من آثارها السلبية، ففي الوقت الحاضر، تقوم الدولة ممثلة بوزارة التجارة والصناعة بتقديم حزمة من المواد الإنشائية المدعومة الى المواطنين مستحقي الرعاية السكنية، وذلك بالتنسيق والتعاون مع الشركة الكويتية للتموين، وتشمل هذه المنظومة دعم أسعار بعض المواد الإنشائية مثل الأسمنت والحديد والطابوق الأبيض العازل وبسقف أعلى منها لا يمكن تجاوزه، أو بإعطاء كميات محددة من مواد إنشائية دون مقابل مثل الطابوق الاسمنتي والخرسانة الجاهزة بحيث لا تتعدى قيمتها مبالغ معينة، إضافة الى صرف مبالغ نقدية مقطوعة، وذلك لاستخدامها في شراء وحدات التكييف ومواد إنشائية بحسب رغبة المستفيد.
دعم مستحقي الرعاية السكنية
هذا، ويقدر إجمالي قيمة الدعم الذي يحصل عليه المستفيد من مستحقي الرعاية السكنية وفقا لهذا البرنامج حاليا بما يقارب من 29.3 ألف دينار، علما ان قيمة الدعم الذي يحصل عليه المستفيد لأي مادة إنشائية (خلافا للمبالغ النقدية المقطوعة) يحسب كما يلي: سعر شراء المادة الإنشائية من قبل الشركة الكويتية للتموين بحسب الأسعار السائدة في السوق مطروحا منها السعر الذي يدفعه المستفيد مضروبا في الكمية المخصصة له.
فعلى سبيل المثال، يدفع المستفيد مبلغ 240 فلسا لكيس الاسمنت و57 دينارا لطن الحديد و6.5 دنانير للمتر المكعب من الطابوق الأبيض العازل في حين ان متوسط الأسعار السائدة حاليا لهذه المواد الإنشائية هي: 1.250 دينار لكيس الأسمنت و226 دينارا لطن الحديد، و24.5 دينارا للمتر المكعب من الطابوق الأبيض العازل. وبناء عليه، فإن قيمة الدعم الذي يحصل عليه المستفيد من مواد الاسمنت والحديد والطابوق الأبيض العازل يساوي: (1.250 - 0.240) × 2.000 كيس + (226 - 57) × 50 طنا + (24.5 - 6.5) × 100 متر مكعب = 10.470 دينارا ونود الإشادة هنا، الى انه في حالة الخرسانة الجاهزة فإن المستفيد لن يتمكن من الحصول على الكميات المحددة له نظرا لارتفاع قيمتها الإجمالية عن السقف الأعلى النقدي المخصص لها، فعلى سبيل المثال، يبلغ متوسط السعر السائد في السوق الخرسانية الجاهزة حاليا 26 دينارا للمتر المكعب (م3)، ومن ثم فإن الكمية القصوى التي يمكن للمستفيد الحصول عليها هي 325.4م2 (8460 دينارا / 26 دينارا).
وذكرت الدارسة ان متوسطات أسعار المواد الإنشائية الأساسية وطنية المنشأ المستوردة في الأسواق المحلية خلال فترتي يناير 2020 وأبريل 2021، وذلك بناء على نتائج مسح ميداني لنقاط بيع المواد الإنشائية، يلاحظ انها كافة المواد الإنشائية المدرجة ضمن منظومة الدعم الإنشائي قد شهدت ارتفاعا في الأسعار تراوحت نسبتها بين 8% و7%، وكانت الارتفاعات الأعلى من حيث القيمة هي في أسعار حديد التسليح والخرسانة الجاهزة وسعر طن التكييف، ليس هذا فحسب، بل إن الكثير من المواد الإنشائية الأخرى المستخدمة في بناء الوحدات السكنية الخاصة وغير المدرجة ضمن منظومة الدعم ومنها على سبيل المثال لا الحصر، الأخشاب المستخدمة في بناء الهيكل الأسود وقواطع الألومنيوم، قد شهدت هي الأخرى ارتفاعات حادة خلال الفترة المشار اليها آنفا.
