- الهيئة تضع التوجهات الإستراتيجية التنموية للدولة نصب عينيها بمختلف مبادراتها الإستراتيجية
- نعمل دوماً على مواءمة مبادراتها بما يخدم المستهدفات التنموية.. وتحقيق رؤية «كويت جديدة»
- التحول الرقمي دعم الهيئة لقطع أشواط كبيرة للوصول إلى البيئة الاستثمارية الجاذبة للمستثمرين
- سوق المال الكويتي شهد تغييرات جذرية بالأعوام الأخيرة.. وبصدد استكمال مشروع تطوير السوق
أعلنت هيئة أسواق المال في 27 أكتوبر الماضي، عن إطلاق إستراتيجيتها للتحول الرقمي، ويأتي إعلان الهيئة هذا تتويجا لعديد المبادرات والمشاريع التي بدأتها خلال السنوات القليلة الماضية، وتناولت العديد من جوانب أنشطتها، وكان من الأهمية بمكان بلورة تلك الجهود في إطار «إستراتيجية» متكاملة محددة الأطر والبرامج تندرج في إطار ها كافة المبادرات والجهود ذات الصلة.
«إستراتيجية التحول الرقمي» لدى الهيئة وإن مثلت في جانب منها «استحقاقا إستراتيجيا» يستهدف تحقيق أحد أهداف إستراتيجيتها الراهنة (2018/2019 - 2022/2023) المتعلق بتطوير بنائها المؤسسي، وتنمية مواردها البشرية، وذلك في إطار سعيها الدائب لامتلاك مقومات الريادة كجهة إشرافية رقابية، فإن أهدافها المنشودة جراء إستراتيجيتها للتحول الرقمي تتخطى في واقع الأمر «إطار الاستحقاق الإستراتيجي» للهيئة ذاتها، كما يقول د.أحمد الملحم رئيس مجلس مفوضي الهيئة، حينما أشار إلى أن الهيئة تضع «التوجهات الإستراتيجية التنموية للدولة» نصب عينيها في مختلف مبادراتها الإستراتيجية، وأنها تعمل دوما على مواءمة مبادراتها بما يخدم المستهدفات التنموية الحكومية، مؤكدا أن المساهمة في تحقيق رؤية «كويت جديدة» هي مسؤولية الجميع.
كما أشار د.الملحم إلى أن «التحول الرقمي» لدى الهيئة و«رقمنة خدماتها»، قد مكناها حقيقة في قطع أشواط لا يستهان بها في مسار التوصل إلى «البيئة الاستثمارية الجاذبة للمستثمرين» التي تمتلك المقومات المطلوبة، وتمثل أحد أسس تحقيق الرؤية آنفة الذكر، مشيرا إلى تغييرات جذرية شهدها واقع أسواق المال خلال الأعوام الأخيرة، وتحولات نوعية أخرى من المنتظر أن يشهدها هذا الواقع مع استكمال المراحل المتبقية من مشروع تطوير السوق ومبادرات أخرى تعمل الهيئة على الإعداد لها وإحالتها واقعا بالتعاون مع شركائها في منظومة أسواق المال.
برنامج التحول الرقمي.. مبادرات متعددة وجهود استباقية!
يشير الملحم إلى أن إستراتيجية «التحول الرقمي» أتت تتويجا لبرنامج مسبق للتحول الرقمي بدأته الهيئة مع نهاية عام 2019، وتضمن العديد من المبادرات والجهود الهادفة لإيجاد بيئة عمل إلكترونية تعتمد برامج تقنية حديثة لأداء المهام الإدارية والمالية أساسا لها، كالبوابة الإلكترونية للهيئة التي تعد حقيقة بمنزلة منصة خدمات جامعة للجهات المشمولة برقابة الهيئة، بدءا بخدمات التراخيص والتسجيل، وخدمات إدراج الشركات، وخدمات تقارير المحافظ، والتقرير السنوي لمكافحة غسيل الأموال والإرهاب، وصولا للخدمات البريدية والمراسلات وتقارير الحوكمة. إضافة لما تم تطبيقه من برامج تقنية، كنظام المساعد الآلي Chatbot، وميكنة نماذج الشكاوى والتظلمات، ونظام رصد المخالفات والتراسل الإلكترونية والبوابة القانونية، إضافة إلى أنشطة توعية إلكترونية كالحملات التوعوية الإلكترونية وغيرها.
في هذا الإطار، أكد الملحم توجه الهيئة لاستكمال ميكنة كافة خدماتها خلال الفترة القريبة المقبلة، مشيرا إلى حرصها أيضا على مواكبة أحدث التقنيات والمستجدات والإفادة منها في ميكنة تلك الخدمات وتقديمها للمعنيين بها بما ييسر إجراءات الحصول عليها ويوفر الكثير من الوقت والجهد.
