- الكويت جهَّزت بنية حديثة للوقاية من السيول عبر مجموعة من السدود وقنوات تصريف ووحدات تخزين المياه
- لعمل خطة طوارئ تتضمن نظم إنذار مبكر والتنسيق بين الجهات التنفيذية والبحثية والأمنية المعنية
- خسائر الأرواح وتوقف مصالح البشر وتضرر البنية التحتية من دلالات الإدارة غير المستدامة للسيول الفجائية
- من متطلبات إنجاح خطط التخفيف من مخاطر السيول فهم الظروف المناخية وطبيعة التربة
دارين العلي
دعا عضو الجمعية الكويتية لحماية البيئة والمدير التنفيذي لشركة الرؤية الكويتية لإدارة المشاريع البيئية أ.د.رأفت ميساك إلى ضرورة إعداد الاستراتيجية الوطنية للحد من مخاطر الكوارث في الكويت 2022-2030، حيث تشكل الاختيار الأوحد للحد من الكوارث الطبيعية والتكنولوجية في البلاد.
وقال ميساك في تصريحات خاصة لـ «الأنباء» بمناسبة اليوم العالمي للحد من الكوارث وتحديدا السيول التي تتعرض لها البلاد مع اقتراب موسم الأمطار، ان هذه الاستراتيجية يجب ان تكون بمنزلة منظومة وطنية لإدارة الأزمات والكوارث تتواكب مع قانون حماية البيئة رقم 42 لسنة 2014 وأهداف وأولويات الاتفاقيات والأطر الدولية المتصلة وأهداف التنمية المستدامة المرتبطة بالحد من المخاطر وتبلغ 10 أهداف من أصل 17، لافتا إلى انه خلال العقد الأخير 2011-2021 تعرضت الكويت لعدد كبير من السيول والعواصف الرملية والترابية التي تصنف ضمن الكوارث الطبيعية، وكان من أهم واشد العواصف تأثيرا عاصفة 25 مارس 2011 وعواصف يونيو 2012 ويونيو 2013 ويونيو ويوليو 2015 ومايو ويونيو وأكتوبر 2017 ويونيو وأغسطس 2018 وأبريل 2020 ويونيو 2021.
السيول
وأوضح ان الكويت عموما ومدينة الجهراء خصوصا تعرضت لسيول مدمرة في 2 فبراير 1993، حيث هطلت كمية من الأمطار بلغت 40 ملم خلال 6 - 8 ساعات، وتم إعلان الجهراء منطقة كوارث طبيعية، وفى 11 نوفمبر 1997 هطلت على الكويت كمية من الأمطار تقدر بحوالي 105 ملم في 3-4 ساعات، وغرقت أحياء كاملة من الكويت ومعظم مدينة الجهراء وسجلت عدة حالات وفيات وإصابات، وفي فترات لاحقة تعرضت بعض المناطق مثل الشعيبة لسيول فجائية في يناير 2007 وأبريل 2008 وديسمبر2009 ونوفمبر 2012 ونوفمبر 2013، وأيضا تعرضت الكويت لسيول مدمرة في نوفمبر 2018 نتج عنها أضرار جسيمة في عدد من المناطق الصحراوية والحضرية منها أبوحليفة، المنقف، الصباحية، جنوب الصباحية، الفحيحيل، الشعيبة، الأحمدي، مدينة صباح الأحمد، طريق الوفرة - ميناء عبدالله، كبد، طريق الدائري السابع.
ولفت الى انه أثناء سيول نوفمبر 2018 تجمعت المياه في عدد من المنخفضات الساحلية والبرية لتشكل مجموعة كبيرة من البحيرات المتباينة الأشكال والمساحات والأعماق، وتم رصد 16 بحيرة شرق مدينة صباح الأحمد السكنية بلغ إجمالي مساحتها قرابة 7 كيلومتر مربع، وتراوحت مساحة بحيرات شرق مدينة صباح الأحمد السكنية، ما بين 2 كيلومتر مربع وعشرات الأمتار المربعة، وفقا لتقديرات معهد الكويت للأبحاث العلمية، أما بالنسبة لعمق البحيرات فتم تسجيل متوسط عمق 3 أمتار، في بعض البحيرات شرق المدينة بواسطة فريق من الجمعية الكويتية لحماية البيئة بالتعاون مع الإدارة العامة للإطفاء.
