يطيب لنا في ذكرى مولد نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام أن نتوقف بكل خشوع لنتصفح سيرة نبي الهدى.. وفي سيرته الكثير من العظة الحافلة بالمواقف العظيمة وفي مولده قال عنه أمير الشعراء أحمد شوقي:
ولد الهدى فالكائنات ضياء
وفم الزمان تبسم وثناءُ
الروح والملأ الملائك حوله
للدين والدنيا به بشراءُ
يا خير من جاء الوجود تحية
من مرسلين إلى الهدى بك جاءوا
بك بشّر الله السماء فازينت
وتضوّعت مسكا بك الغبراءُ
هذه بعض المختارات لقصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي، وهو أحسن ما قال في مديح الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام..
وما دمنا في ذكرى مولد النبي الحبيب فلا بد أن نطالع سيرته وأن نقتدي بها.. فقد قاسى كثيرا لنشر الرسالة الإلهية للبشر.. وكان شديدا في حزمه ولم يتهاون أو يتراجع أثناء سعيه لهداية البشر، ورغم محاولات كفار قريش منعه من نشره الدعوة فإنه وقف بكل صلابة يتحمل كل المشقة والتعذيب التي مارسها كفار قريش.. وتمكن من أن يواصل جهاده حتى استطاع أن يقوم بإنشاء أول دولة إسلامية في المدينة المنورة، ولم يتوقف عند هذا الحد بل أصر على أن يواصل نشر الدعوة المحمدية في الشرق والغرب وأرسل لقادة الروم والفرس وملك الأقباط في مصر.. بعد أن نجح في إقناع ملك الحبشة الذي ناصره ومنع من كان يحاول النيل منه.. وبفضل مواقفه الصلبة وإرادته القوية استطاع أن ينشر الدعوة في بلاد الروم والفرس.. كل هذا بسبب إصراره وعزمه على إنجاز الرسالة المكلف بها من قبل الله جل جلاله..
وعندما نعيد قراءة السيرة المحمدية كان علينا أن نستفيد من سيرته العطرة ومواقفه الصلبة لقد استطاع أن يحقق ما كان يسعى إليه في نشر الدعوة.. فلماذا لا نستفيد من هذه السيرة العظيمة التي حفلت بإصراره وعزمه الشديدين.. ولم يكن أن يتراجع في أي وقت مهما واجهه من مصاعب ومحاربة قاسية..
إن ما نحن به اليوم يدل على أننا لم نستوعب السيرة العطرة وأهملنا كل حقوقنا بسبب انشغالنا بخلافات ونزاعات كلها ساهمت في استمرار الحروب بين الشعوب العربية وتشتيت التضامن والوحدة..
ها هي الدول العربية والإسلامية مازالت تعيش خلافات ونزاعات صرفتنا عن أهدافنا الأساسية في مواجهة أعداء الإسلام والعروبة، الحقيقة ان الوضع العربي أسوأ من السيئ، فها هو لبنان مازال في نزاعات طائفية وحروب أهلية واليمن كذلك خلافات وحروب بين اليمنيين أنفسهم، وفي العراق هناك نزاع جاء بسبب الطائفية والعنصرية وفي سورية أيضا هناك ظروف غير مستقرة ولا يوجد أمن في الكثير من المدن السورية..
أرجو في ذكرى مولد النبي الأمين أن نتوقف عن هذه الخلافات والنزاعات، وأن نوجه كل جهودنا وأهدافنا لمصلحة شعوبنا ودولنا التي تستباح من قبل الأجنبي..
دعونا أخيرا لأن نعيد ذكرى مولد نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام ببعض أبيات من قصيدة لشوقي:
أبا الزَهراءِ قَد جاوَزتُ قَدري
بِمَدحِكَ بَيدَ أَنَّ لِيَ اِنتِسابا
فَما عَرَفَ البَلاغَةَ ذو بَيانٍ
إِذا لَم يَتَّخِذكَ لَهُ كِتابا
مَدَحتُ المالِكينَ فَزِدتُ قَدراً
فَحينَ مَدَحتُكَ اِقتَدتُ السّحابا
سَأَلتُ اللَهَ في أَبناءِ ديني
فَإِن تَكُنِ الوَسيلَةَ لي أَجابا
وَما لِلمُسلِمينَ سِواكَ حِصنٌ
إِذا ما الضَرُّ مَسَّهُمُ وَنابا
والله الموفق.