من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس»، حيث يعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم لأوضاعهم المالية. ويرتكز المؤشر على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات، حيث يتم إجراؤه بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتمت مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت. وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الست بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي»، ويتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين.
أصدرت شركة آراء للبحوث والاستشارات التسويقية مؤشرها لثقة المستهلك في الكويت لشهر سبتمبر 2021 بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية «لكزس»، حيث ارتفع معدل المؤشر العام الى 170 نقطة، هو الأعلى منذ سنوات متقدما 4 نقاط خلال شهر و5 نقاط على أساس سنوي، ويتضمن ارتفاع مستوى الثقة في أوساط المستطلعين على مدلولات عدة أبرزها:
1- التغلب الثابت والتدريجي على انتشار الوباء في الكويت، تقليص تداعياته السلبية على الدورة الاقتصادية وتخفيض مهم في النفقات المتعددة التي فرضها هذا الوباء.
2- النمو والتعافي الاقتصادي في معظم القطاعات الاقتصادية الكويتية والقطاعات التي أغلقت سابقا أو تعرضت للانكماش خلال انتشار كورونا.
ولا شك أن امتداد التعافي الاقتصادي على المستوى الدولي وارتفاع الطلب على النفط والغاز ساهم في ثبات ثقة المستهلكين في الدول المنتجة للنفط. بما فيها الكويت، فقد ارتفعت أسعار النفط بخطى ثابتة مع توقعات بالمزيد من تعزيز الأسعار في الأشهر المقبلة، وضمن هذه الأجواء المؤاتية عبرت أكثرية وازنة من مكونات البحث عن رضاها وثقتها بالأوضاع الراهنة.
هذا بالرغم من مواجهة عجز موازنة السنة المالية 2020/2021 الذي ارتفع الى ما يوازي 10.8 مليارات دينار وشكل عبئا ماليا ضاغطا نتيجة تداعيات ونفقات الجائحة والانخفاض الحاد بأسعار النفط وانخفاض الطلب عليه، فضلا عن التقلص الحاد في الدخل الوطني الكويتي كسائر دول العالم في مواجهة هذه التحديات. وبالرغم من ذلك قررت المراجع الكويتية توسيع الاستثمار في المشاريع الكبيرة، لاسيما النفطية منها.
في إطار المستجدات والمتغيرات الطارئة لاسيما منها ارتفاع أسعار النفط وتعافي الاقتصاد والعجز غير المسبوق في موازنة السنة المالية المنصرمة والحد من تداعيات الوباء، منح المواطنين المؤشر العام معدل بلغ 99 نقطة معززين رصيدهم الشهري بخمس نقاط، بينما ارتفع هذا المعدل في أوساط المقيمين العرب الى 112 نقطة بإضافة نقطتين على رصيدهم السابق.
أما على صعيد المناطق، فسجلت محافظة الجهراء قفزة في مستوى الثقة مضيفة 27 نقطة الى مستواها السابق، وكذلك العاصمة رفعت رصيدها بزيادة 16 نقطة مقارنة بشهر أغسطس المنصرم، وهذه النماذج عن نتائج البحث تشير الى تحسن ملموس في مستوى ثقة المستهلكين وتعكس المتغيرات الإيجابية على مختلف الصعد الاقتصادية والمالية والصحية.
ثقة المستهلك بالعاصمة
سجل مؤشر آراء للوضع الاقتصادي الحالي معدلا بلغ 92 نقطة بإضافة نقطتين خلال شهر، معززا مستواه السنوي بخمس نقاط.
واللافت في هذا المجال رفع مكونات البحث في العاصمة معدلهم الشهري السابق لمؤشر الوضع الاقتصادي الحالي 20 نقطة، ومعدل مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا 30 نقطة مقارنة بنتائج المعدلين خلال شهر أغسطس المنصرم، وقد عكس ارتفاع مستوى الثقة بالأوضاع الاقتصادية عكسها جملة من الانجازات نشير إلى بعض عناوينها ومنها:
1- التعافي الاقتصادي.
2- ارتفاع أسعار النفط واستقرار قانون العرض والطلب معتمدا على القرارات المتخذة من قبل منظمة «أوپيك».
3- انكفاء تداعيات كورونا.
بالإضافة الى الانجازات المحققة منذ بداية العام وبشكل مستمر في نشاط بورصة الكويت وتحقيق جملة من المكاسب على كل الصعد.
هذا فضلا عن المتابعة الرسمية للاستثمار في مشاريع عدة، أنجز بعضها وبعضها الآخر قيد الانجاز، علما ان ميزان المدفوعات حقق مكاسب منذ بداية العام حتى الآن.
كذلك انتعاش القطاع العقاري وقطاع البناء وعودة النشاط إلى مختلف القطاعات التي توقفت عن العمل جزئيا أو كليا من خلال انتشار الوباء.
