twitter facebook whatsapp viber telegram email كويت الغوص واللؤلؤ.. واستحداث الدينار.. وقبلة الزائرين .. أوراق كويتية(6) الاثنين 2021/10/25 المصدر : الأنباء عدد التعليقات 1 A+ A- اضغط هنا لقراءةملخص الموضوع X نجاح في عملية تلخيص الموضوع حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع بقلم : د.يعقوب يوسف الغنيم رجال البحر أدوا واجبهم وكسبوا رزقهم بجدهم وكفاحهم ولا تزال ذكراهم مقيمة في نفوس أحفادهم الغوص الكبير يبدأ من الثلث الأخير من مايو وينتهي في سبتمبر وتقوم حوله تجارة اللؤلؤ ببيع وشراء وتصدير ناتج الرحلة صدور الدينار في 1960 وحافظ على قوته رغم الأحداث بفضل الدعم المستمر من الحكومة وأساسه المتين إعلان تبديل النقد وإشهار مجلس النقد الكويتي لبدء العمل بالعملة الجديدة في أول أبريل 1961 رونكيير زار الكويت وسجل ملاحظاته على مقابلته مع الشيخ مبارك الصباح وأكد أنه رجل حصيف صاحب وعي نافذ الغوص على اللؤلؤ مشقة خاضها الآباء والأجداد الجالبوت إحدى سفن الغوص الأساسية نواصل نشر هذه الأوراق الكويتية المنوعة، ويبدو أننا سنستمر طويلا في هذا السبيل، لأن ما لدي من أوراق مكتوبة كثير، وكله يستحق الحفظ والقراءة، وذلك لأن كل ما ورد في الأوراق من معلومات له علاقة بتاريخ الكويت الذي نحرص دائما على تسجيله وحفظه.1 - الغوص على اللؤلؤ. 2 - من زوار الكويت قديما. 3 - مع اللهجة الكويتية.1 - الغوص على اللؤلؤالغوص على اللؤلؤ من أشق الأعمال التي يواجهها الإنسان في حياته العملية، وكان الغاصة الكويتيون ومن معهم على ظهر سفينة الغوص يعانون أشد المعاناة منذ أن يبدأ موسم الغوص الى أن تحين نهايته. وتبدأ عملية الغوص على اللؤلؤ عندما ترسو السفينة في الموضع الذي يُتوقع فيه المحار في عرض البحر، وعندها يلقي البحارة مرساتهم وهم يدعون الله سبحانه بالتوفيق قائلين:دار نزلنا وابرك دارعلى الهير والمحاريا الله منزل امباركوأنت خير المنزلينوتتراوح مدة العمل اليومي ما بين اثنتي عشرة ساعة وأربع عشرة ساعة، وتصل في وقت ارتفاع درجة الحرارة الى ست عشرة ساعة، وطريقة العمل بالنسبة للغاصة تكون بأن يغوص الغائص 6 مرات يبحث فيها عن المحار، ثم يستريح ما يعادل ضعف المدة التي غاص فيها، وهذا يكون في بداية الموسم حين يكون ماء البحر باردا نوعا ما، أما بعد ذلك فيرتفع عدد المرات الى عشر يعادلها استراحة تعادل عشر غوصات، والغوصة الواحدة تسمى عندهم (تبَّه)، وجمعها (تبَّات). يبدأ العمل باستيقاظ ركاب السفينة في وقت مبكر من النهار فيصلون صلاة الصبح، ثم يتناولون الشاي والقهوة وشيئا من التمر، وعندما تطلع الشمس يبدأ العمل، وعند الغروب تطوى الحبال ويخرجون من البحر مرددين قولهم: لا إله إلا الله، ثم يصلون صلاة المغرب، ويتناولون عشاءهم المكون عادة من الرز والسمك، ثم ينامون بعد صلاة العشاء، وفي صباح اليوم التالي يبدأ العمل في فتح المحار، ويسمى عملهم هذا فلق المحار، ويكون