أصدر بنك الكويت المركزي بيانا صحافيا بمناسبة انتهاء زيارة بعثة خبراء صندوق النقد الدولي للبلاد خلال الفترة من 26 سبتمبر إلى 10 أكتوبر 2021، وذلك في إطار المشاورات الدورية لعام 2021، بموجب المادة الرابعة لاتفاقية إنشاء الصندوق.
وقد اجتمعت البعثة مع محافظ بنك الكويت المركزي وكبار المسؤولين في البنك المركزي، حيث تمت مناقشة المواضيع ذات الصلة باهتمامات البنك المركزي في مجالي السياسة النقدية والرقابة والإشراف على وحدات القطاع المصرفي والمالي.
وأكد البيان الختامي لخبراء الصندوق على أن تنفيذ الإصلاحات المالية من المرجح أن يستغرق عدة سنوات، ولذا فهناك حاجة إلى إطار مالي متوسط الأجل لدعم صنع السياسات السليمة والتقييم الصارم لخيارات الإصلاح.
وعلاوة على ذلك، وبالنظر إلى حساسية الميزان المالي الرئيسي لأسعار النفط، فإن هدف الميزان الأولي الهيكلي غير النفطي - الذي سيكون قويا بالنسبة لأسعار النفط والتقلبات الدورية - يمكن أن يتمثل في إرساء دعامة مالية مناسبة لدعم جهود ضبط أوضاع المالية العامة.
تحديات هيكلية
وفي هذا السياق، قال محافظ بنك الكويت المركزي د.محمد الهاشل إن البيان أبرز طبيعة التحديات الهيكلية الماثلة أمام الاقتصاد الكويتي وسبل مواجهتها، حيث رحب بيان البعثة بجهود بنك الكويت المركزي لتعزيز متانة القطاع المصرفي والمالي وزيادة تحصينه.
وأوضح المحافظ أن البيان الختامي للبعثة قد جاء ضمن خمسة محاور رئيسية، تشمل التطورات الأخيرة والتوقعات والمخاطر في الكويت، والسياسات قصيرة الأجل لدعم التعافي الاقتصادي، والسياسة المالية لتعزيز الاستدامة المالية، وتعزيز النمو في القطاعات غير النفطية والتوظيف، والسياسات النقدية والمالية لحماية الاستقرار المالي.
استجابة سريعة
ومع ذلك، فقد رأت البعثة أن السلطات الكويتية قد استجابت بسرعة وحزم لأزمة جائحة كورونا، حيث أشارت البعثة إلى أن التدابير الصارمة لاحتواء الجائحة والدعم الصحي خففت من حالات الإصابة والوفيات، وقد ساهمت مختلف تدابير الدعم المالي والنقدي التي اتخذتها الحكومة وبنك الكويت المركزي في تخفيف الأعباء على كل من الأسر والشركات والقطاع المالي، مما قلص من الأضرار الناجمة عن الجائحة.
وبفضل الجهود الحثيثة التي بذلتها السلطات الكويتية في توزيع اللقاحات، فقد تم تطعيم نحو 80% من السكان المستهدفين بالجرعة الأولى وتم تطعيم أكثر من 70% بجرعتين اعتبارا من منتصف سبتمبر 2021، وتباطأت وتيرة الإصابة بشكل كبير، مما سمح بانتعاش النشاط الاقتصادي.
توقع خبراء الصندوق أن يتعافى الاقتصاد الكويتي تدريجيا من هذه الجائحة، التي ترافقت فيها الآثار المباشرة لجائحة فيروس كورونا على النشاط الاقتصادي، مع الانخفاضات الحادة في أسعار النفط والتخفيضات في إنتاج النفط بموجب اتفاقية (أوپيك+) وتبعات ذلك على القطاع النفطي.
وتوقعت البعثة أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي انكماشا بنحو 8.9% (انكماش القطاعات غير النفطية بنسبة 7.5%، وانكماش القطاع النفطي بنسبة 9.8%) في عام 2020.
كما توقعت أن ينمو ناتج القطاعات غير النفطية بنحو 3% في 2021، مع تعافي النشاط الاقتصادي تدريجيا وتحسن البيئة العالمية، وأن ينمو بنحو 3.5% على المدى المتوسط.