نتائج مباشرة.. وأخرى غير مباشرة!
يرى د.الملحم أن ما يمكن تسميته بـ «الجهود الاستباقية» للهيئة وشركائها في منظومة أسواق المال التي سبقت جائحة كورونا، إضافة إلى الإجراءات المتخذة خلالها، قد أسهما بصورة جدية في التعامل مع تداعيات الجائحة وإجراءاتها الاحترازية، مشيرا إلى إتاحة إمكانية استخدام النظم الإلكترونية لحضور الجمعيات العامة حينها، وكذلك التصويت على البنود المعروضة.
النتائج المباشرة لتلك الجهود الاستباقية تمثلت برأي «الملحم» في امتلاك أدوات التعامل مع تداعيات الجائحة واحتواء تأثيراتها بنسبة كبيرة دون الإخلال بالمهام التنظيمية والإشرافية المطلوبة. أما النتائج غير المباشرة فتتمثل في التحسن النوعي في تصنيف الكويت على صعيد مؤشرات تحسين بيئة الأعمال الذي تشهده هذه البيئة سنويا.
«Fin Tech».. تقنية الجودة في الخدمات المالية!
في ذات الإطار، أشار الملحم إلى أحد مشاريع الهيئة ذي الصبغة التقنية المزمع إدراجها في الخطط الإنمائية الحالية للدولة، وهو مشروع وضع الإطار التنظيمي للتقنيات المالية «Fin Tech»، والذي يعتبره «الملحم» مشروعا تنمويا بامتياز لعديد الاعتبارات، فالمشروع الذي يرتكز على تصميم وتقديم الخدمات والمنتجات المالية وفق أحدث التقنيات المتاحة، يمثل حجر الأساس في نجاح توجه «الشمول المالي» الذي غدا مؤخرا مطلبا تنمويا وطنيا بامتياز. من ناحية أخرى، من المنتظر أن يسهم المشروع في تحسين المناخ الاستثماري وزيادة تنافسيته بدرجة كبيرة نظرا لما يتيحه من كفاءة في الوصول للخدمات المالية، والحد من الكثير من المخاطر التي قد تكتنف أنشطة الاستثمار في الأوراق المالية عموما.
التحول الرقمي.. هدف إستراتيجي وتوجه تنموي
يقول الملحم ان إستراتيجية التحول الرقمي للهيئة التي أطلقتها مؤخرا، تأتي ترجمة للهدف الثاني عشر من إستراتيجيتها الحالية المتعلق بتطوير البناء المؤسسي للهيئة وتنمية مواردها البشرية، ويسهم بذات الوقت في جوانب من رؤية الكويت 2035 ذات الصلة بتحقيق التنمية البشرية والمتوازنة، وتوفير بنية أساسية ملائمة، والمساهمة الفعلية في تحقيق بعض مرتكزات خطة التنمية الوطنية لاسيما على صعيد إيجاد إدارة حكومية فعالة واقتصاد متنوع ومستدام ورأسمال بشري إبداعي.
بالنتيجة، الإستراتيجية تمثل برأي الملحم مواكبة لعصرنا التقني ذي التغيرات اللحظية المتسارعة، واستجابة لمتطلبات واقعنا المعاصر الذي غدت فيه «التقنية» و«المعرفة» رأسماله الأبرز، كما أنها تعكس انسجاما مطلوبا مع رؤية الدولة ومستهدفات خططها التنموية وبرامج عمل الحكومة وكذلك توجهاتها لرقمنة سائر خدماتها.
التحول الرقمي.. غايات مستهدفة وجهود دؤوبة!
يشير الملحم إلى أن الاستخدام المدروس والموجه للتقنيات الحديثة المتاحة في عالم الاستثمار في أنشطة الأوراق المالية، وبما يتماشى مع المعايير الدولية المطبقة، ويراعي المستجدات التقنية المستحدثة دائما، إضافة إلى المساهمة في تحقيق الرؤية الإستراتيجية التنموية «الكويت 2035». تمثل بمجملها أهدافا رئيسية لإستراتيجية الهيئة للتحول الرقمي. أما أدوات التحول فتتمثل في الانتقال بنموذج عمل الهيئة إلى نموذج رقمي متكامل فائق الحداثة، بما في ذلك بطبيعة الحال تقديم الخدمات الخارجية، وإدارة العمليات الداخلية، وتوظيف البيانات، وتنمية الكوادر البشرية المتخصصة.