بواسطة سكين خاصة تسمى مفلقة. هذا ومن أدوات الغوص التي لابد منها لإكمال هذا العمل (الفطام) وهو قطعة مستخرجة من عظم السلحفاة توضع فوق الأنف لتغلقه وقت النزول الى البحر، ومنها (الخبط) وهو شيء من الجلد يلبس على الأصابع لوقايتها من الجروح، والديين وهو وعاء من الشبك يعلق في رقبة الغيص ليضع فيه ما يحصل عليه من محار، تضاف إليها بعض الأشياء الصغيرة التي لابد منها للغائص وهو في قاع البحر.وعلى كل حال فقد أدى هؤلاء الرجال واجبهم، وكسبوا رزقهم بجدهم وكفاحهم، ولا تزال ذكراهم مقيمة في نفوس أحفادهم.يتردد اسم الغوص دائما، ويقصد به الغوص الكبير الذي تشترك فيه أعداد كثيرة من السفن الصغيرة والكبيرة، وتهتم البلاد بأسرها بموسمه الذي يبدأ من الثلث الأخير من شهر مايو وينتهي في شهر سبتمبر من كل سنة وهو موسم عليه اعتماد البلاد في كثير من أمور معيشتها، وتقوم حوله تجارة من أهم تجارات الكويت هي تجارة اللؤلؤ، حيث يقوم عدد من التجار ببيع وشراء وتصدير ناتج عملية الغوص، بل إن منهم من يسافر في سفينته الخاصة لمزاولة مهنة البيع والشراء في خارج البلاد بالقرب من أماكن الغوص وهؤلاء يُطلق عليهم اسم الطواويش واحدهم طواش وعملهم يسمى الطواشة.غير أن للغوص أنواعا أخرى أقل مستوى من الغوص الكبير من حيث عدد السفن، ومن حيث عدد البحارة، وكذلك من حيث كمية الناتج. ولكن هذه الأعمال قائمة - على كل حال - ولها مواسمها المعروفة، ولها بحارة يحرصون على مزاولة عملهم فيها.وبعد أن ينتهي موسم الغوص، وتعود السفن بأهلها الى الوطن، وبعد راحة قصيرة، يتجه عدد من الغاصة - مرة أخرى - الى الغوص لمدة لا تزيد على شهر، حيث تنتهي هذه العملية التي تسمى الردة - أي الرجوع - قبل اشتداد البرد، وهذا الموسم لا تنطبق عليه الأنظمة التي تسري على الغوص الكبير، ولا تشترك فيه إلا بعض السفن المتوسطة والصغيرة الحجم، وفي غوص الردة يتحمل صاحب السفينة وعادة ما يكون هو النوخذة مصروفات التموين حتى ولو لم يكف المحصول لسدادها، أما ما زاد فيُقسم بين المشتركين في الرحلة بحسب نظام الغوص المعتاد.ويلحق هذا الموسم موسم آخر يسمى (الرديدة) يقوم به بعض أصحاب السفن الصغيرة بعد العودة من رحلة الردة، ويكون عمل المشاركين في (الرديدة) في الأماكن القريبة من الساحل، وغالبا ما يكون عملهم هو التقاط المحار من البحر عندما يكون في حال الجزر، وتسمى هذه الطريقة المجنى (لمجنّى) والقصد منه أن المحار يُجنى كما تُجنى الثمار من أشجارها، وهناك نوع آخر من الغوص يكون سابقا على موعد الغوص الكبير بما لا يقل عن شهر، وهذه الرحلة تسمى (الخانجية) وهي شبيهة برحلة الردة من حيث نظام العمل والمقصود منها استكشاف موقع الغوص قبل بدء الموسم.ولما كان الغوص على اللؤلؤ هو المورد المالي للكويت في ذلك الوقت الى حد ما. فإن من الجدير بنا أن نلحق بموضوعنا هذا حديثا عن النقد الكويتي قديما وحديثا.