حيث ارتفع متوسط سعر ربطة الخشب (مكونة من 100 عمود خشب) من 95 دينارا للربطة الواحدة الى 135 دينارا (اي بنسبة 42.12%)، وارتفع سعر مسطح الخشب المعاكس قياس 1.22م2 × 2.44م2 من 4 دنانير الى 6.25 دنانير للوحدة الواحدة (اي بنسبة 56.2%)، كما ارتفع متوسط سعر الألومنيوم الخام (قبل التصنيع) من 1.050 دينار للطن الى 1.200 دينار (اي بنسبة 14.3%).
هذا، ويمكن القول ان الارتفاعات الأخيرة في أسعار المواد الإنشائية في الأسواق المحلية، وتحديدا حديد التسليح والألمنيوم والأخشاب وسعر طن التكييف والأسلاك، قد أتت جميعها متسقة الى حد كبير مع الارتفاعات في أسعارها الدولية، فعلى سبيل المثال، ارتفعت مؤشرات الأسعار الدولية لحديد التسليح والألمنيوم والأخشاب والنحاس (المستخدمة في صناعة وحدات التكييف والأسلاك) بنسب قاربت من 44.3% و23.7% و39.2 و48.8%، على التوالي، ويلاحظ ان مؤشرات الأسعار الدولية لهذه المواد الإنشائية آخذة منحنى تصاعديا، الأمر الذي يشير معه ضمنيا الى ان الأسعار الدولية لها قد ترتفع الى ما هو أعلى من ذلك خلال العام 2021، مشكلة بذلك قوة رافعة لأسعارها في الأسواق المحلية.
كلفة بناء قسيمة
وقالت وزارة التجارة انه وفقا لآراء مجموعة من المقاولين المتخصصين في القطاع السكني الخاص والعاملين لدى مكاتب هندسية، وذلك لبناء قسيمة سكنية ذات مساحة 400م2 وبمساحة بناء تساوي 960م2 (أي بنسبة بناء تعادل 210% مضافا اليها 120م2)، علما ان مثل هذه الوحدة السكنية سوف تتكون من 3 أدوار (طابق ارضي وأول وثان) ولا تتضمن سرداب، ويلاحظ، ان مستحقي الرعاية السكنية سيتطلب منهم توفير كميات إضافية من كل المواد الإنشائية الأساسية التي تقدر تكلفتها الحالية وفقا للأسعار السائدة في ابريل 2021 بنحو 28.5 الف دينار في حين كانت تكلفتها الإجمالية بحسب الأسعار السائدة في يناير 2020 ما يقرب من 20.3 دينارا، اي بارتفاع بلغت قيمته نحو 8.2 آلاف دينار (40.2%)، وبهذا الشأن، سوف تمثل القيمة الأخيرة (8.2 آلاف دينار) والناتجة عن الزيادة في أسعار المواد الإنشائية ما نسبته 11.7% من قيمة القرض الإسكاني والبالغ 70 ألف دينار.
كما سبق أن أشرنا، بلغ متوسط تكلفة بناء المتر المربع لقسيمة سكنية خاصة وفقا للأسعار السائدة في ابريل 2021 ويناير 2020 نحو 160 دينارا و135 دينارا، على التوالي. وبناء عليه، فإن تكلفة بناء وحدة سكنية بمساحة 960م2 كاملة (لا تشمل سردابا) تقدر حاليا بما يقارب 153.6 ألف دينار (960م2 × 160د.ك/م2). في حين كانت تكلفة بناء هذه الوحدة السكنية وبنفس المساحة والمواصفات الهندسية والإنشائية تقارب 129.6 ألف دينار في يناير 2020 (960م2 × 135د.ك/م2). الأمر الذي يعني معه ان المواطن من مستحقي الرعاية السكنية سوف يتحمل مبلغا إضافيا يقدر بنحو 24 ألف دينار لبناء سكنه الخاص مقارنة بالأسعار التي كانت سائدة في يناير 2020.