مياه الأمطار
وتحدث عن المناطق التي تتعرض للسيول في البلاد، لافتا الى انه عموما تحدث السيول في الكويت عندما تهطل كمية من الأمطار فوق المناطق المرتفعة «وحدات استقبال مياه الأمطار»، لا تقل كميتها عن 40 ملم في عاصفة مطرية واحدة، وتشمل وحدات استقبال مياه الأمطار ما يلي:
1- الوحدات في الأجزاء الشمالية الشرقية والشمالية من الكويت، تلال جال الزور (145 مترا فوق سطح البحر)، ضلع الرخام (100 متر فوق سطح البحر)، ضلع اللياح (100 متر فوق سطح البحر)، حافات الرتقة - العبدلي (80-100 متر فوق سطح البحر).
2- الوحدات بالأجزاء الجنوبية، سهل الدبدبة (150-270 مترا فوق سطح البحر)، ضلع الأحمدي (137 مترا فوق سطح البحر)، حواف وادي الباطن (220 مترا فوق سطح البحر).
وذكر ان جميع وحدات استقبال مياه الأمطار تقع بعيدا عن المناطق السكنية باستثناء ضلع الأحمدي الذي يمتد في اتجاه شمال وجنوب من منطقة الظهر السكنية شمالا لجنوب مدينة الأحمدي، ويتأثر ضلع الأحمدي بخط تقسيم مياه Water ويتسبب في تشكيل نظامين من نظم التصريف المائي، هما مجموعة الأودية الشرقية التي من أهمها وادي الأحمدي ومجموعة الأودية الغربية، وفي حالة هطول أمطار غزيرة تعقبها سيول مدمرة، كما حدث في شهر نوفمبر من العام 2018 تؤثر تلك المجموعة على مدينة الأحمدي وأحياء من الفحيحيل وجنوب الصباحية والمنقف وشمال الشعيبة، أما المجموعة الغربية من الأودية فتؤثر على حقل نفط برقان.
التصدي للسيول
وبين انه ولزيادة القدرة على الصمود أمام السيول الفجائية، قامت الكويت خلال عامي 2019 و2020 بتجهيز بنية تحتية حديثة للوقاية من السيول، شملت مجموعة من السدود وقنوات تصريف ووحدات أرضية ضخمة لتخزين المياه في مناطق متفرقة منها مدينة الأحمدي، كما تم تقييم مخاطر سيول نوفمبر 2018 استنادا الى صور فضائية حديثة ومسوحات حقلية بمناطق عديدة منها حقل نفط برقان ووادي الأحمدي وجنوب الصباحية، كما تم إعداد خرائط للمناطق المعرضة للسيول، مشددا على انه من متطلبات إنجاح خطط التخفيف من مخاطر السيول في الكويت الفهم العميق للظروف المناخية والسمات الهيدرولوجية والجيولوجية والجيومورفولوجية والطبوغرافية وطبيعة التربة وحالة الغطاء النباتي واستخدامات الأراضي، وحصر وتصنيف وتحديد أولويات المناطق المتضررة من السيول وتصنيف الأودية وفقا لدرجة خطورتها، وخطة طوارئ تتضمن نظم إنذار مبكر، وخطة حصاد مياه السيول بالإضافة الى الوعي البيئي والتدريب العملي.
إدارة غير مستدامة
واعتبر انه من دلالات الإدارة غير المستدامة للسيول الفجائية تضرر عناصر البنية التحتية وتسجيل خسائر في الأرواح وتدمير وتوقف مصالح البشر، وإهدار المياه، كما حدث في العديد من المواقع منها شرق مدينة صباح الأحمد السكنية وطريق الوفرة وميناء عبدالله وحقل نفط برقان والساحل الجنوبي، وانجراف كميات كبيرة من التربة التي تصنف كمورد غير قابل للتجديد.
وأشار إلى أن قانون حماية البيئة رقم 42 لعام 2014 تحدث عن التعامل مع الكوارث الطبيعية ومنها السيول، حيث تنص المادة 118 منه على ان تعنى الهيئة بالتعاون مع الجهات المختصة بإعداد خطط الطوارئ وخطط إدارة المخاطر الطبيعية بما فيها العواصف الغبارية والرملية وموجات الجفاف والسيول الفجائية والهزات الأرضية وحالات نفوق الأسماك والأحياء البحرية وغيرها إضافة إلى المخاطر البيئية التي قد تنتج عن الأنشطة البشرية، وفي كل الأحوال تتولى الجهات المختصة إدارة هذه الخطط وتوفير متطلبات إنجاحها وتعنى الهيئة بمتابعة أدائها ورفع التقارير اللازمة بشأنها للمجلس الأعلى.
