المصالحة الوطنية عهد عرفه أهل الكويت، حكاما ومحكومين، من أيام بالبيعة المباركة الأولى قبل 400 عام عندما بايع شعب الكويت بالإجماع الشيخ صباح بن جابر الصباح «الأول» حاكما عليهم عام 1752 ميلادية من هنا كان هذا الإجماع من الشيوخ وكبار الأسر الكويتية آنذاك ومؤازرة الشعب الكويتي المتسامح العظيم، وصارت البيعة كما التصالح بين الشعب والحكام على إدارة الدولة وشؤونها السياسية والمعيشية والاقتصادية والاجتماعية والقضائية.
ومن ذلك الوقت غرس الكويتيون في ضمائرهم روح التكافل والتسامح والتصالح وكانوا يلجأون لحكامهم للفصل بالخلافات والمنازعات فيما بينهم واستمروا على هذه الحال رغم الظروف المعيشية الصعبة متسامحين ومتحابين ومتعاونين فيما بينهم، بمباركة سامية من حكامهم بالحكمة والعقلانية التي أنارت لهم الطريق تبركا عبر تلك السنون الصعبة تجاوز أهل الكويت الأحداث التي وقعت لهم بسلام، بل كانوا متمسكين بشرعيتهم ومبادئ بيعتهم الأولى على قلب رجل واحد.
تجاوزا أخطر الأحداث التي واجهتهم بالسراء والضراء وانتهجوا الشورى بينهم للتوافق والتصالح وحسم الأمور والأحداث والمواقف بروح الأسرة الواحدة المتضامنة من أجل أن تبقى الكويت وطن الأمن والاستقرار والتصالح الوطني جيلا بعد جيل!
نعم، بهذه الروح الوطنية عبر أهل الكويت أزمة تلو أزمة منتصرين دائما لوطنهم ومبادئهم الثابتة والتي هي بلا شك مدرسة زعيمهم الشيخ صباح الأول الذي غرسها بحكمته وعقلانيته وبعد نظره في إدارة الحكم والتي سار عليها من بعده كل حكام الكويت الكرام الأشراف.
نعم، هذه هي الكلمة الطيبة التي غرست فينا نحن شعب الكويت عبر 400 عام، وتناقلها الآباء عبر الأجداد ويورثونها للأبناء جيلا بعد جيل لتظل سمة المصالحة الوطنية تجسيدا للمثل الشعبي المعروف عند أهل الكويت حين تصفو النفوس بينهم ويعم الوفاق ويسود التصالح والتسامح ويسمو التكافل بينهم، يقولون «طاح الحطب» وتعني زالت المشكلة وعمّ التوافق وانتهت المعضلات.
نعم، بيان المصالحة الوطنية والذي تلاه النائب عبيد الوسمي بتكليف من رئيس مجلس الأمة ونيابة عن زملائه النواب هو الدليل القاطع بأن «الحطب طاح» والمصالحة سادت بين الجميع ومن أجل الكويت ووحدتها الوطنية التأمت الجروح وسقطت كل أسباب الخلافات السياسية لنبدأ صفحة العهد الجديد بروح وحكمة وعقلانية.
«أمير العفو والمصالحة» وعضيده الأمين اللذان ترسخت في جوارحهما ومبادئهما روح آبائهم وأجدادهم حكام الكويت الأخيار من صباح الأول، رحمه الله، إلى نواف الأول، حفظه الله ورعاه، وسمو ولي عهده الأمين الشيخ مشعل، رعاه الله.
وبحمد الله وعونه ستبقى صفحات الكويت دائما مضيئة بأنوار المصالحة الوطنية لأن تاريخها التليد سيبقى يحمل مشعل النور والاستقرار الذي حبانا الله به عبر كل هذه السنوات بحمد الله وتوفيقه استقرت سفينة الخير المباركة على شواطئ الشرق وضفاف جبلة وستبقى الراية خفاقة على قمة المرقاب، وستكون الكويت بصفاء النفوس زاهية إلى الأبد بإذن الله وتيسيره.. نعم «طاح الحطب» بحمد الله ونعمته.