ما نشاهده من عنف يقع في الشوارع والأماكن العامة وظواهر الانتحار والقتل، والعنف بين الشباب، والعنف الأسري، التنمر في المدارس، أسلوب التخاطب الفاقد للباقة والأدب والرقي بين ممثلي الأمة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وعدم تقبل الرأي والرأي الآخر والاختلاف، يتطلب منا زيادة الوعي لدى أفراد المجتمع بأهمية الظهور بالمظهر الحسن بعيدا عن السلوكيات الخاطئة، وهو ما يتطلب إدراك الأسرة والمدرسة ومؤسسات المجتمع أدوارهم المهمة في زيادة وعي المجتمع تجاه مختلف القضايا.
الوعي هو مقياس تطور المجتمعات لأنه يمكننا من إصدار أحكام على التصرفات والسلوكيات الفردية والمجتمعية فنقبله لإيجابيها أو نرفضها لسلبيتها، وهذه الأحكام نابعة من مدى شعور الفرد بمسؤوليته تجاه نفسه والآخرين وحين يتجه الأفراد إلى التعبير عن سلوكياتهم في كل مناحي الحياة تعبيرا إيجابيا، فإنهم بهذا يكونون قد حملوا هم الوعي وسعوا إلى نشره ونجحوا في مقاصدهم. إن تطوير الوعي يبدأ من الذات أولا وبابه مراقبة الإنسان لنفسه أي مراقبة أفكاره ومشاعره وسلوكه وثقافته وملاحظة تلك الأفكار التي تشعره بالغبطة والحيوية والانفتاح والأفكار التي تسلبه طاقته وتشعره بالضعف أو الألم والاكتئاب والمعاناة والانغلاق على الذات.
الدور الأكبر في تشكيل وخلق وعي وشخصية وثقافة الإنسان على الأسرة ويلي ذلك المدرسة ثم المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والإعلام، لكشف العلل التي تقف وراء ظهور الأزمات الاجتماعية والأخلاقية، ثم الكشف عن مخاطرها على حياة الأفراد والمجتمع، ثم الدولة بشكل عام.
والمشاركة في الحياة السياسية ليست لغوا على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا هي أحاديث سطحية في الدواوين وعلى مواقع التواصل، ولا ينبغي أن تقتصر على مشاركة الفيديوهات والمنشورات وكتابة التعليقات على تلك المواقع، بل هي فهم حقيقي لما يجرى من أحداث داخلية سواء اقتصادية أو تنموية ومواكبة الأحداث السياسية في المنطقة وتأثيراتها على الأمن الوطني في الداخل والخارج، وهنا يصبح الالتزام بالسيادة والثوابت الوطنية وتغليب المصلحة الوطنية واجب شرعي ووطني.
تزييف الوعي الفكري والديني من خلال تسطيح العقل وإقصائه وحجبه وراء أستار التقليد والاتباع والسمع والطاعة للتعصب والعصبية، لابد من البيان والتبيين لأصول الخطاب الإسلامي.
القوى الناعمة من المثقفين والمبدعين لهم دور الجسر الواصل بين السلطة والشعوب، وبين مجريات الواقع داخليا وخارجيا وروح الشعوب، لتأثيرهم كأكبر قوة ناعمة مؤثرة على المجتمع تخاطب القلب والعقل معا، وتضع بصمتها المؤثرة سلبا كانت أو إيجابا. لذا فإن المثقف والمبدع الواعي هو صوت الأمم ولسان حال شعوبها والعين التي يرى من خلالها المجتمع ما يحدث في العالم من مجريات وأخطار، بكل أشكالها السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية.
ولهذا فإن الشخص الواعي بمنزلة صمام الأمان لمجتمعه، حين يبصر ويحلل ويوضح الحقائق وينبه وينوه إلى المخاطر، ويصبح أفراد المجتمع أكثر ترابطا وتعاطفا، وقياما بدورهم في التفكير الإيجابي في مجتمعاتهم، وحين يصبح هذا الصمام محصنا بالوعي والأمانة والصدق والإخلاص يبقى المجتمع آمنا من أي مستغل، أو طامع، أو غزو فكري، أو ثقافي يهدم بنيانه ويفتت كيانه. فالمجتمعات والأمم لا تبنى بالتمني والخديعة وإنما تبنى بالإرادة الحقيقة والضمائر التي تدفع للبناء بالعقل والعمل بصدق، ووعي وأمانة وإخلاص.
٭ عز الكلام: الحفاظ على المجتمع والارتقاء به ليست مسؤولية الحكومات وحدها، بينما هي مسؤولية مجتمعية يشترك فيها الفرد مع الجماعة، ولذا مطلوب المساهمة في بناء وتطوير مؤسسات المجتمع المختلفة حتى يصبح المجتمع عصيا على الانتكاس.
[email protected]
Nesaimallewan @