وذلك كما يلي:كان الروبية الهندية هي العملة المتداولة قبل الإصدار الأول من النقد الكويتي (الدينار) الذي طرح في الأسواق في الأول من شهر أبريل لسنة 1961م، وقد بدأ تداول الروبية الهندية في عهد الشيخ جابر عبدالله الصباح الذي تولى حكم الكويت في الفترة ما بين سنة 1814م وسنة 1859م، وكانت الهند تحت الحكم البريطاني في زمن الملك وليم الرابع. وعندما تولت الملكة فيكتوريا الحكم في بلدها في سنة 1837م صدرت الروبية الهندية التي تحمل صورة هذه الملكة، واستمر تداول العملة التي تحمل صورة الملكة فيكتوريا الى أن حكم بريطانيا الملك إدوارد السابع في سنة 1901م، واستمر تداولها في الكويت في عهد الشيخ مبارك الصباح الذي دخلت البلاد في عهده الى طورا جديدا نمت فيه تجارتها وقوي اقتصادها، وازدادت علاقاتها ببقية الدول، خاصة الهند وما جاورها اضافة الى الدول الاخرى في الخليج وجزيرة العرب. وعندما حكم الملك جورج الخامس بريطانيا في سنة 1910م جاءت الى الكويت من الهند الروبية التي تحمل صورته، وقد كان تداولها هنا منذ عصر الشيخ مبارك الصباح حتى عصر الشيخ أحمد الجابر الصباح، وهي فترة طويلة، برزت فيها الكويت كيانا مستقلا له علاقات طيبة مع عدد من الدول، وشهدت قيام الحرب العالمية الأولى، وما صاحبها من تداعيات أدت الى سقوط الدولة العثمانية، وبناء السور الثالث، في سنة 1920م، وازدياد النشاط البحري للكويت بكثرة السفن وزيادة حمولتها، وفي سنة 1936م جاءت الروبية الهندية حاملة صورة الملك البريطاني جورج الخامس الذي حكم بريطانيا منذ هذا التاريخ، وفي عهده انتهى الاستعمار البريطاني للهند في سنة 1947م وانفصلت الهند عن الباكستان فأصبحتا دولتين مستقلتين. وهنا أصدرت الهند الروبية التي ظلت الكويت تتعامل معها وهي التي حلت محل الروبية التي كانت سائدة من قبل وتحمل صورة الملك البريطاني، وكان ذلك حتى تاريخ الاول من ابريل لسنة 1961م حين صدر الدينار الكويتي.تتكون الروبية من ستة عشرة آنة، وتتكون الآنة من أربع بيزات، وتتكون البيزة من ثلاث آرديات، وتعادل الروبية في ذلك الوقت ما يساوي خمسة وسبعين فلسا.وفي اليوم الحادي عشر من شهر أبريل لسنة 1960م صدر النقد الكويتي (الدينار) ومنذ صدوره وهو نقد قوي لم تزعزعه الأحداث لأنه يعتمد على أساس قوي، وعلى دعم مستمر من الحكومة يحفظان له قيمته ويساعدان على استمراره على مستواه.صدر المرسوم الأميري رقم 1 المنشور في الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) بتاريخ الثاني عشر من شهر مارس لسنة 1961م بصدد استحداث الدينار الكويتي، حيث إن الكويت تتعامل في صرفها بالروبية الصادرة من الهند فقد كان لابد من إعطاء المتعاملين من الأهالي والتجار فرصة لتغيير ما لديهم من نقد، وأن تكون هذه الفرصة في مدة مناسبة، بحيث لا يحدث أي اضطراب في سوق الصرف أو في التعاملات بشكل عام، ولذلك صدر إعلان تبديل النقد، ونشر في العدد رقم 319 من الجريدة الرسمية. وقام بالإعلان مجلس النقد الكويتي الذي كان