ارتبطنا بالعمل والوظيفة بشكل كبير وأحيانا لدرجة مخيفة ومبالغة بعض الشيء، ولم لا فهو منزلنا الأول، فأنا لا أعتبره الثاني أبدا، ساعات عديدة نقضيها بين أحضانه، وخلف طاولاته المربعة والمستديرة.
المواقف الكثيرة تشهد على ذلك، منها المضحك ومنها الغريب، لكنها أجمع توضح مدى الارتباط والصلة التي جمعتنا بهذه الصروح العظيمة التي شيدتها الحكومة لنعمل ونعطي كل ما نملك من جهد وفكر.
أحدها كان في يوم الجمعة وفي وقت الصلاة، خرجت مسرعا من سيارتي، فتحت الباب وأبقيته على مصراعيه، بقيت ملتفتا إلى الداخل أبحث عن شيء ضروري، فلا أستطيع الخروج دون أن آخذه معي، بل أضعه حول رقبتي وفوق صدري.
قمت باللازم وحين أقفلت الباب، وبدأت بالمشي لخطوات معدودة أوقفتني نظرات المصلين، حينها أدركت أنها بطاقة العمل، ضحكت من ذلك الفعل، لكنني لم أستغربه لأنني أعرف ارتباطي بعملي الذي أفتخر به.
وموقف آخر في يوم من أيام إجازات نهاية الأسبوع، خرجت في مركبتي ذاهبا إلى لقاء أحد الأصدقاء، لكن عوضا عن ذلك وجدت نفسي في مواقف السيارات التابعة لجهة عملي، ولولا فراغ الموقف من السيارات لما اكتشفت الخطأ، ومواقف أخرى عديدة لكنني سأكتفي بما ذكرت.
يزيد هذا الارتباط وتقوى روابطه حين تدخل في المعادلة حبنا لهذا الوطن وهذا البلد، يصبح البذل والعطاء من واجب ومهام وظيفية إلى فرض، تفرضه علينا وطنيتنا، وشعورنا بالبساطة أمام شيوخنا وولاة أمورنا، نظير ما يقومون به في المقابل من جهد عظيم.
ومع عودة الحياة بعد هذا الانقطاع الطويل أدعو الجميع ليبدأ بداية جديدة وليعطي «اجعل العلم بين عينيك» وغن وانشد في طريقك كل صباح، نعمل نخلص، نعمل نخلص مهما عشنا، نخلص نخلص.