ومن المتوقع كذلك أن ينتعش إنتاج النفط مع مراجعة الحصص وفق اتفاق (أوپيك+). وبشكل عام، فمن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.7% على المدى المتوسط.
وأن يبلغ متوسط التضخم السنوي نحو 3.2% في عام 2021 نظرا للزيادات في أسعار المواد الغذائية وتكاليف الخدمات المتصلة بالسفر وأن يبقى عند نحو 3% على المدى المتوسط.
رقابة وحصافة
اجتاز القطاع المالي الكويتي الأزمة بشكل جيد، مستفيدا من التنظيم الحصيف والرقابة اللصيقة لبنك الكويت المركزي عليه، وذلك إضافة إلى المصدات القوية لديه قبل دخول الأزمة.
وأشارت البعثة إلى أن التدابير التي اتخذها بنك الكويت المركزي قد ساعدت على دعم النمو في الائتمان السنوي بنسبة 3.6% في نهاية عام 2020.
فالبنوك تتمتع برسملة جيدة وسيولة عالية. وفي عام 2021، بلغ معيار صافي التمويل المستقر لدى البنوك نحو 110% ومعيار تغطية السيولة نحو 174.5%. وبلغ معدل كفاية رأس المال لدى البنوك نحو 18.7%، وهو ما يفوق بشكل كبير الحد الأدنى المطلوب.
كما بلغ صافي القروض غير المنتظمة من المخصصات المحددة نحو 1.7%، وسجل مجموع المخصصات لإجمالي القروض غير المنتظمة مستوى مرتفعا بلغ نحو 195%.
آفاق النمو
أما فيما يتعلق بآفاق النمو فتحيط بها حالة من عدم اليقين، مع ميل ميزان المخاطر إلى الجانب السلبي، حيث أشارت البعثة إلى أن استمرار أمد الجائحة قد يؤثر على الانتعاش الاقتصادي المتوقع.
وقد يؤدي التأخير في تبني إصلاحات مالية وهيكلية إلى تفاقم المخاطر المرتبطة بالسياسات المالية المواكبة للدورات الاقتصادية، وتقويض ثقة المستثمرين، وعرقلة التقدم نحو مزيد من التنويع الاقتصادي وزيادة القدرة التنافسية، وسيكون لتقلبات أسعار النفط تأثير كبير على التوقعات وموازين الاقتصاد الكلي.
وفي المقابل، فإن انتعاش النشاط العالمي بأكثر مما كان متوقعا يمكن أن يعزز الإيرادات النفطية، فيما يمكن أن يؤدي حل الجمود السياسي والضبط القوي لأوضاع المالية العامة إلى تحسين معنويات المستثمرين إلى حد كبير.
الضرائب أحد حلول ضبط المالية العامة
على صعيد السياسة المالية لتعزيز الاستدامة المالية، يرى خبراء الصندوق أن الاستدامة المالية وإعادة بناء المصدات الوقائية تستوجب إطلاق خطة طموحة ذات مصداقية لضبط أوضاع المالية وأن تكون ملائمة للنمو على المدى المتوسط.
كما ذكرت البعثة أن مسار التعديل المحتمل الذي من شأنه أن يسد فجوة المدخرات بين الأجيال ويقلل من احتياجات التمويل يتطلب إصلاحات في الإيرادات والإنفاق العام، ويمكن أن تشتمل التدابير على جانب الإيرادات العامة إدخال ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، وضرائب على التبغ، وتوسيع ضريبة الشركات لتشمل الشركات المحلية، وتنفيذ ضريبة الممتلكات.
64 ألف وظيفة مطلوبة بالمدى المتوسط
أشار البيان الختامي لخبراء الصندوق إلى الإصلاحات المطلوبة بشكل عاجل لتعزيز النمو في القطاعات غير النفطية، وبالنظر إلى التركيبة السكانية في الكويت فإنه من المتوقع دخول أكثر من 100 ألف شاب إلى سوق العمل على المدى المتوسط، ومع مراعاة حالات التقاعد سيتعين على الحكومة توفير نحو 64 ألف فرصة عمل جديدة على المدى المتوسط.
وأشارت البعثة إلى أنه ومع الضغوط المالية التي تحد من التوظيف في القطاع العام، يجب أن يتضاعف نمو القطاعات غير النفطية لتوفير فرص كافية في القطاع الخاص للباحثين عن العمل.