إنشاؤه سابقا على إنشاء البنك المركزي، وقد أشار هذا الاعلان الى أن النقد الجديد سيبدأ العمل به في الاول من أبريل لسنة 1961م، وانه خلال الستة أسابيع الاولى من صدوره يجوز العمل بالعملتين القديمة والجديدة، بمعنى أن روبيات الخليج والدنانير الكويتية عملة قانونية حتى يوم السبت الثالث عشر من مايو لسنة 1961م، وأنه لا يجوز للشخص الذي يُدفع له أي مبلغ بأحد النقدين أن يُطالب بالنقد الآخر أو أي فرق بينهما.وأشار بيان المجلس الى أن يوم الثالث عشر من شهر مايو هو اليوم الذي سيصبح فيه النقد الكويتي وحدهُ العملة القانونية في الكويت، كما حدد البيان سعر الروبية بخمسة وسبعين فلسا كويتيا، وذكر أن البنوك ومكاتب البريد ستفتح أبوابها من أجل تبديل العملة في الفترة المسائية.لقد كان استحداث النقد الكويتي خطوة بمهمة في تاريخ الكويت من الناحية المالية والاقتصادية، وكان استمرار إدارة النقد الكويتي على النهج السليم منذ تأسيس مجلس النقد الكويتي، ثم بعد إنشاء بنك الكويت المركزي سببا من أسباب رسوخ الدينار رغم ما اعترض الكويت والعالم أجمع من أحداث.2 - من زوار الكويت قديماً باركلي رونكيير سجل ملاحظاته على لقائه مع الشيخ مبارك الصباح لئن كنا قد تحدثنا عن بعض زوار الكويت، وعن انطباعاتهم الشخصية عنها، وعن المعلومات التي وردتنا عن طريقهم فإنه لايزال هناك عدد منهم لم نتطرق إليه بالذكر، ومن هؤلاء رونكيير الذي جاء الى الكويت في سنة 1912م وهو يعتزم السفر عن طريقها الى المملكة العربية السعودية، لقد قدم في رحلته هذه بتمويل من الجمعية الجغرافية الملكية الدنماركية، بقصد القيام بدراسة شاملة عن جزيرة العرب بما في ذلك جمع أكبر قدر من المعلومات والصور التي تمثل الحياة فيها آنذاك.جاء رونكيير الى المنطقة محملا بتوصيات من بعض الجهات في السلطة التركية رتبتها له الجمعية التي جاء بتمويل منها وفق ما ذكرناه آنفاً.من حسن حظنا ان هذا الزائر كان لماحا دقيق الملاحظة، وكانت كتاباته عن المناطق التي زارها واضحة تحتوي على تفصيلات كاملة، مع عناية منه خاصة بأنماط الحياة الإنسانية في المنطقة، والعناية بوصف اعمال الناس، وطرقهم في كسب معيشتهم.ومن حسن حظنا - ايضا - ان استقبله الشيخ مبارك الصباح عند حضوره الى الكويت، فكان لنا بذلك فرصة الاطلاع على ما كتب هذا الزائر من وصف وملاحظات حول لحظات الاستقبال، مؤكدا ذلك بلمحات من انطبع في نفسه وقع للمقابلة مع رجل حصيف مثل الشيخ مبارك الذي كان دقيقا جدا في حديثه معه بحيث لم يفتح له قلبه، ولم يقدم على مساعدته في رحلته إلا بعد ان اطمأن إليه وعرف أنه لا اهداف سياسية او تجسسية لديه وأن كل ما يريده هو المعرفة. وقد اعجب رونكيير بملاحظات الشيخ مبارك واعتبرها دليلا على الوعي الذي يتميز به الحاكم، وتتميز به رعيته ايضا. وكان يرى ان هذه الاستفسارات طبيعية في ظل الظروف التي كانت البلاد تعيش تحت ظلها بما فيها من مخاطر، ولقد بيّن هذا الزائر