علاوة على ما تقدم، يقدر إجمالي المبلغ الإضافي الذي سوف يدفعه المستفيد من مستحقي الرعاية السكنية لبناء سكنه الخاص كاملا بعد استبعاد قيمة القرض الإسكاني والدعم المخصص له من المواد الإنشائية وفقا للأسعار الحالية ومساحة البناء المشار اليها آنفا بنحو 53.6 الف دينار (153.6 الف دينار - 70 الف دينار - 30 الف دينار)، وفي حال قام المستفيد باقتراض هذا المبلغ من القطاع المصرفي وبفترة سداد تساوي 10 سنوات، فإنه يتوجب عليه دفع قسط شهري يساوي 446.6 دينارا ومن دون إضافة أسعار الفائدة إليه (53.6 دينارا/ 120 شهرا)، اي سيصل القسط الشهري الى نحو 500 دينار، والتي هي بلا شك قيمة مرتفعة وتؤثر معها سلبا على القوة الشرائية والمستوى المعيشي للأسر الكويتية.
توصيات مقترحة للحد من الآثار السلبية الناتجة عن التضخم في أسعار المواد الإنشائية
- تمكين بنك الائتمان من إعطاء قرض إنشائي رديف للقرض الإسكاني وبما لا يتجاوز 10 آلاف دينار
- تمديد فترة السماح لسداد أقساط بنك الائتمان لتكون 4 سنوات من تاريخ توقيع العقد بدلاً من سنتين
أصدرت وزارة التجارة والصناعة عددا من التوصيات والمقترحات للحد من الآثار السلبية الناتجة عن التضخم في أسعار المواد الإنشائية وهي كالتالي:
1 - نص القانون رقم 19 لسنة 2014 في مادته الأولى على أن إجمالي قيمة دعم المواد الإنشائية يجب ألا يتجاوز مبلغ 30 ألف دينار كويتي، وفي هذا الإطار، نوصي بتعديل هذا القانون، وذلك برفع السقف الأعلى له وبمبلغ 5 آلاف دينار كويتي، بحيث لا يتجاوز إجمالي مبلغ دعم المواد الإنشائية عن 35 ألف دينار، ومن المستحقين، ان تضاف هذه الزيادة المقترحة الى بند الاختيار الحر بحسبة رغبة العميل ليصبح 6.800 دينار بدلا من 1.800 دينار حاليا، علما أن التكلفة الإجمالية لهذا المقترح على الدولة تقدر بحوالي 120 مليون دينار (5.000 × 24.000 قسيمة سكنية).
2 - إعفاء كافة المواد الإنشائية ضمن منظومة الدعم من الرسوم الجمركية خلال الفترة الحالية وحتى إشعار آخر. ويرجع السبب في ذلك الى أن الرسوم الجمركية تمثل عبئا ماليا اضافيا الى اي شركة نشاطها مبنيا على الاستيراد، حيث عادة ما يتم تحديد سعر المنتج النهائي المستورد في السوق المحلي وفقا للآتي:
سعر المنتج المستورد في السوق المحلي = سعر المنتج في بلد المنشأ + تكاليف الشحن + تكاليف التخزين + الرسوم الجمركية.
ونظرا لعدم قدرة المورد بالتحكم في سعر المنتج في بلد المنشأ او تكاليف الشحن، فإن الخيار الوحيد المتبقي تقديمه للمحافظة على استقرار أسعار المواد الإنشائية هو الإعفاء من الرسوم الجمركية اضافة الى خفض تكاليف التخزين.
3 - توفير مساحات تخزينية لمستوردي المواد الإنشائية في مواقع بناء المناطق السكنية الجديدة، وذلك بهدف خفض تكاليف النقل والتي عادة ما تكون متضمنة في السعر النهائي للمادة الإنشائية.
إضافة الى ذلك، توجد هناك خيارات أخرى متاحة للحكومة للحد من آثار التضخم في أسعار المواد الإنشائية إلا انها خارجة على نطاق اختصاصات وزارة التجارة والصناعة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
1 - تمديد فترة السماح لسداد أقساط بنك الائتمان لتكون 4 سنوات من تاريخ توقيع العقد بدلا من سنتين.
2 - تمكين بنك الائتمان من إعطاء قرض إنشائي رديف للقرض الإسكاني وبما لا يتجاوز قيمة معينة، مثلا 10 آلاف دينار، على ان يتم سداده من قبل المستفيد وفقا لأسس تجارية/ ربحية ولكن بأسعار فائدة مخفضة، مثلا 2.5%.