حقائق حول الكوارث الطبيعية
أورد د.رأفت ميساك عدة حقائق متعلقة بالكوارث الطبيعية محليا وعالميا ومدى ازديادها واهتمام العالم بها ومنها:
٭ ارتفاع نسبة الكوارث 50% بحلول 2030، حيث يشير أحد تقارير الأمم المتحدة الصادر عام 2020 الى ان أكثر من 11 ألف كارثة طبيعية وقعت خلال آخر 50 عاما، أسفرت عن سقوط قرابة مليوني ضحية من البشر وبلغت قيمة أضرار تلك الكوارث 3.6 تريليونات دولار، وعدد الحوادث المشار إليه قد يرتفع 50% بحلول عام 2030 والكوارث الطبيعية، ازدادت 5 أضعاف خلال الأعوام الـ 50 الأخيرة.
٭ اليوم الدولي للحد من الكوارث، يحتفل المجتمع الدولي يوم 13 أكتوبر من كل عام باليوم الدولي للحد من الكوارث، يعود الهدف الرئيسي من تخصيص يوم من كل عام لقضية الحد من الكوارث، الى توعية الحكومات وشرائح المجتمع بكيفية اتخاذ إجراءات الحد من أضرار ومخاطر الكوارث، وتعزيز ثقافة إدارة الأزمات، فضلا عن لفت الانتباه إلى خارطة طريق «سينداي» للتعامل مع الكوارث.
٭ التدابير الاستباقية للحد من الكوارث، تتضمن التدابير الاستباقية للحد من مخاطر الكوارث او ما يمكن ان يطلق عليه إجراءات ما قبل الكارثة، مجموعة كبيرة ومتنوعة من الإجراءات، تبدأ بعمليات الرصد والمراقبة وتصميم وتنفيذ نظم الإنذار المبكر وتنتهي بإعداد خطط طوارئ وخطط الدعم والإخلاء وما بين البداية والنهاية، هناك تقييم المخاطر وتنمية القدرات لمواجهة الكوارث والتطوير المؤسسي وزيادة الوعي بمخاطر الكوارث.
٭ زيادة القدرة على الصمود أمام مخاطر الكوارث، من أولويات إطار سينداي الاستثمار في مجال الحد من مخاطر الكوارث من أجل تعزيز القدرة على التحمل، حيث أثبتت التجارب في عدد كبير من بلدان العالم مثل الصين وأستراليا والولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول العربية منها الكويت والأردن والمغرب والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ان زيادة القدرة على الصمود أمام مخاطر الكوارث الطبيعية تمثل استثمارا بالغ الأهمية.
«حماية البيئة».. دور مهم في رصد السيول
تحدث ميساك عن دور جمعية حماية البيئة في رصد السيول، مبينا انه في أواخر شهر نوفمبر 2018 رصدت الجمعية بحيرات مياه الأمطار باستخدام طائرة بدون طيار طائرة من ارتفاع 200 متر، وفي الوقت نفسه كان فريق من الجمعية يقوم بقياس عمق البحيرات المنتشرة شرق مدينة صباح الأحمد السكنية باستخدام قارب مجهز بالتعاون مع إدارة الإطفاء، آخذا بعين الاعتبار مساحة بحيرات شرق مدينة صباح الأحمد السكنية وعمق المياه 3م في المتوسط وتكون كمية المياه في البحيرات قرابة 21 مليون متر مكعب، متسائلا: هل من المقبول مائيا وبيئيا واقتصاديا واجتماعيا ان تجود السماء بكميات هائلة من مياه الأمطار تقدر بعشرات الملايين من الأمتار المكعبة، كما حدث في شهر نوفمبر 2018 وفبراير 1993 و1997 ونوفمبر 2013 ولا تستغل بشكل أو بآخر؟، هذه دعوة للجهات المعنية والخبراء، ربما شحن المياه الجوفية أحد أوجه الاستغلال أو تخزين مياه السيول في خزانات أرضية صورة من صور الاستغلال.
وتابع: على صعيد آخر، نظمت الجمعية في 20 أكتوبر 2020 ندوة للحد من مخاطر السيول في الكويت، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للحد من مخاطر الكوارث تناولت: آليات الحد من مخاطر السيول في الكويت، الآثار الجيومورفولوجية والبيئية للسيول الفجائية، كما قامت خلال البرنامج التلفزيوني البيئي التوعوي «كل يوم كشتة» برصد السيول بمنطقة الشقايا بالمنطقة المنزوعة السلاح بين الكويت والعراق وتم تحديد الأماكن المعرضة لعمليات الانجراف المائي للتربة.