- الحجي: الحكم الفصل يرجع إلى تقدير القضاء بحسب شخصية المكره وقدرته على الصمود
- العنـزي: إذا أجبر على الزواج فهو نقض للعقد ولمقاصد الشارع ويصبـح باطلاً
هل يجوز إجبار الرجل على الزواج من امرأة لا يريدها؟ سؤال تطرحه «الإيمان» على لسان رجل عرضت عليه أجهزة الشرطة في إحدى الدول الإسلامية إما الزواج من المرأة التي مارس معها الرذيلة، أو قضاء عقوبة السجن لارتكابه جريمة الزنا، وقد اختار الرجل الزواج من المرأة التي لا يريد الزواج منها، لكنه اعتبر أنه فعل ذلك مجبرا خوفا من السجن، وتساءل ان كان عقد زواجه صحيحا أم باطلا شرعا؟ هذه الحادثة تتكرر كثيرا بصيغة مختلفة، فقد يتم الزواج خوفا من السجن، أو خوفا من الضرب، وربما خوفا من القتل، فهل يعد هذا الزواج صحيحا شرعا مكتمل الشروط والأركان؟
في البداية، يقسم د.أحمد الحجي الإكراه في الفقه الإسلامي إلى ثلاثة اقسام هي: إكراه ملجئ شديد كالتهديد بالقتل، وهذا مفسد لكل التصرفات القولية، سواء كانت عقودا أو غيرها باتفاق الفقهاء، والقسم الثاني إكراه غير ملجئ أضعف منه، كالتهديد بضرب مؤلم مثلا، وهذا مفسد لكل التصرفات القولية أيضا، سواء كانت عقدية أو غير عقدية، واستثنى بعض الفقهاء من ذلك عقود الزواج والطلاق، وقالوا: تصح مع الإكراه غير الملجئ، والقسم الثاني الإكراه الضعيف مثل التهديد بالمقاطعة مثلا إذا لم يترتب عليها ضرر كبير، وهذا النوع من الإكراه لا أثر له في التصرفات القولية لدى عامة الفقهاء.
وفرّق د.الحجي بين أنواع الإكراه، موضحا أنه اذا كان الإكراه الملجئ يكون العقد غير صحيح باتفاق الفقهاء، وان كان من النوع الثاني غير الملجئ فالعقد غير صحيح أيضا عند بعض الفقهاء.
واشار الى ان القانون الكويتــــي للأحـــوال الشخصية يأخذ بهذا الرأي، حيث تنص المادة 25 من القانون، على انه «لا يصح زواج المكره والسكران» إنما يصح هذا الزواج عند بعض الفقهاء، أما اذا كان الإكراه ضعيفا فلا أثر له في العقد، والعقد معه صحيح بالاتفاق.
واضاف ان الحكم الفصل في ذلك كله يرجع الى تقدير القضاء، وذلك بحسب شخصية المكره وقدرته على الصمود امام الإكراه وبحسب قوة المكره ومنصبه وقرائن الأحوال التي تحف به، فربما كان عمل ما إكراها بحق إنسان لضعفه، وليس إكراها في حق غيره لقوته.
عقد باطل
يلتقط طرف الحديث د.سعد العنزي الذي يؤكد انه اذا كان المقصود من الخوف الاكراه على الزوج خوفا من القتل او التهديد به او الخوف من الضرب الشديد أو لأي سبب آخر يعرض نفسه او اهله او ماله للخطر، فهذا مما يبطل العقد، لافتا الى ان الاختيار والرضا بالنسبة للرجل شرط لصحة إتمام العقد، فإذا انتفى هذا الشرط بطل العقد.
وبين د.العنزي انه اذا كان الخوف لا يصل الى فوات النفس ولا العرض او المال، وكان هذا الخوف ممزوجا بالرضا فالعقد صحيح، خاصة اذا كان الرجل قد ارتكب زنا وأراد ان يصحح ما ارتكبه بحق المرأة وتزوجها بعد ذلك خوفا من المساءلة القانونية، فالعقد صحيح، وإذا أراد من هذا العقد ان يبعد التهمة عن نفسه وتزوجها عن رضا فالزواج ايضا صحيح لأنه اشتمل على أركان العقد من ولي وصيغة ومهر وشهود.
وحول ما اذا حضر المدعى عليه الى المحكمة مع رجال الأمن بغير إرادته.. وهل يعد هذا التصرف ناقضا لعقد الزواج، قال د.العنزي: ان للمدعى عليه ان ينفي عن نفسه ارتكاب الجرم إذا كان بريئا، ولا يجبر على الاعتراف بهذا الجرم، كما أن من حقه أن يرفض عقد الزواج إذا كان مجبرا أو مكرها عليه، وإذا أجبر أو أكره على الزواج فالعقد في هذه الحالة يصبح باطلا، أما إذا كان هذا الشخص قد ارتكب الزنا وأراد أن يصحح الخطأ الذي ارتكبه أو أراد أن يبعد عن نفسه المساءلة القانونية فتزوجها عن رضا فعقده صحيح، أما فيما يتعلق بحضوره الى المحكمة مع رجال الأمن فلا يعد ذلك في أصله إكراها على إبرام العقد إلا إذا أجبر وأكره على الزواج، ففي هذا نقض للعقد ولمقاصد الشارع في الزواج.