أما بالنسبة لمسار البرنامج، فيقول الملحم إنه، وبعد تنفيذ العديد من المبادرات التقنية التي تناولت مفاصل عدة في أنشطة الأوراق المالية، وأمام الحاجة المستمرة لتنفيذ مزيد من المبادرات والمشاريع في ذات الإطار، فقد ارتأت الهيئة ضرورة بلورة مختلف مبادراتها التقنية في إطار رؤية متكاملة بعيدة المدى تفضي إلى تلبية استحقاقاتها الإستراتيجية من ناحية، وتسهم في أداء الدور المنوط بها على صعيد التوجهات التنموية الحكومية من ناحية أخرى.
ويضيف الملحم ان الهيئة بدأت مسار تحولها الرقمي في ديسمبر من عام 2019 مع تشكيل لجنة توجيهية لمشروع التحول الرقمي برئاسة نائب رئيس مجلس المفوضين عثمان إبراهيم العيسى، أناطت بها مهام توفيق أوضاع مشاريعها التقنية القائمة حينها وأي مشاريع جديدة تندرج تحت البرنامج، إضافة إلى إعداد إستراتيجية للتحول الرقمي والإشراف على تنفيذها.
أما يناير من عام 2020 فقد شهد الخطوة التالية في هذا المسار مع تشكيل فريق عمل لإعداد إستراتيجية التحول الرقمي، وتحليل وثائق الأعمال المعتمدة في خطتها التنفيذية، ليتم في مرحلة لاحقة نقل مهام اللجنة التوجيهية لإدارة الموارد المؤسسية إلى مهام لجنة التحول الرقمي، كما تم تعيين مدير لبرنامج التحول يتولى مهام إعداد ميثاق البرنامج والإشراف على مواثيق وخطط المشاريع التي تندرج في إطاره، إضافة إلى مهام أخرى.
وعلى مدار عامين تقريبا منذ مطلع عام 2020 عكفت اللجان وفرق العمل على تنفيذ المهام المكلفة بها، سواء على توفيق أوضاع المشاريع القائمة مع إستراتيجية التحول الرقمي، أو على صعيد الإحاطة بالمبادرات والأعمال التقنية المطلوبة أو تلك المقترح إطلاقها ومواءمتها مع برنامج التحول الرقمي المزمع، مع الأخذ بعين الاعتبار مقتضيات مشروع الهيئة لتطوير وميكنة خدماتها الخارجية بشكل كامل، لتفضي تلك الجهود أواخر شهر أكتوبر الماضي إلى إطلاق إستراتيجية التحول الرقمي للهيئة.
خارطة طريق.. لبرنامج التحول الرقمي
في سياق تناوله بعض تفاصيل إستراتيجية الهيئة للتحول الرقمي، أشار الملحم إلى أن «تبني تقنيات التحول الرقمي لتحقيق تفوق تشغيلي داخلي داعم لنظم رقابية وإشرافية مرنة وذكية تقدم خدمات متكاملة ترتقي ببيئة الأعمال وترفع من كفاءة العمل الرقابي» تمثل رؤية الهيئة الخاصة بإستراتيجيتها للتحول الرقمي.
أما بالنسبة لأبرز مدخلات إعداد إستراتيجية التحول الرقمي، فتتمثل في رؤية الهيئة ورسالتها، إضافة إلى إستراتيجيتها الحالية، أما الاسترشاد بالمؤشرات العالمية للتحول الرقمي ذات الصلة بأعمال الهيئة فقد كانت مدخلا آخر لتلك الإستراتيجية.
وقد أشار الملحم إلى بعض مراحل إعداد إستراتيجية التحول الرقمي، كإعداد دراسة تفصيلية لمتطلبات التحول، وتقييم وضع الهيئة على صعيد الجاهزية الرقمية، وإجراء مقارنات معيارية مع عديد المؤسسات المالية المماثلة، كل ذلك أفضى إلى تحديد أولويات الإستراتيجية المتمثلة في بناء وتنمية الخبرات الرقمية، والتوصل إلى رقمنة تكاملية للعمليات والخدمات وبيئة تقنية مرنة ومتكاملة ومهيئة لمواكبة التغيرات، إضافة للاستخدام الفاعل للبيانات.
أما بالنسبة للتقنيات الرقمية التي يعتمدها برنامج التحول الرقمي، فتتمثل في تقنيات: الميكنة، والذكاء الاصطناعي، وإدارة البيانات الكبيرة، إضافة إلى الحوسبة السحابية.
