دلال العياف
أسباب استمرار أي عمل درامي هو التمكن من جميع أدواته ومسببات نجاحه، لذلك استمر مسلسل «الهيبة» وفرض هيبته على الساحة الفنية من خلال انتقاء عناصر الارتكاز الأساسية في أي عمل درامي ضخم وهي المنتج والكاتب والمخرج والممثلون، فاذا اكتمل هذا النصاب فسيكون العمل بالتأكيد ناجحا وتبقى أصداؤه باقية على مر السنوات. واليوم يأتينا «الصباح» ومجموعته الرائدة بجزء خامس من مسلسل «الهيبة» تميز بطرح مواضيع حساسة وبالغة الأهمية، ويحمل عنوان «الهيبة - جبل»، ونستشف من خلال العنوان انه الأخير طبعا، فيما ان أحداثه تدور حول جبل (تيم حسن) الذي يجد نفسه مضطرا لدخول معركة جديدة، بعد ان اكتشف ان هناك مخططا من قبل مجموعة من المخربين لتحويل السد المائي الذي يحمي «الهيبة» من الجفاف الى منفذ للتهريب المائي، هذه الأحداث المختصرة التي عرضت من الحلقة الأولى زادت التشويق لدى الجمهور لمعرفة كيف وماذا سيحدث للبطل الذي خطف قلوبهم بشجاعته؟ والذي خرج من السجن بعد فترة طويلة ليجد المشاكل تهدد أرض مدينته.
يتخلل الجزء الخامس، الذي اختصر «لزمات» الأجزاء الأربعة السابقة في لزمة جديدة هي «يا حرام الشوم»، نوع من الإثارة والتشويق وبعض الإسقاطات السياسية الممزوجة بالدراما، مع تسليط الضوء على أمور حصلت في المجتمع والعالم العربي بأكمله، وطرحها بشكل مؤثر جدا، لان كما عرفنا فالفن رسالة، وهو عنصر فعال في توضيح الأمور وإظهارها بشكل صحيح، وإيجاد الحلول لأي مشكلة من خلال المعالجة الدرامية، لذا نشاهد الفنان تيم حسن يواجه «داعش» في «الهيبة - جبل».
وابتعد العمل عن المط والتطويل مع السرعة في توالي الأحداث، ونلاحظ انه في كل نهاية حلقة هناك نقطة تتركز في ذهن المشاهد وتعطيه حيزا من التفكير العميق وتشغله بوضع تصور للحلقة التالية، حيث ان الأمور قد تطورت بشكل كبير وتصاعدت الأحداث بقوة، ما انعكس على المشاهدين ايجابيا من حيث الاستمتاع بهذه الدراما، حيث نرى من خلال إجبار سارة (إيميه صياح) على الخروج من لبنان وعودتها بشكل مفاجئ، كمبعوثة للأمم المتحدة لكشف المتورطين في تهريب الآثار وانضمامهم الى «داعش» وتزويدهم بأسلحة من النوع الثقيل.
الفنان السوري عبدالمنعم عمايري أجاد في دور خصم «جبل» الذي يتعاون مع «داعش» في بناء نفق لهم، وطريقته المبهمة في التعامل السري معهم، حيث استخدم العماير ببراعة أدواته الفنية المتكاملة وإيماءات وجهه الهادئة الغاضبة في ذات الحين.
ونرى السنديانة القديرة منى واصف وهي اللائقة بهيبتها في بيت شيخ الجبل، وهيبتها أيضا كهيبة الجبال الراسية تفرضها على المسلسل في كل جزء من أجزائه.
أما الفنان سعيد سرحان فقد خطف الأنظار بقدراته التمثيلية العالية وموهبته التي تبلورت في شخصية «علي» شيخ الجبل الذي ابدع في خداع «داعش» وإيهامهم بانه رجل من القوقاز يدعى «عبدالرزاق» ليتجسس عليهم، فقد أتقن دوره بحرفنة عالية، كما ان طريقه إتقانه للغة القوقازية كان متميزا جدا.
وفي هذا السياق، عرفنا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أنه ستكون هناك نسخة مترجمة باللغة التركية قريبا للمسلسل.