تظاهر عشرات الآلاف من أنصار الحكم المدني في السودان في شوارع العاصمة الخرطوم امس وسط أجواء متوترة، حيث يعتصم مؤيدون
لـ «حكومة عسكرية» يقولون إنها وحدها قادرة على إخراج البلاد من أزمتين اقتصادية وسياسية متفاقمتين.
واختار المحتجون يوما له رمزية كبيرة في السودان إذ يصادف ذكرى أول انتفاضة شعبية في البلاد في 21 أكتوبر عام 1964 التي أطاحت بحكم الجنرال ابراهيم عبود ومجلسه العسكري. وانتشرت الشرطة لحماية المباني الحكومية، فيما أغلق الجيش كل الطرق المحيطة بمقر قيادته في وسط الخرطوم بوضع حواجز أسمنتية ونشر جنود يحملون بنادق كلاشينكوف، وفقا لصحافي في وكالة فرانس برس.
ورفع مئات الشباب المؤيدين للحكم المدني أعلام السودان هاتفين: «المدنية.. خيار الشعب»، و«ثوار.. أحرار.. حنكمل المشوار». كما رفعوا شعار «الردة مستحيلة»، في إشارة الى رفضهم العودة الى الحكم العسكري أو النظام الإسلامي الذي حكم السودان على مدى ثلاثين عاما بقيادة عمر البشير الذي أطيح به تحت ضغط انتفاضة شعبية عارمة في أبريل 2019 كما شهدت مدن بورتسودان (شرقا على البحر الاحمر) وعطبرة ومدني تظاهرات مماثلة.
ونظم عشرات من الصحافيين مسيرة رافعين لافتات كتب عليها «السلطة للشعب».
وارتفعت شعارات مناهضة لرئيس المجلس السيادي الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان وسط أنصار الحكم المدني، وهتف المتظاهرون «سلم سلم (السلطة) يا برهان».
وقدرت «رويترز» عدد المشاركين بمئات الآلاف، مما يجعلها أكبر مظاهرة خلال فترة الانتقال.
كما نزل متظاهرون آخرون الى الشارع في مدن سودانية أخرى. وأطلقت الشرطة السودانية الغاز المسيل للدموع على متظاهرين يدعون الى تسليم السلطة لحكومة مدنية أمام مبنى البرلمان بمدينة أم درمان التوأم للعاصمة الخرطوم، وفق ما أفاد شهود وصحافي في وكالة فرانس برس.
في المقابل، سار مؤيدو الجيش من جهتهم على أحد الجسور في الخرطوم وهم يرفعون لافتات تحمل صور رئيس الوزراء عبدالله حمدوك مع علامة (X) عليها، في إشارة الى مطلبهم حل حكومته.
وقال حماد عبدالرحمن ذو السبعة وثلاثين عاما الذي يشارك في اعتصام المؤيدين لحكومة عسكرية وقد ارتدى زيا سودانيا تقليديا «الناس الذين يتظاهرون حقهم أن يعبروا، لكننا نؤمن بأننا في الموقف الصحيح».
وعقد الطرفان المتظاهران امس الاول مؤتمرين صحافيين في وقت متزامن تقريبا، وقال أحد قادة المعتصمين مني مناوي «21 أكتوبر هو يوم للتسامح مع الجميع وليس للتحريض». ويرأس مناوي حركة تحرير السودان، وهو حاليا محافظ ولاية دارفور.
في غضون ذلك، دعت سفارة الولايات المتحدة بالخرطوم المتظاهرين الى الحفاظ على الطابع «السلمي» للاحتجاج.
وقالت السفارة في بيان امس «نشجع المتظاهرين على السلمية ونذكرهم بالدعم الأميركي القوي للانتقال الديموقراطي في السودان».