هذه الإيجابيات رجحت الثقة في الأوضاع الاقتصادية من قبل المستطلعين.
لقد تباينت معدلات محافظات بحيث ارتفع معدل محافظة الجهراء 27 نقطة والعاصمة 16 نقطة بينما تراجع المعدل في المحافظات الاخرى بين خمس نقاط ونقطة واحدة.
الملاحظ ارتفاع مستوى ثقة لدى ذوي الدراسة الثانوية بنسبة 24 نقطة بينما تراجعت في أوساط الفئات ذات الوظائف المرتفعة بـ 24 نقطة.
من الطبيعي أن تتباين مستويات رضا المستهلكين نظرا لتباين مستوى النمو في مختلف القطاعات.
انتعاش قطاعي العقار والبناء
سجل مؤشر الدخل الفردي الحالي 102 نقطة معززا رصيده السابق بـ 17 نقطة خلال شهر ويبدو أن مستوى رضا معظم المستطلعين ارتفع بنسب جيدة معبرا عن ارتفاع الطلب على العمالة من جهة وعلى انتعاش نسبي لمختلف القطاعات الاقتصادية، لاسيما قطاع البناء والعقارات. هذا الانتعاش ينعكس إيجابا على المداخيل الفردية على قاعدة العرض والطلب في سوق العمل. على صعيد المناطق ارتفع رصيد معدل مكونات البحث في العاصمة 25 نقطة، وفي محافظة مبارك الكبير 17 نقطة وفي محافظة حولي 14 نقطة والفروانية 12 نقطة بينما قفز معدل هذا المؤشر في محافظة الجهراء 46 نقطة خلال شهر. اللافت ارتفاع هذا المعدل على أساس سنوي 14 نقطة.
يبدو أن سوق العمل بحاجة الى المزيد من العمالة ذات الكفاءات العلمية المتوسطة وما دون، حيث ارتفعت معدلات هذه الفئات ما بين 19 إلى 45 نقطة خلال شهر.
تعافي سوق العمل.. وزيادة الوظائف المتوافرة
سجل مؤشر آراء للوظائف المتوافرة في السوق حاليا، قفزة نوعية، حيث ارتفع معدله الى مستوى 169 نقطة، معززا رصيده الشهري 17 نقطة، ومتجاوزا رصيده السنوي المسجل خلال شهر سبتمبر في العام الماضي 48 نقطة، عاكسا بذلك نسبة تعافي الحركة الاقتصادية في مختلف قطاعاتها.
واللافت تعبير الأكثرية الساحقة من مكونات البحث المناطقية والاجتماعية عن رضاها بمستوى الوظائف المتوافرة، رافعين معدلاتهم بنسب غير مسبوقة.
إن أسباب توافر الوظائف وارتفاع الطلب على العمالة يندرج ضمن مروحة واسعة من الأسباب ومنها:
1- إن ما يزيد على 190 ألف موظف وعامل من الوافدين غادروا الكويت بسبب انتشار جائحة كورونا.
2- عودة القطاعات الاقتصادية التي أغلقت جزئيا أو كليا خلال انتشار الوباء الى العمل.
3- تعافي القطاع العقاري وصناعة البناء.
4- المشاريع الحكومية التي أنجزت أو التي هي قيد الانجاز والقائمة في عدة ميادين لاسيما القطاع النفطي.
هذه العوامل وغيرها رفعت بشكل ملحوظ مستوى الطلب على القوى العاملة بما في ذلك القطاع النفطي، الذي يعرض على المواطنين المؤهلين، وظائف فنية، الانضمام إلى العمل في القطاع حالا، لأنه بحاجة فورية الى 1491 موظفا للعمل في نفط الكويت والبترول الوطنية، بهدف رفع مستوى التكويت في إطار البرنامج المرعي الإجراء من قبل السلطات الرسمية.
ارتفاع تكاليف السفر.. يقلصإنفاق المواطنين الاستهلاكي
بعكس الميل الإيجابي وارتفاع ثقة المستطلعين بمختلف مؤشرات البحث، فقد بينت المعطيات تراجعا لمستوى الإقبال على الشراء من معظم مكونات البحث لاسيما منهم المواطنين، حيث سجل مؤشر شراء المنتجات المعمرة خلال شهر سبتمبر 88 نقطة متراجعا 15 نقطة خلال شهر، ومتخلفا 34 نقطة على أساس سنوي.
قد تكون النفقات التي تكبدوها خلال فصل الصيف، فرضت على بعضهم تخفيض مستوى الإنفاق، مع الإشارة الى ارتفاع غير مسبوق لأسعار بطاقات السفر الذي تجاوز أحيانا 66% في الربع الأول من السنة الراهنة كما ارتفعت بدلات الإيجار السكني بما يتجاوز 18%، لعل هذه العوامل ساهمت أيضا في تقليص الإنفاق.