قال سبحانه تعالى: (وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره عــلى الـله إنه لا يحب الظالمين).
(وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم)، (وإذا ما غضبوا هم يغفرون).
فمن عفا عفا الله عنه، ومن صفح صفح الله عنه، ومن غفر غفر الله له، ومن عامل الله فيما يحب وعامل عباده كما يحبون وينفعهم نال محبة الله ومحبة عباده، واستوثق له أمره.
والعفو غير المشروط أوسم وأنقى مراتب العفو، فقد أثلجت صدورنا ما سمعناه من أخبار متناقلة بالمضي بقرار السماح لإخواننا المهجرين بالعودة إلى ديارهم، وهذا ما تعودناه من حكومتنا ودولتنا الرشد والاتزان في القرارات ودائما هي السباقة بين الدول لكل ما هو إنساني ورائد في هذا المجال، مجال العفو والصفح، فها هي كويتنا تساعد من جرحها وأغرز الخنجر في خاصرتها عام 90، تسامت السامية على جراحها واليوم ستتسامى عن أبنائها الأبطال فقد طالت الغيبة يا كويت.
فدولتنا هي الأم التي لا يبات فرد من أبنائها خارج أسوار أحضانها يشكو الضيم، فقلب الكويت العظيم بالحب والولاء والانتماء لأبنائها وشعبها اتسع ويتسع لكل فرد سواء كان مواطنا أو مقيما، بل كل فرد على هذه الأرض ناله من نفحات الكويت الطيبة ما ناله.
فها هي الكويت تسطر سطرا في كتاب الأمجاد، وتدرس درسا ناصعا في العفو عن أبنائها الذين جاءوها تائبين غير متهاونين في حب الكويت، والذين أثبتوا وطنيتهم على مر المراحل الصعبة التي عصفت بالكويت فكانوا جدارا منيعا وحفظوا هيبة الدولة، متغاضية عن زلة الجواد وكبوته فهفوة الحبيب مع محبوبته وبلده وأرضه هذا لا يعني الحكم بالقطيعة، فها هم قد يعودون قريبا والعود أحمد، يعودون متأملين أيدي الحنان أن تطبطب عليهم وكفكفة أوجاع غربتهم بحنان العفو والصفح، فقد عانوا ما عانوا في الغربة وتاقوا شوقا لعيون الكويت هذا البلد الرؤوف والعطوف على الجميع، ناهيك عن أبطال أشاوس ثبتت الأيام ما كانوا يحذرون منه.
كل ما نتمنى من الكويت فتح أذرعتها لأبنائها المهجرين وتصفح عنهم الصفح الجميل، فلا ننس تاريخهم الطويل في العطاء وبذل الغالي والنفيس من الوقت والجهد لتكون الكويت في الصدارة بفضل الله ثم فضلهم وفضل أقرانهم، ولتكون الكويت في مصاف الدول التي يشار إليها بالبنان بما قدموه لبلدهم الكويت الدولة والشعب، كل هذا كفيل بأن تغفر الزلات وتعود المياه الى مجاريها حبا وطوعا، فالعفو عند المقدرة أيها الكرام وأنتم أهلها ولا منة ولا فضل بين الأهل.
اللهم احفظ الكويت ومن عليها من كل مكروه وسوء، اللهم رد كيد من يريد الكويت بسوء في نحره، اللهم عليك بالظالمين ومن عاونهم، اللهم اجعل الكويت بالأمن الذي لا يداخله خوف وبالأمان الذي لا يتبعه رعب، اللهم جند للكويت جنودا من السماء يحرسونها بفضلك وكرمك وجودك يا أكرم الأكرمين، اللهم احفظ أميرنا وولي عهده وحكومتنا الرشيدة وشعبنا الأبي. آمين يا رب العالمين.