ان اهل الكويت وحاكمهم حريصون على حماية وطنهم والنأي به عن كل المنغصات والأطماع، وفي الوقت نفسه هم حريصون على ان تكون علاقاتهم مع الجميع علاقات طيبة يسودها الوفاق والتعاون. ١٠٠ روبية إصدار ١٩٣٨ ١٠ دنانير (الاصدار الأول) تحدث رونكيير عن لقائه بالشيخ مبارك الصباح مبتدئا بوصف المكان الذي قصده من اجل هذا اللقاء، يقول: «هنا في موقع مطل على البحر مقر الشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت والموقع حصين يحميه حراس شخصيون مسلحون يقترب عددهم من الستين رجلا».هذا أولا؛ وثانيا فهو يأتي الى ذكر الشخص الكبير الذي منحه فرصة هذا اللقاء، وقد كان في نفس رونكيير ما يكفي من التهيب لهذه اللحظة فكل الامور - وهو يعترف بذلك - تدفع بالحاكم الى الشك فيه، ولعل اول ما يدعو الى هذا الشك تلك التوصية التركية التي حملها معه وهو يظن ان الشيخ مبارك الصباح يقيم وزنا لها، اضافة الى ما تثير في نفسه من ظنون يوجهها الى زائره.يقول رونكيير: «والحاكم رجل ممتلئ حيوية، وإن كان في السبعين من عمره، وقد كان جالسا على كرسي له مسندان، ولاحظت انه ينعم النظر بحرص: فأنا أوروبي يرتدي ملابس عربية. لست انجليزيا، ولا ألمانيا، ومع ذلك فأنا اقوم برحلة ومعي توصية خاصة من الحكومة التركية».إن الأمر مختلف في ذهن الشيخ مبارك فهذا الرجل لم يكن من الدولتين اللتين تراقبان الكويت، ولهما فيهما مصالح متوقعة ومع ذلك فإنه يحمل توصية البلاد التي تطمع بالكويت ويحذرها الشيخ مبارك كل الحذر.ومع كل ذلك؛ يقول رونكيير: «كان استقبال الشيخ لي رسميا، ومؤدبا، وإن كانت اسئلته الموجهة إليَّ يشوبها عدم الثقة، والتحفظ، وكان واضحا ان الشيخ لم يصل بعد إلى قرار حول كيفية معاملتي»، وكان الزائر يقرّ في نفسه أن مضيفه له كل الحق في هذا الموقف الذي لم يأت بما يريده من دعم ومساندة سريعين، ولكن النتيجة النهائية جاءت بعد ان وثق الشيخ بالرجل وعلم بطريقته الخاصة أنه لا يحمل في طيات نفسه صفة عميل سياسي لأحد. فقدم له كل ما يريد وهيأ له فرصة الوصول إلى هدفه.ومرة أخرى نعود إلى رحلة رونكيير، وموقف الشيخ مبارك الصباح منه بعد المقابلة التي تمت بينهما، ومن بين الشك واليقين توصل الشيخ الى سلامة موقف زائره، وعرف أنه صادق في عرضه وفي طلبه الذي قدمه إليه، فهو لا يريد أكثر من إيصاله إلى داخل جزيرة العرب وحمايته.لقد كانت سريرة رونكيير متفتحة، واغتباطه واضحا وهو يعبر عن هذه اللحظة بقوله: «وقد انتهت المقابلة الأولى مع الشيخ مبارك بوعد منه أن يرسل معي مبعوثا إلى بعض أفراد من قبيلة العجمان الذين اذا وافقوا على مرافقتي، فسوف يتحملون مسؤوليته قيادة رَكْبِي وحمايته في رحلته الى محطتي الأولى في القطيف ثم الهفوف».