الكلمة عنوان العقل وترجمان النفس وبرهان الفؤاد، والكلمة لها مكانتها وأثرها وخطرها، كما لها حريتها المسؤولة، فالأوطان تبنى بكلمة وتهدم بأخرى. ولا يوجد أشرف من الكلمة دليلا إلى تحقيق الذات الإنسانية واكتمالها الأخلاقي، منزلة الإنسان رجلا كان أو امرأة نابعة من التزامه بصدق كلمته ومصداقيتها.
ننتظر كثيرا في حياتنا للحصول على فرصة لنشعر بالتغيير، والبعض يريد فرصة عمل ليعيش بالشكل الذي يلبي متطلبات الحياة ليوفر العيش الكريم لأسرته أو فرصة سفر الدراسة، حالنا كمن يقف في محطات الانتظار وكل واحد ينتظر سيارته ليصعد إليها ويبدأ رحلته ليشعر بطعم أحلامه وأمنياته تتحقق والسعادة تغمر قلبه.
الناس تنتظر تلك الكلمة إما لينتعش خيالهم وتنبض قلوبهم فتشكل حياة لكل من يتلقاها وكل من تساقطت بقلبه وشعر بها، فحركت عقولهم وضمائرهم ومشاعرهم وربما تجعلهم يبكون، فقد تكون الكلمة يا صاحب القلم أملا وحرية يقف الانسان أمامها ليروي عطشه، أغصانا يختبئ خلفها عندما تهب الرياح.
كما يقولون الإنسان تصنعه الكلمات.
فاحذر يا صاحب القلم لأنك تحمل مسؤولية كبيرة فحياة الأمة وموتها من قطرات الحبر الذي تسكبه من فكرك على السطور.
احذر من الكلمات السامة التي غلب عليها طعم العسل!
فتشيع الكراهية وتؤسس لها، تفتح أبواب الحقد والكراهية.
قد يكون القلم من أقدم المخلوقات على وجه الحياة، حيث جاء ذكر القلم في القرآن (نون والقلم وما يسطرون)، وهذه أول إشارة لهذه الأداة التي رافقت الإنسان منذ الأزل بأشكالها المختلفة.
الكلمة هي الرسالة والفعل المغلف بالحروف، وهي التي اذا خرجت لا تعود إلى أدراجها، هي صاحبة القلم والقلم صاحبها، فإن الألم بقدر وقع الكلمات، وتشكيل العبارات. القلم أمانة، وإن كانت بين يديك حروف الهجاء فالحقيقة نور تشع حول الأرض والفضاء، والخديعة شنيعة من صنع القلوب السوداء، والتاريخ يشهد، الحرية أن أحرر الحروف من قيد الأخطاء، وأقول الحق بين الناس وإن اختلفت الأهواء، فلم يخلق القلم إلا لنشر الخير وغرس القيم في قلوب القراء، فاختر يا صاحب القلم: ألما.. أم أملا؟!
الحياة الحقيقية يعيشها الممتلئون بها، وبكل ما يبعث فيها التجدد والنمو، وهم المتسامحون، المحبون، العاملون بالعدل والخير والنزاهة ونكران الذات، الكلمة قيمة حضارية عالية، بل انها منجزة من منجزات البشرية الخلاقة ولها المكان الأرفع والاحتفاء الأسمى، والإنسان مسؤول عما يكتب والقلم أمانة والكاتب مؤتمن والله الرقيب علينا.
ومن المعلوم لدى العقلاء أن الإنسان يوزن بكلامه ويحكم عليه من لسانه، فمن منحه الله الفكر والعلم والأسلوب وجعله محببا للناس ليكون صاحب الحب والسلام والأمانة فيسعد من حوله بقلمه.
وهؤلاء كسحب أينما وجدوا وجدت الحياة.
٭ عز الكلام: «علمتني الحياة أهمية الكلمة، شرف الرجل في كلمته، دين الإنسان في كلمة، بداية الخلق كانت بكلمة، أبواب السماء تفتح بكلمات، أقفال القلوب تكسر بكلمات، العقول ترقى بالكلمة الجميلة، النفوس والهمم تشحذ بكلمة صادقة، كلماتنا تمثل أخلاقنا وقيمنا ومروءتنا، كلماتنا تمثل أوطاننا، لنشرف أوطاننا». (الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم).
[email protected]
Nesaimallewan@