- الاقتصاد الأميركي ينمو بوتيرة أبطأ وسط اختناقات سلاسل التوريد وارتفاع معدلات التضخم
في تقريره الاسبوعي عن أسواق النقد، قال بنك الكويت الوطني ان جهود محافظي البنوك المركزية والمسؤولين الحكوميين في كل أنحاء العالم تتواصل للتأكد من أن الارتفاع الأخير الذي شهدته معدلات التضخم مجرد عارض مؤقت ولن يؤدي إلى رفع أسعار الفائدة أسرع مما كان متوقعا. وشهدت معظم دول العالم ارتفاعات شديدة في تكلفة المعيشة منذ أن بدأت جائحة كوفيد-19 في أوائل عام 2020. ومن المتوقع أن يسجل التضخم في منطقة اليورو أعلى مستوياته منذ الأزمة المالية العالمية عند مستوى 3.7%. وفي روسيا ونيجيريا والبرازيل، تخطى معدل التضخم أكثر من 4%، بالإضافة إلى ذلك، وصل معدل التضخم في الولايات المتحدة، إلى أعلى مستوياته في 13 عاما عند مستوى 5.4% على أساس سنوي في سبتمبر الماضي. وأبقى كل من الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي على وجهة النظر القائلة ان التضخم مؤقت ولا ينبغي توقع رفع أسعار الفائدة في أي وقت قريب. ويقود بنك إنجلترا نهجا أكثر تشددا، وهو الآن في طريقه ليصبح أول بنك مركزي رئيسي يرفع أسعار الفائدة، وأنهى بنك كندا فجأة برنامج شراء السندات، وقام الاحتياطي النيوزيلندي بالفعل برفع أسعار الفائدة لأول مرة منذ سبع سنوات.
الاقتصاد الأميركي
نما الاقتصاد الأميركي بوتيرة أبطأ في الربع الثالث من عام 2021 وسط اختناقات سلاسل التوريد وارتفاع معدلات التضخم وتفشي سلالة دلتا المتحورة. وكشفت البيانات الصادرة الأسبوع الماضي نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2% على أساس سنوي للربع الثالث من العام، مما يمثل تباطؤا حادا في النمو مقارنة بـ 4.5% و6.7% في الربعين الأول والثاني على التوالي.
ولكن وعند إلقاء نظرة فاحصة، تشير البيانات إلى آفاق أكثر إيجابية للنمو، حيث تشير البيانات إلى أنه في حالة استثناء نقص الرقائق الالكترونية الذي أضر بشدة بصناعة السيارات، كان الاقتصاد سيسجل نموا بنسبة 4.7% في الربع الثالث من العام بما يتماشى تقريبا مع نفس الوتيرة التي سجلت حتى الآن خلال العام الحالي. وفي ذات الوقت، ارتفعت «المبيعات النهائية للمشترين المحليين» بنسبة 6.6%، والذي يعتبر مقياس الحكومة الفيدرالية للطلب على مستوى الاقتصاد ككل ولا يتم تعديله وفقا لمعدل التضخم. ويتسق هذا الرقم مع اتجاهات ما قبل الجائحة ويشير إلى أنه بينما أنفق قطاع الأعمال والمستهلكون المزيد من الأموال، إلا انهم حصلوا على سلع وخدمات أقل بسبب ارتفاع الأسعار.
بالإضافة إلى ذلك، واصل الاستهلاك الشخصي للخدمات انتعاشه مما يشير إلى استمرار تعافي الاقتصاد من عمليات الإغلاق التي شهدها العام الماضي والتي تسببت في انهيار قطاع الخدمات وطفرة مقابلة في استهلاك السلع. وأخيرا، ربما كان تزايد أجور موظفي الشركات الخاصة أحد أبرز العوامل التي ساهمت في تعزيز النظرة الإيجابية للنمو بفضل تسجيله لزيادة قوية بنسبة 9.2%. إذ أصبحت الاجور الآن أعلى بقليل من اتجاهات ما قبل الجائحة بما يتجاوز بسهولة ارتفاع معدلات التضخم.
وعلى الرغم من الرقم المخيب للآمال، فإن التقرير يخفف المخاوف الأخيرة من الركود التضخمي الذي ينطوي على نمو سلبي يتزامن مع ارتفاع معدلات التضخم. وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار، لا نشهد انخفاض القوة الشرائية. ويسير المستهلكون والشركات على طريق إعادة قوى التوازن من كفة السلع إلى الخدمات مما يتسبب في اختناقات سلسلة التوريد التي من المتوقع أن تستمر فقط لفترة مؤقتة. وبمجرد التخلص من تلك الاختناقات، من المتوقع أن يكون أكبر اقتصاد على مستوى العالم في وضع جيد للعودة مجددا إلى تسجيل نمو أعلى.
النقل يؤثر سلباً على طلبات السلع المعمرة
انعكاسا للأداء الضعيف الذي يشهده قطاع السيارات في الوقت الحالي، انخفضت طلبيات السلع المعمرة الأميركية بنسبة 0.4% في سبتمبر الماضي بعد ارتفاعها بنسبة 1.3% خلال الشهر السابق لتسجل بذلك أول انخفاض بعد أربعة أشهر من المكاسب المتتالية. ويعزى ذلك التراجع إلى حد كبير إلى انخفاض طلبات النقل بنسبة 2.3%، في ظل تراجع طلبيات الطائرات غير الدفاعية بنسبة 27.9%. وارتفعت طلبيات السلع الرأسمالية الأساسية، التي تستثني الطائرات والمعدات العسكرية، بنسبة 0.8% بعد زيادة بنسبة 0.5% الشهر السابق. وتشير بيانات الأرقام الأساسية إلى أن الشركات ظلت متفائلة بشأن التوقعات الاقتصادية حتى مع استمرار انتشار سلالة دلتا المتحورة. وفي حين أن الاتجاه في الطلبات الأساسية كان مرنا، توضح بيانات شهر سبتمبر أن قطاعات التصنيع تعاني من نقص العرض.
أوروبا والمملكة المتحدة
حاولت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقد يوم الخميس التقليل من إمكانية رفع سعر الفائدة لعام 2022، محذرة من أن الأسواق قد تستبق الاحداث فيما يتعلق بتوقعات التضخم. وبلغ معدل التضخم في منطقة اليورو أعلى مستوياته المسجلة في 13 عاما عند مستوى 3.4% في سبتمبر. إلا أنه على الرغم من ذلك، بدت لاغارد واثقة من وجهة نظر البنوك المركزية، مشيرة إلى أنها «نظرت بالفعل واختبرت بعمق تحليلنا لمحركات التضخم، ونحن على ثقة من أن توقعاتنا وتحليلاتنا صحيحة بالفعل».
وعلى الرغم من ذلك بدأت أسواق المال في تسعير إمكانية رفع سعر الفائدة بمقدار 20 نقطة أساس في ديسمبر 2022، حيث يعتقد المستثمرون أن البنك قد يضطر إلى الإعلان عن رفع أسعار الفائدة قبل بداية عام 2023. وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن البنك المركزي الأوروبي مازال محتفظا بوجهة نظره بأن ارتفاع معدلات التضخم تعتبر ظاهرة مؤقتة وستتلاشى خلال عام 2022. واتجه البنك المركزي إلى الإبقاء على أسعار الفائدة والاحتفاظ بسياسته النقدية دون تغيير كما كان متوقعا على نطاق واسع.