بقي صاحبنا في الكويت أياما في انتظار أفراد القبيلة الذين اختارهم الشيخ وعرَّفهم ما هو مطلوب. حتى تتم الرحلة، وكان احد اتباع الشيخ مبارك واسمه محمد مكلفا بمرافقة الضيف وتنفيذ طلباته، والتجول معه في أنحاء العاصمة التي كان تواقا الى الاطلاع على خفاياها. ولقد زار بصحبة محمد هذا عددا من المباني ووصفها وصفا دقيقا، ورسم لها بعض الرسوم التي تبين تحديدها، وقد بدأ حديثه بقوله: «وسط الواجهة البحرية يقع قصر الشيخ، وهو مجمع كبير يضم بنايات عدة بنيت في اوقات متفرقة، وبحسب طرق مختلفة».وينطلق في الوصف ليحدد ما يلي: «والقصر ينقسم الى ثلاثة اجزاء وفق استخداماتها فهناك المقر الخاص بالشيخ مع حريمه، وهو المبنى الذي يبدأ من الشاطئ، ومقر للحرس الشخصي، وللخدم الذكور، وعلى المنحدر خلف هذا المبنى يقع مبنى الضيوف، وأخيرا هناك المبنى الحكومي على الشاطئ نفسه».ثم يعود رونكيير الى الحديث عن مقر الشيخ مبارك واصفا إياه وصفا دقيقا، ذاكرا استخدامات كل جزء فيه، وذلك كما يلي: «ومقر الشيخ مبنى ضخم يشبه القلعة وسط ساحة مربعة، وحوائط عالية لا توجد بها نوافذ تطل على الخارج، إنما هناك فتوحات في مواقع فيه، ويتصل هذا المبنى بالعالم الخارجي من خلال الباب الذي ينتحي الى حارة ضيقة تفصل الطابقين العلويين من ذلك القصر، وهما يضمان مسكن الحراس والخدم».ثم يضيف: «وعلى ارتفاع ما يقرب من خمسة او ستة امتار فوق الحارة هناك جسر معلق من ناحيته يربط هذين المبنيين».وأخيرا، فإن هذا المبنى يكتمل بشرفة خارجية مصنوعة من الخشب مغطاة بزجاج ملون، يستطيع المرء أن يطل من خلاله على منظر البحر، وأن يشاهد طرفا من البلد، وهذه الشرفة تحيط بسائر أجزاء القصر وتربطها بمجلس الحكم الذي أطلق عليه رونكيير اسم (السراي).وكان طراز المبنى الذي سمّاه (السراي) مختلفا عن طراز المباني السائدة في الكويت، ولقد بني باللبن الأصفر المحروق (الطابوق) ويتكون من طابقين في وسط الطابق الثاني منه صالتان للاستقبال يحيط بهما رواق ذو فتحة للتهوية، وبهما عدد من النوافذ زجاج بعضها ملون، وقد لاحظ الزائر أن فرش السراي كان معتمدا على أرضيات مغطاة بالسجاد الفارسي الثمين، ومقاعد عريضة وآرائك صفت بقرب الجدران وصنعها يجمع بين الطرازين الأوروبي والشرقي. أما السقف فهو مغطى بلوحات من الخشب المزين بصور ملونة مطبوعة، وهي تحتوي على مجموعة مختارة تنم عن ذوق رفيع يتمتع به الشخص الذي انتقاها.جدير بالذكر أن هذا الموقع الذي يتحدث عنه، معروف اليوم فالسراي الذي وصفه هو قصر السيف الذي بناه الشيخ مبارك الصباح على الصفة التي ذكرها رونكيير، وذلك في سنة 1907، وأما المباني الأخرى فهي مبان كانت ممتدة الى الجنوب منه، ولكنها ازيلت فيما بعد، اما الجزء القديم من قصر السيف فهو ظاهر للعيان الآن، وهو الجزء الذي بدأ منه تجديد القصر، وإضافة امتداد كبير له إلى الغرب، ولكن شيئا من الماضي باق لمن يود أن يراه، وقد أحسن من دعا الى الاحتفاظ به.3 - مع اللهجة الكويتية٭ أ - ب.ر.أ: جاء في كتاب لسان العرب لفظ ضمن جملة: أنا بريء وجملة أخرى هي: أنا خليّ. أي أنني أبرأ بنفسي عن كل ما يحاول الشخص الآخر إلحاقه بها.