محمود عيسى
أظهر تقرير حصري أصدرته مجلة «ميد» بالشراكة مع شركة «اوراسكوم» أن الطلب المتزايد في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا «مينا» على المياه، أدى إلى تعزيز الاستثمار في البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في مواجهة النمو السكاني المرتفع، والتوسع الحضري المتزايد، والتوسع الصناعي المتسارع، ما خلق زيادة هيكلية طويلة الأجل في الطلب على خدمات المياه والصرف الصحي.
وأشار التقرير إلى أنه وفي منطقة تتميز بنقص الأنهار والبحيرات وشح هطول الأمطار، ظل الأمن المائي على الدوام يمثل أولوية في تلك الدول، لكن انتشار وباء فيروس كورونا جعل دول المنطقة تعيد تركيز اهتمامها على ما تتصف به إمدادات المياه المستدامة من أهمية حيوية.
وفي هذا الإطار، توقع التقرير ارتفاع الطلب على المياه في دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 62% بحلول عام 2025، ووفقا للبيانات التي جمعتها مجلة «ميد بروجكتس» التي تتبع نشاط المشاريع الإقليمية، فإن نمو الطلب على هذا النطاق يتطلب استثمارات كبيرة في طاقات انتاجية جديدة وخدمات متجددة، وهذه الاستثمارات يجري تنفيذها بالفعل طبقا لبيانات ميد بروجكتس سالفة الذكر.
وللدلالة على ذلك، قالت المجلة ان هناك ما تصل قيمته الى 120.3 مليار دولار من مشاريع المياه والصرف الصحي قيد التخطيط أو قيد التنفيذ في جميع أنحاء المنطقة، تستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي على نحو 89.6 مليار دولار منها او ما نسبته 74.4%.
وتعتبر المملكة العربية السعودية ومصر أكبر سوقين في المنطقة لمشروعات تحلية المياه وتحقق الدولتان تقدما على صعيد الخطط الطموحة لإشراك القطاع الخاص في عمليات تمويل مشروعات البنية التحتية للمياه.
ولفت التقرير الى دعم الحكومات لمشاريع الاستثمار الاستراتيجية واسعة النطاق لزيادة إنتاج المياه والطاقة التخزينية، فضلا عن رفع طاقة معالجة مياه الصرف الصحي والمياه العادمة، وتحديث شبكات نقل وتوزيع المياه المتهالكة.
وفي حين تستثمر هذه الدول في تعزيز طاقاتها، فإنها تركز جانبا من جهودها للحفاظ على مواردها المائية وترشيد مستويات الاستهلاك.
وبالإضافة إلى خفض الدعوم التي تقدمها، فقد اتجهت حكومات دول المنطقة لتطبيق تقنيات وأنظمة جديدة بدءا من تحلية المياه على نطاق واسع باستخدام تكنولوجيا التناضح العكسي إلى اجهزة القياس والشبكات الذكية.
وقال التقرير ان إدارة وترشيد الاستهلاك، وزيادة كفاءة الأصول، وإعادة تدوير مياه الصرف الصحي، واستخدام المياه المعالجة وتقليل التسرب تتوازى في الوقت الحاضر من حيث الأهمية مع بناء محطات جديدة لتحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي.
ولفت في الوقت ذاته إلى أن فصل انتاج المياه عن توليد الطاقة الكهربائية، اصبح موضوعا رئيسيا لقطاع المياه في الشرق الأوسط وستزداد أهميته في المستقبل خلافا لما كان عليه الوضع قبل عقد أو عقدين، عندما كانت مشاريع المياه والطاقة المستقلة هي القاعدة.
وأكد تقرير «ميد» و«اوراسكوم» على وجود فرص أخرى لتحديث المرافق الحالية كإعادة تجهيز محطات تحلية المياه باستخدام نظام الفلاش متعدد المراحل بتقنيات التناضح العكسي.
وقال إن الحكومات تعمل حاليا على تسريع الجهود لزيادة مشاركة القطاع الخاص في قطاعي المياه والصرف الصحي من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص والخصخصة، حيث من المتوقع أن تؤدي الحاجة للحفاظ على رأس المال في حقبة تشهد انخفاض أسعار النفط إلى أن تصبح المخططات المطورة من قبل القطاع الخاص هي النموذج القياسي لتنفيذ مشروعات الطاقة الانتاجية المستقبلية.
وكان قطاع تحلية المياه بالفعل هو الحاضن الأول لنموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص وهو يزداد أهمية في معالجة مياه الصرف الصحي ونقلها وتخزينها.
واختتم التقرير بقوله ان مصر التي تعتبر من أكثر دول المنطقة اكتظاظا بالسكان، يتوقع ان يرتفع تعدادها من 100 مليون نسمة حاليا إلى 128 مليونا بحلول 2030، وذلك بناء على معدلات النمو الحالية، ما سيخلق زيادة هائلة في الطلب على موارد المياه المنهكة بالفعل.