توعد المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي بملاحقة الجهات المتورطة في محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي فجر امس وتقديمها إلى المحاكمة العادلة، معتبرا أن هذا «الاعتداء الإرهابي الجبان» هو «استهداف خطير للدولة العراقية ورموزها من جانب جماعات مسلحة مجرمة»، معلنا عن تشكيل لجنة عليا للتحقيق في الأمر.
وقال المجلس الوزاري للأمن الوطني، في بيان صحافي عقب اجتماع ترأسه الكاظمي بعد نجاته من المحاولة الفاشلة، إن هذا الاعتداء «يعد استهدافا خطيرا للدولة العراقية على يد جماعات مسلحة مجرمة قرأت ضبط النفس والمهنية العالية التي تتحلى بها قواتنا الأمنية والعسكرية ضعفا».
وشدد على أن «قواتنا آلت على نفسها أن تحمي أمن العراق وسيادته أمام كل من تسول له نفسه تحدي الدولة، وستقوم بواجبها الوطني في ملاحقة المعتدين ووضعهم أمام العدالة، كما فعلت خلال سنوات من الحرب على الإرهاب والانتصار عليه».
وأكد المجلس أن «الاجهزة الأمنية العراقية ستعمل بكل ثبات للكشف عن الجهات المتورطة في هذا الفعل الإرهابي»، مشددا على ان «من يظن أن يد قواتنا لا تصل إليه فهو واهم، وليس هناك كبير أمام القانون، وليس هناك كبير على العراق».
ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن مصدر أمني رفيع القول: إن اللجنة العليا التي شكلها المجلس الوزاري للأمن الوطني ستكون برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، وعضوية كل من: وكيل شؤون الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية الفريق أحمد أبورغيف، ورئيس أركان الجيش الفريق أول ركن عبدالأمير يارالله، ونائب قائد العمليات المشتركة الفريق الركن عبدالأمير الشمري، ورؤساء أجهزة المخابرات ومكافحة الإرهاب والأمن الوطني.
ونجا الكاظمي دون أن يصاب بأذى من محاولة اغتيال بثلاث طائرات مسيرة (درونز) مفخخة استهدفت منزله في المنطقة الخضراء الشديدة التحصين وسط العاصمة بغداد، الأمر الذي أثار التوتر بشكل كبير في البلاد بعد أسابيع من الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في أكتوبر الماضي، وتعترض جماعات مسلحة مدعومة من إيران على نتائجها.
وأكد الجيش العراقي ان الكاظمي «بصحة جيدة»، فيما قالت مصادر أمنية لوكالة «رويترز» ان ستة من أفراد قوة حراسته الشخصية التي كانت متمركزة خارج منزله أصيبوا.
وسارع الكاظمي إلى طمأنة العراقيين على سلامته ودعوتهم للتهدئة وضبط النفس، وقال في تغريدة على تويتر «أنا بخير والحمد لله وسط شعبي، وأدعو إلى التهدئة وضبط النفس من الجميع، من أجل العراق».
وعقب الهجوم، نشر مكتب رئيس الوزراء مقطع فيديو للكاظمي قال فيه «تعرض منزلي لعدوان جبان.. أنا ومن يعمل معي بخير»، مضيفا أن «الصواريخ الجبانة والطائرات المسيرة الجبانة لا تبني أوطانا».
ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن متحدث باسم وزارة الداخلية قوله إن ثلاث طائرات مسيرة استخدمت في الهجوم، من بينها طائرتان اعترضتهما قوات الأمن وأسقطتهما بينما أصابت الطائرة المسيرة الثالثة مقر إقامة الكاظمي.
وأفاد مصدر أمني لوكالة «فرانس برس» بأن «الطائرات الثلاث انطلقت من جهة نهر دجلة قرب جسر الجمهورية» المقابل للمنطقة الخضراء، وقال ديبلوماسيون غربيون موجودون في المنطقة الخضراء إنهم سمعوا دوي انفجارات وإطلاق رصاص في المنطقة.
وأوردت قناة «السومرية» الإخبارية عن مصدر امني عراقي قوله انه جرى رفع أحد الصواريخ غير المنفجرة وإبطال مفعوله، بمقر إقامة الكاظمي.
وقال متحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية إن الوضع الأمني مستقر داخل المنطقة الخضراء المحصنة، والتي تضم مقار الحكومة والسفارات الأجنبية، بعد الهجوم.
في الأثناء، أكد مصدر أمني لوكالة «فرانس برس» وجود انتشار أمني خارج المنطقة الخضراء وداخلها حيث مقر إقامة الكاظمي.
وقالت خلية الإعلام الأمني في بيان إن «القوات الأمنية تقوم بالإجراءات اللازمة بصدد هذه المحاولة الفاشلة» لاغتيال رئيس الوزراء.
وقال مسؤول أمني مطلع على ما حدث لـ «رويترز» إن قوات الأمن جمعت بقايا الطائرة المسيرة الصغيرة المحملة بالمتفجرات لفحصها.
واوضح المسؤول مشترطا عدم الكشف عن هويته «من السابق لأوانه الحديث عمن شن الهجوم. نحن نفحص تقارير الاستخبارات وننتظر نتائج التحقيقات الأولية قبل توجيه أصابع الاتهام إلى مرتكبيه».
وجاء استهداف الكاظمي بعد يومين من اشتباكات عنيفة في بغداد بين قوات الامن وأنصار احزاب سياسية مدعومة من إيران، ومعظمها له أجنحة مسلحة، بعدما خسرت تلك الأحزاب عشرات المقاعد في الانتخابات الاخيرة.
هذا، وندد الرئيس العراقي برهم صالح بمحاولة الاغتيال ووصفه بأنه «جريمة نكراء بحق العراق»، وقال في تغريدة على تويتر «لا نقبل بجر العراق إلى الفوضى والانقلاب على النظام الدستوري».
ووصف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر المحاولة بأنها «عمل إرهابي.. واستهداف واضح وصريح للعراق وشعبه، ويستهدف أمنه واستقراره وإرجاعه إلى حالة الفوضى لتسيطر عليه قوى اللا دولة».
من جهته، نفى المسؤول الأمني في كتائب حزب الله العراقي المدعومة من إيران اتهامات بأن جماعات عراقية تقف وراء الهجوم على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
وقال أبوعلي العسكري على تليغرام «بحسب معلوماتنا المؤكدة ان لا أحد في العراق لديه حتى (الرغبة) في خسارة طائرة مسيرة على منزل الكاظمي».