أما الإطار الزمني لبرنامج التحول الرقمي والذي يستكمل معه انتقال نموذج عمل الهيئة إلى الصيغة الرقمية بصورة كاملة، فيمتد كما يقول الملحم إلى عام 2025، وهي الفترة التي يستلزمها إنجاز مبادرات البرنامج وتراتبيتها الزمنية، لتنتهي بذلك مراحل التحول الـ 3: بدءا بمرحلة «التوجيه» التي تتضمن المبادرات القائمة قبل إطلاق الإستراتيجية وتلك المتعلقة بتهيئة الموارد والبنية التقنية تمهيدا لإطلاق مبادرات جديدة، مرورا بمرحلة «التحول» والتي تتضمن إطلاق المبادرات الخاصة باستخدام التقنيات المستحدثة كالتصديق الرقمي، والربط مع منظومة العمل الخارجية، وإدارة البيانات الرئيسية، والذكاء الاصطناعي، وغيرها، وانتهاء بمرحلة «الابتكار» التي من المنتظر أن تولي الأهمية لنقل مستوى النضج الرقمي للهيئة للمستوى الريادي، وتقديم خدمات ذات قيمة مضافة، وخلق قنوات إيراد جديدة للهيئة.
منهجية الأداء المتوازن
في إطار تناوله للجانب الإستراتيجي في عملية «التحول الرقمي»، أشار د.الملحم إلى تبني الهيئة «منهجية الأداء المتوازن» في عملية التحول تلك، والتي تستند إلى تحديد الأهداف الرقمية المنشودة جراء الإستراتيجية بما يمكن من الوصول إلى النتائج المطلوبة مع مراعاة الأبعاد الأربعة المتصلة بالأداء المتوازن عامة، وهي (البعد المالي، بعد الأفراد والمؤسسات، بعد العمليات الداخلية، بعد القدرات المؤسسية).
بناء القدرات في الكوادر الوطنية... التحول الرقمي مثالاً!
في ختام حديثه عن إستراتيجية الهيئة للتحول الرقمي، أشار د.الملحم إلى أن ما يميز هذه الإستراتيجية يتمثل في اعتمادها بصورة كاملة وبنسبة تامة 100% على جهود ذاتية من منتسبيها من الكوادر الوطنية المؤهلة، ودونما الاستعانة بمستشار خارجي، وذلك في مختلف مراحل إعدادها بدءا بتقديم الدراسات وإجراء المقارنات مع الجهات المثيلة، وتقييم الوضع التقني الراهن للهيئة، وصولا لاعتماد برامج الإستراتيجية ومبادراتها ومؤشرات قياسها بصورتها النهائية. في النتيجة يرى الملحم في هذه الإستراتيجية نتاجا لنهج الهيئة على صعيد «بناء القدرات في كوادرها الوطنية» الذي بدأته منذ سنوات عدة.
في إطار آخر، أكد الملحم ما ذكره سابقا أن الإعلان عن إطلاق الإستراتيجية مؤخرا لا يعني بحال من الأحوال بدء مسار التحول الرقمي اليوم، بقدر ما يعني استكمال ما تم البدء به سابقا، إنما وفق إستراتيجية واضحة المعالم تتسم بالشمول.
من ناحية أخرى، اعتبر الملحم أن الإطار الزمني لإستراتيجية التحول الرقمي الممتد حتى عام 2025 لا يعد مبالغا نظرا لحجم التغييرات المنتظر إحداثها، وكم المبادرات المزمع تنفيذها وفق ركائز الإستراتيجية الـ 4: (الإدارة الفعالة للبيانات، التجربة المتكاملة لأصحاب المصلحة، التفوق التشغيلي، توجيه الموارد) وما تتضمنه من أهداف إستراتيجية تشمل كل جوانب عمل الهيئة بلا استثناء، يبلغ عددها اثني عشر هدفا إستراتيجيا تتوزع إلى 28 هدفا فرعيا، إضافة إلى اثني عشر مؤشر قياس إستراتيجي تقيس نحو 14 مبادرة تتوزع بدورها إلى أكثر من 40 مبادرة فرعية.
بالنتيجة، فإن كم الأعمال التي تتضمنها الإستراتيجية ونوعها، وتراتبية تنفيذ مبادراتها تقتضي منحها إطارا زمنيا ملائما.
وفي ختام حديثه، أشار الملحم إلى امتلاك إستراتيجية التحول الرقمي للهيئة مقومات المرونة المطلوبة التي تساعدها على مواكبة المستجدات التقنية المستجدة وبالتالي امتلاكها إمكانية إجراء التعديل المطلوب في حينه. كما أشار إلى أن مسار التحول الرقمي عموما لا يمكن أن يكون وليد الإستراتيجية الراهنة ليتوقف مع انتهائها، إذ ان عالمنا اليومي لحظي التغيير سواء على الصعيد التقني أو في مجالات أنشطة الأوراق المالية، ولابد للجهات الرقابية من مواكبة تلك التغييرات على الدوام.