وفي لهجتنا يقول الشخص في مثل هذا الموقف: انا بري خلي، من دون همزة.٭ ب - ث.د.أ: الثندا: نبات بَرِّيٌّ معروف قديما، ولا يزال يرى في صحراء الكويت غِبَّ الأمطار. وينطق عندنا بلفظ: ثنده، وقد ورد وصف هذا النبات وصفا كاملا في الكتب التراثية العربية المختصة بالنباتات.٭ ج - ك.ف.أ: من الألفاظ المشتركة بين الفصحى والعامية الكويتية لفظ: كفء، وتنطق عندنا: كفو، ويقصد بها وصف رجل بأنه يستحق ما يوصف به من أوصاف كريمة، وهو نظير لها.٭ د - ك.م.أ: الكمأة هي واحدة من الكمأ، وتسمى عندنا الفقعة، وتجمع على فقع. واسم الفقع فصيح ايضا.٭ هـ - ج.د.ب: في هذه المادة من كتاب لسان العرب حديث عن حشرات الجنادب، وقد وصفها المؤلف بأنها اذا اشتد حر الأرض تقفز من مكان إلى آخر تجنبا للحر. واستعمل لفظا جاريا في اللهجة الكويتية وهو (تنقز) فقال: «والجنادب تنقز من الرمضاء: أي تثب».٭ و - ج.ن.ب: لفظ أجنب من الألفاظ المشتركة في العامية والفصحى معا، ففي الفصحى يقال: أجنبوا بمعنى أنهم اتجهوا في سيرهم إلى جهة الجنوب، وفي اللهجة يقال: أجنب فلان أي ذهب جنوبا.٭ ز - خ.ب.ب: إذا سمن الرجل ثم لحق جسمه الهزال فارتخى جلده قيل: تخبخب، وفي اللهجة نظير ذلك إضافة الى أن اللفظ يطلق في حالة قيام شخص بارتداء ثوب واسع. فيقال: جاءنا يتخبخب بثوبه.٭ ح - ج.س.أ: نقول في لهجتنا: فلان جاسي، بمعنى أنه قاسي القلب شديد في تعامله مع غيره.. وفي الفصحى: «جبلٌ جاسيء، وأرض جاسئة، ونبت جاسيء، كل هذا بمعنى يابس صلب».٭ ط - م.ر.أ: طعام مرئ بمعنى هنيء سهل الهضم. واللفظ بهذا المعنى في اللهجة، ولكنه غير مهموز الآخر.أضيف إلى ما سبق بعضا مما يتردد على الألسنة في الوقت الحاضر، وسوف نرى أنه من الملاحظ على المتكلمين بلهجتنا أنهم يُخطئون الطريق إلى النطق بها على الرغم من أنهم أهلها، وأظن ذلك يرجع الى سببين هو ان بعضهم يدعي المعرفة، أو يريد أن يفرض ما يراه على الناس فرضا، ولو كان في حقيقة الأمر غير صحيح.وعلى سبيل المثال فإننا نستمع في هذه الأيام إلى ألفاظ منها:- قولهم: أَمَچِّلْ ويراد بهذا اللفظ أنني أُحضر الماچلة لأهل بيتي والماچلة معروفة وهي مواد الطعام التي تجلب الى البيت، ومنها يتم إنجاز ما يأكله سكانها. وهي في الأصل مأكلة، ويقصد بها الشيء الذي يؤكل. ولكننا لا نقول ابدا أمچل، بل نقول: اشتري الماچلة لبيتي. ولفظ أَمَچَّلْ ممجوج ومجهول.- من الألفاظ الدارجة لفظ: اربادي، وهو لفظ يدل على صفة يتصف بها الشخص الكسول. ولكننا نفاجأ بمن يرى نفسه مهتما بالتراث الشعبي، يكتب أن معنى اربادي هو: خَوَّاف، وهذا افتراء على لهجتنا.- يقول بعضهم نسيت عنَّه، بدلا من قوله: نسيت، ولفظ عنَّه مزيد من المتكلم لا داعي له، ولم يرد في أساليب الخطاب عندنا، وإن كان قد ورد لفظ: نسيته.إلى هنا نتوقف على أمل العودة مرة أخرى إلى هذه الأوراق وتقديم ما هو جدير بالنشر منها. يعقوب يوسف الغنيم - يعقوب الغنيمالكويت - التراث البحريالكويت - النواخذة