- النشمي: إذا لم يوجد بديل من الحلال وسيهلك الإنسان فله أن يزرع هذه الكلية
- المسباح: يجوز عند الضرورة التي تقدر بقدرها والخوف من الهلاك إذا لم تتم الزراعة
- الشطي: لماذا الخنزير بالتحديد؟ وقد أثبتت التجارب أن هناك بدائل أخرى كثيرة
- النجدي: الأصل هو حرمة الانتفاع به لنجاسته التي تبطل الطهارة ومن ثم سائر العبادات
- العنزي: إن لم يجد المريض إلا عضو حيوان نجس ولا يجد مكانه طاهراً جاز استخدامه
- الشمري: فليبتعد المرء عن التداوي بالنجاسات وليتق الله وليبحث عن الدواء الطيب الطاهر
ليلى الشافعي
بعد نجاح أول تجربة لزراعة كلية خنزير في جسم إنسان للحفاظ على حياة مريض، وعن نقل عضو من الخنزير الى جسم الإنسان للتداوي، يرى علماء الشرع ان الأصل في الانتفاع بالخنزير او بأجزائه هو الحرمة، وقد حرم الشرع التداوي بكل نجس او ضار فهو محرم، فلنتعرف على آراء علماء الشرع:
في البداية، يقول العميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.عجيل النشمي: الأحكام الفقهية تبنى على اصل الحكم حلالا كان او حراما ولا يخرج عن الحكم الأصلي الا بدليل يبرر هذا الحكم الذي هو في حكم الاستثناء.
وموضوع السؤال حول نقل وزراعة كلية خنزير في جسد المسلم او المسلمة حكمه الأصلي الحرمة لحرمة الخنزير حرمة مطلقة، ولا تحتمل الخلاف بنص قوله تعالى: (حُرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير - المائدة: 3)، وقوله تعالى: (قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أُهل لغير الله به - الأنعام: 145).
ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم الخنزير ودمه» رواه مسلم.
ولكن هل يجوز الخروج عن هذا الحكم الأصلي وهو الحرمة. نقول وبالله التوفيق: نعم يجوز في حال الضرورة التي يقدرها اهل الاختصاص الدقيق، ولا يكتفى بواحد بل لجنة او جمع من المختصين يقررون ان هذا المريض يحتاج الى كلية، ولا يوجد من يتبرع له، وأن حياته لا تستمر مدة اطول او يعيش بمشقة شديدة، وأنه سيستفيد من كلية الخنزير هذه، ولا يوجد بديل من الحلال. فقد تحققت حينئذ الضرورة الملحة ودخل المريض في مشمولات قوله تعالى: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه - البقرة: 173).
ويؤيد هذا الاتجاه بالجواز حال الاضطرار القرارات المجمعية، ومنها قرار بشأن الاستحالة والاستهلاك في المواد الاضافية في الغذاء والدواء رقم: 210 6/22 الصادر عن مجلس مجمع الفقه الاسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الاسلامي، المنعقد في دورته الثانية والعشرين بدولة الكويت، خلال الفترة من: 2 - 5 جمادى الآخرة 1436هـ - الموافق 22-25 مارس 2015. المواد الغذائية التي يدخل شحم الخنزير في تركيبها مثل بعض الاجبان وبعض انواع الزيت والدهن والسمن والزبد وبعض انواع البسكويت والشوكولاتة والآيس كريم، هي محرمة ولا يحل اكلها مطلقا، اعتبارا لإجماع اهل العلم على نجاسة الخنزير وعدم حل أكله، ولانتفاء الاضطرار الى تناول هذه المواد فقد علق قرار الجواز لعدم الاضطرار ومفهومه المخالف الجواز عند الاضطرار، وخاصة ان هذه المذكورة للأكل، والتداوي مقدم وأهم.
كما أصدر المشاركون في ختام ندوة مجمع الفقه الاسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الاسلامي، والمنعقدة بالتعاون مع المنظمة الاسلامية للعلوم الطبية الكويتية، حول «الاستحالة والاستهلاك ومستجداتهما في الغذاء والدواء» في مدينة جدة، فقد رأى المشاركون ان الصمام المأخوذ من الخنزير لا يجوز استخدامه الا في حال الضرورة ووجهوا باستخدام البدائل المشروعة والمستخدمة بتوسع في الدول الغربية.
