- المسباح: ضرورة تدخل أهل الفضل والعلم للإصلاح بين المختلفين وتقريب وجهات النظر وتأليف القلوب
- النجدي: لم يحدث افتراق ولا بدع عند الصحابة وكان يعذر بعضهم بعضاً فيما اختلفوا فيه
- السنان: المفرقون لدينهم والمختلفون شيعاً يعادي بعضهم بعضاً بعيدون عن الحق ويقعون فريسة للأعداء
وحدة الصف واتفاق الكلمة من المقاصد الشرعية، ومن لوازم وضروريات الأخوة الإيمانية التي امر الله عزّ وجلّ بها، اما الخلاف والتفرق فهو امر مذموم ليس من هدي الاسلام. حول الخلاف وضوابطه الشرعية يتحدث العلماء.
يؤكد د.ناظم المسباح ان الاختلاف بين الناس قائم مادامت تتفاوت عقولهم مداركهم وطبائعهم وأجناسهم وهو من لوازم غير المعصومين، فالمعصوم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وما دون ذلك واقع في الخطأ لا محالة، فالاختلاف إما ان يكون عن هوى وشهوة قال تعالى: (وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم) وهذا أقبح أنواع الاختلاف وأعسره علاجا وأشده فتكا بالأمة، وإما ان يكون مبنيا على علم وإنصاف ومعرفة وإرادة بيان الحق من خلاله، فهذا الخلاف سائغ لا غبار عليه وهو على وجه العموم واجب عقلا، سائغ شرعا لأن الأصل هو الاتفاق وعدم الاختلاف، قال تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) وفي صحيح البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا»، مؤكدا ان الخلاف لابد أن ينضبط بضوابط الشرع فقد أمر الله تعالى بإنصاف المخالف والعدل في حقه (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) كما امر الله جلّ وعلا بالتثبت في تلقي الاخبار حتى لا ينشأ الخلاف بين اثنين بناء على خبر كاذب فتصدر الأحكام المسبقة وتنطلق الردود وتوغر الصدور، قال تعالى: (ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، وأكد د.المسباح على ضرورة تدخّل أهل الفضل والعلم للإصلاح بين المختلفين والمتخاصمين وتقريب وجهات النظر وتأليف القلوب (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) أسأل الله تعالى أن يجمع شمل الأمة على كلمة سواء وأن يصرف عنها الفتن ما ظهر منها وما بطن انه ولي ذلك فنعم المولى ونعم النصير.
الاعتصام بحبل الله
ويؤكد د.محمد الحمود النجدي ان اعتصام اهل السنة والجماعة بالكتاب والسنة والمحافظة على الجماعة والائتلاف من اهم اركان منهجهم المبارك قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وبين د.النجدي ضوابط اجتماع اهل السنة حين يجتمعون ويدعون الى الاجتماع يضبطون ذلك بضابطين هما: كلمة الحق وهو ما جاءت به نصوص القرآن والسنة بفهم سلف الأمة.
وحول ضوابط الخلاف قال د.النجدي: بدون الاجتماع على كلمة الحق والتقيد به لا يكون اجتماعا اصلا وذلك ان الباطل وأهله في اختلاف عظيم، فإذا هو جمع الدين كله علما وعملا فإن النتيجة هي الاتفاق والوحدة والقوة.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله -: ان سبب الاجتماع والألفة جمع الدين والعمل به كله وهو عبادة الله وحده لا شريك له، كما امر به باطنا وظاهرا ونتيجة الجماعة رحمة الله ورضوانه وسعادة الدنيا والآخرة وبياض الوجوه، فإنهم اذا اجتمعوا كانوا مطيعين لله بذلك مرحومين فلا تكون طاعة الله بفعل لم يأمر الله به من اعتقاد او قول او عمل، فلو كان القول او العمل الذي اجتمعوا عليه لم يأمر الله به لم يكن ذلك طاعة لله ولا سببا لرحمته، وقال ايضا: فإن ترك الناس بعض ما أمرهم الله به وقعت بينهم العداوة والبغضاء وإذا تفرق القوم فسدوا وهلكوا وإذا اجتمعوا صلحوا وملكوا فإن الجماعة رحمة والفرقة عذاب، فأهل السنة متمسكون بالكتاب والسنة وفهم السلف لهما، والجماعة المؤمنة ملتزمون بأصول الكتاب والسنة والإجماع يبعدون عن الاحتجاج بالمتشابهات التي تفرق الجمع وتشتت الشمل لأن الجماعة عندهم هي مناط النجاة في الدنيا والآخرة. وقال شيخ الاسلام: والبدعة مقرونة بالجماعة فيقال: اهل السنة والجماعة كما يقال: اهل البدعة والفرقة.
النهي عن الافتراق والابتداع
وعن الأمر الثاني قال د.النجدي: هو مراعاة ضوابط الاختلاف وقد امر الله تعالى بالاجتماع والاعتصام فقد حذر ونهى عن الافتراق والابتداع (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) وبين انه اذا وقع خلاف بين اهل السنة فإنه يقع منضبطا بضوابطه الشرعية التي من اهمها الاحتكام الى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ثم الحرص على الوحدة والائتلاف وصلاح ذات البين وجمع الكلمة.
قال تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا).
وبين د.النجدي امثلة على ذلك ان الصحابة اختلفوا في موت الرسول صلى الله عليه وسلم وتم حسم النزاع بموقف ابي بكر بقوله: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت»، وتلا قوله تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ لرُّسُلُ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ نقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَبِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ للَّهَ شَيْـًٔا وَسَيَجْزِى اللَّهُ الشَّكِرِينَ) وبعد هذا النزاع سلم الجميع لقضاء الله سبحانه وتعالى، مؤكدا ان الصحابة كان يعذر بعضهم بعضا فيما اختلفوا فيه، كما ان الصحابة لم يكفر احد منهم الآخر بل كان بعضهم يعذر بعضا فيما اختلفوا فيه وقد كان اهل السنة احرص الناس على جمع الكلمة ووحدة الصف وإصلاح ذات البين.
وأضاف د.عبداللطيف السنان، قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، فقد أمر الله عزّ وجلّ الناس جميعا بالاعتصام بحبل الله الذي فيه القوة والامن والنجاة، وحبل الله عزّ وجلّ هو العهد الذي ارتضاه لهم وهو ينظم الاخلاق والممارسات ويوجه شعوبنا لتحقيق طموحات أولي الامر منا.
وأشار السنان الى ان الذين يفرقون دينهم ويختلفون شيعا يعادي بعضهم بعضا بعيدون عن الدين وعن الحق وعن الله ورسوله (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون)، فالمتفرقون يقعون فريسة لأعدائهم يتغلبون عليهم بسهولة وتتداعى عليهم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها فيعتدى عليهم ويضيعون فرقة بعد اخرى وجماعة بعد جماعة كما يكونون في فرقتهم فريسة للشيطان، ولخطر الفرقة وعدم الوحدة حذر الرسول صلى الله عليه وسلم منها اشد التحذير، وبين ان الذي يخرج عن الطاعة ويفارق الجماعة يموت على ما كان عليه اهل الجاهلية من البعد عن الدين والوحدة فقال صلى الله عليه وسلم: «من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية»، فقوة المؤمنين في وحدتهم وأن ضعفهم في تفرقهم. وأشار القرآن الكريم الى تأكيد هذا في قوله تعالى: (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).