عواصم ـ أسامة دياب ووكالات
انطلقت قمة الأمم المتحدة للمناخ (كوب 26) في غلاسكو باسكتلندا أمس، على أمل كبير بـ «إنقاذ البشرية»، في وقت يدق خبراء البيئة ناقوس الخطر.
وتمتد اعمال المؤتمر حتى 12 الجاري، بمشاركة اكثر من 120 رئيس دولة وحكومة يتقدمهم الرئيس الأميركي جو بايدن وتضم اجتماعات هذه الدورة نحو 25000 شخص، ضمن هـذا اللقــاء السنـوي الـ 26 بين الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCC)، في قمة تمثل «الأمل الأخير والأفضل» للتعامل مع أزمة المناخ وتجنب وقوع كارثة وشيكة.
وفي كلمته خلال افتتاح القمة التي تمتد على يومين، أكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ضرورة انتقال العالم من طور الطموحات إلى طور العمل للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية، داعيا قادة العالم الى اتخاذ خطوات ملموسة للتخلص التدريجي من الفحم، وتسريع الانتقال لاستخدام السيارات الكهربائية، ووقف إزالة الغابات وكذلك دعم الدول النامية على خط المواجهة في أزمة المناخ، موضحا أن هذه الإجراءات ستحدث فرقا كبيرا في الحد من الانبعاثات هذا العقد بينما يتوجه العالم إلى صافي الصفر والحفاظ على الهدف العالمي المتمثل في الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية بموجب اتفاقية باريس.
وكشف جونسون عن أن بلاده سترفع تمويلها للمناخ إلى 12.6 مليار جنيه إسترليني بزيادة تقدر بمليار جنيه إذا نما الاقتصاد كما هو متوقع، لافتا إلى أنه يتم الحصول على تمويل المناخ الدولي في المملكة المتحدة من ميزانية المساعدات الخارجية، والتي من المتوقع أن تعود إلى 0.7% من الدخل القومي الإجمالي في 2024/25.
وقال: إذا لم نتعامل بجدية بشأن تغير المناخ اليوم، فسيكون قد فات الأوان على أطفالنا للتعامل مع هذه القضية غدا ولذلك فهي فرصتنا الأخير ة وعلينا التحرك الآن ولذلك علينا أن ننتقل من الحديث والجدال والمناقشة إلى العمل المتضافر الواقعي. ودعا إلى أن تكون هناك التزامات واضحة وجداول زمنية ملموسة للتغيير، وحذر جونسون من غضب شعبي «لا يمكن احتواؤه» في حال فشل مؤتمر «كوب 26» حول المناخ.
من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمته إلى «إنقاذ البشرية» في مواجهة التغير المناخي من أجل وقف حفر «قبورنا بأيدينا».
وقال متوجها إلى عشرات قادة العالم المجتمعين في غلاسكو «لقد آن الأوان للقول كفى»، مضيفا «كفى لانتهاك التنوع البيولوجي. كفى لقتل أنفسنا بالكربون. كفى للتعامل مع الطبيعة كمكب قمامة. كفى للحرق والحفر والاستخراج على أعماق أكبر. إننا نحفر قبورنا بأنفسنا». وشدد على أنه بدلا من مواصلة استغلال الأرض «اختاروا إنقاذ مستقبلنا وإنقاذ البشرية».
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أن الإنسانية «دفعت إلى حافة الهاوية» بسبب «إدماننا على الوقود الأحفوري». بالنسبة للدول الجزرية على وجه الخصوص، المهددة بارتفاع مستوى سطح البحر، سيكون فشل «كوب 26» في تكثيف الجهود للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بمنزلة «حكم إعدام».
واكد غوتيريش ان الأعوام الـ 6 الأخيرة هي الأكثر سخونة على كوكبنا. وأضاف أن 4 ملايين شخص عانوا مؤخرا من تداعيات التغير المناخي، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة تسعى إلى جمع 100 مليار دولار في قمة غلاسكو لمواجهة تغير المناخ.
وتابع غوتيريش ان «العالم الآن يواجه كارثة لا مفر منها ناتجة عن الانبعاثات الكربونية، التي ستؤدي في النهاية الى تحول البشرية بأكملها إلى أطلال إذا لم يتم التصدي لها».
إلى ذلك، أكد ولي عهد بريطانيا أمير ويلز الأمير تشالز أن التغيرات المناخية لا تقل دمارا عن جائحة فيروس كورونا المستجد، التي اجتاحت العالم أجمع، مشددا على ضرورة العمل بكل سرعة وحزم لمواجهة تداعيات التغير المناخي.
وأشار الأمير تشالز إلى أنه يجب تنحية المبادرات الشخصية خلال التصدي لهذه الأزمة، داعيا إلى التوصل إلى حلول دولية، ومنها محاولات التخفيف من الوقود الأحفوري والاعتماد على مصادر الطاقة البديلة والمتجددة.
ودعا إلى العمل على خلق بيئة تسمح لكل القطاعات الصناعية أن تتخذ التدابير اللازمة، وذلك من خلال حملة عالمية لتعزيز قدرات القطاع الخاص العالمي لبدء التحول إلى الاقتصاد الأخضر، لافتا إلى أن القطاع الخاص بإمكانه أن يسرع الفترات الزمنية الضرورية حين يتفق الجميع على الاتجاه الذي نصبو إليه.
من جهته، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن، أن قمة «كوب 26» المنعقدة في مدينة غلاسكو الأسكتلندية يجب أن تطلق عقد الطموح والابتكار من أجل الحفاظ على مستقبلنا المشترك. وقال بايدن: إن هذا العقد حازم من أجل أن نثبت أنفسنا، وأنه يمكننا الحفاظ على هدف الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية إذا استطعنا أن نتعاون ونعمل معا. وشدد بايدن على أن الارتفاع في أسعار الطاقة يعزز الحاجة الملحة لتنويع المصادر، والرهان بشكل أكبر على الطاقة النظيفة، وتبني تكنولوجيات نظيفة جديدة.
ورأى الرئيس الأميركي أن الرد الواسع النطاق اللازم لوقف أزمة المناخ يجب أن يعتبر فرصة لاقتصادات العالم. وقال بايدن «وسط الكارثة المتنامية، أرى أن هناك فرصة رائعة، ليس فقط للولايات المتحدة إنما لنا جميعا».