وإذا جاز في نقل الصمام فجوز قياسا عليه نقل الكلية فكلاهما للتداوي المضطر إليه وايضا فقد بنى مجلس المجمع الفقهي الاسلامي الجواز على الضرورة في دورته الثامنة المنعقدة بمبنى رابطة العالم الاسلامي في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 28 ربيع الآخر 1405هـ الى يوم الاثنين 7 جمادى الاولى 1405هـ الموافق 19-28 يناير 1985 فنص على الجواز ومنها الحالة الآتية ان يؤخذ العضو من حيوان مأكول ومذكى مطلقا، او غيره عند الضرورة، لزرعه في انسان مضطر إليه.
من جانبه يقول الشيخ د.ناظم المسباح: الضرورة تقدر بقدرها فإذا لم يكن هناك بديل غير هذا ولم يستخدم فيه الهلاك للإنسان فلا مانع (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه).
لا يجوز
أكد د.بسام الشطي ان التداوي ببعض أجزاء الخنزير حرام ولا يجوز، والأصل في التداوي بالمحرم حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تداووا بحرام»، وقول أبي هريرة رضي الله عنه «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث» والخنزير كله حرام وقد أثبتت التجارب ان هناك بدائل كثيرة جدا، فلماذا الخنزير؟
ولفت الشطي الى ان هناك أبحاثا كثيرة أجريت في أميركا وبريطانيا وألمانيا تفيد بأن هذه التجارب لنقل أجزاء من الخنزير للإنسان لم تنجح، وحتى لو نجحت فالأصل للمسلم ان يلتزم بالحلال، فالحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، فلا يجوز بحال من الأحوال ان يتداوى الإنسان بمحرم «إن الله لم يجعل شفاؤكم فيما حرم عليكم»، قال الله تعالى: (حُرِّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير).
فيه نجاسة
ويرى د.سعد العنزي أن التداوي بالحيوان غير الطاهر والنجس كالخنزير والميتة من بهيمة الأنعام الأصل فيه حرام ذلك لنجاسته، فإن لم يجد المريض إلا عضو حيوان نجسا ولا يجد ما يقوم مقامه من حيوان طاهر جاز استعماله والاستفادة منه، قال تعالى: (فمن اضطُر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه).
أعضاؤه نجسة
من جهته، يقول د.محمد حمود النجدي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أنزل الداء والــــدواء، وجـــعل لكل داء دواء، فتـــداووا ولا تتدـــاووا بحـــرام»، رواه أبوداود. فإن كـــان الحيوان المراد نــــقل العضو منه طـــــاهرا كبهيمة الأنــــعام المذكاة ذكاة شرعية فلا حرج في زرع عضو مـــنه في الإنسان، وأما إن كان الحيوان غير طاهر كالخنزير وميتة بهيمة الأنعام، فإن الأصل هو حرمة الانتفاع به في زراعة الأعضاء لنجاسته التي يوجب وضعها في البدن بطلان الطهارة ومن ثم بطلان الصلاة ونحوها من العبادات التي يشترط لها الطهارة.
عدم التداوي بحرام
وأضـــاف الشيخ سعد الشـــمري موضحا الحكم بنقــــل كلية خنزير الى إنســـان بــــقوله: من شروط جواز التداوي ان يكون في دواء مباح طاهر لقوله صلى الله عليه وسلم: «تداووا عباد الله ولا تداووا بحرام» وقال صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن التداوي بالخمر، قال: «إنها ليست بدواء»، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حُرِّم عليكم» فزراعة كلية خنزير في بدن إنسان لا تجوز لنجاسة الخنزير النجاسة المغلظة وهذا قول عامة أهل العلم. وذهب بعض الشافعية الى جواز التداوي بنجس اذا لم يوجد دواء طاهر وفعله من باب الضرورة، وعلى كل حال فليبتعد المرء عن التداوي بالنجاسات، وليتق الله تعالى وليبحث عن الدواء الطيب الطاهر ويلجأ إلى ربه بالدعاء والتضرع والرقية.