تظاهر آلاف من التونسيين امس قرب مبنى البرلمان مطالبين بإعادته للعمل واستعادة المسار الديموقراطي بعد الإجراءات الاستثنائية التي اعلنها الرئيس قيس سعيد واحتكر بموجبها السلطة السياسية قبل 4 أشهر.
واشتبك المحتجون لوقت قصير مع قوات الشرطة بعد أن منعتهم من التقدم، وأزال المتظاهرون حواجز حديدية تفصل بينهم وبين قوات مكافحة الشغب لكنهم تراجعوا لاحقا.
وقالت وزارة الداخلية التونسية في بيان إنها أوقفت عددا من الأشخاص وسط المتظاهرين وبحوزتهم أسلحة بيضاء مختلفة الأحجام والأشكال، لافتة الى أنه تم تقديمهم للنيابة لاتخاذ الإجراءات القانونية في شأنهم.
وأغلق مئات من رجال الشرطة المنطقة التي احتشد فيها آلاف المحتجون للمطالبة بأن يعيد الرئيس سعيد عمل البرلمان والحكم الديموقراطي ويتراجع عن القرارات الاستثنائية التي اتخذها قبل أشهر.
وهتف المحتجون بشعارات مطالبة بالحرية وإنهاء الدولة البوليسية قائلين: «الشعب يريد إسقاط الانقلاب» و«حريات دولة البوليس.. وفات (انتهت)»، وذلك أثناء قيامهم بإزالة حواجز كانت تسد الطرق المؤدية إلى مبنى البرلمان في قصر باردو بالعاصمة، مما أدى إلى وقوع الاشتباكات.
ودعا معارضون يطلقون على أنفسهم «مواطنون ضد الانقلاب» أنصارهم في باقي الولايات إلى المشاركة بكثافة في الاحتجاجات لكن الشرطة أغلقت المنافذ المؤدية إلى ساحة باردو قبالة البرلمان.
من جهته، اتهم الرئيس سعيد جهات لم يسمها بمحاولة زرع الفتنة في تونس، وقال في تصريحات امس إن «ريحا عاتية ستهب على من يحاولون ضرب الدولة ووحدتها».
وهذا أحدث تحرك لمعارضي الإجراءات التي اتخذها الرئيس سعيد بعد آخر مسيرة حاشدة في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة في العاشر من أكتوبر الماضي.
ويطالب المعارضون بعودة نشاط البرلمان وإنهاء تعليق الدستور ووضع حكومة إنقاذ وطنية. كما تطالب أحزاب ومنظمات من بينها الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو المنظمة النقابية الأكبر في البلاد، بخطة تشاركية لصياغة الإصلاحات ووضع سقف زمني للتدابير الاستثنائية.
وقال محتج اسمه فؤاد بن سالم «لن نقبل بديكتاتور جديد.. انتهى الخوف منذ 2011.. نحن شباب الثورة أطحنا ببن علي ولن نتراجع ولن نقبل أن نكون ضمن نوادي البلدان الديكتاتورية في المنطقة».
بدوره، قال جوهر بن مبارك، أحد قياديي الاحتجاجات: «نحن نعيش حكم الفرد الواحد والديكتاتورية منذ 25 يوليو الماضي.. سنبقى هنا حتى ينتهي الحصار الأمني المفروض على المحتجين».
وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد حذر من صعوبة الوضع الاجتماعي في البلاد، وقال إنه ينذر بانفجارات اجتماعية، وقال الأمين العام المساعد للاتحاد سمير الشفي في تصريحات صحافية إن التنكر للوضع الاجتماعي بذريعة صعوبة الوضع الاقتصادي مقاربة فاشلة، ولا يمكن أن تؤدي إلا إلى المزيد من الأزمات والانفجارات الاجتماعية.
وجاء احتجاج امس في أعقاب اشتباكات الأسبوع الماضي بين الشرطة والمحتجين في مدينة عقارب قتل فيها شخص.
وقال عبدالرؤوف بالطبيب، وهو مستشار سابق لسعيد، لـ «رويترز»: «تونس تعيش عزلة دولية حاليا بإغلاق البرلمان والانقلاب.. يجب إعادة الديموقراطية».
وسيطر الرئيس سعيد على جميع السلطات تقريبا في يوليو الماضي وأوقف عمل البرلمان وأقال الحكومة في خطوة وصفها منتقدوه بـ «انقلاب»، قبل تعيينه رئيسة وزراء جديدة وإعلان قدرته على الحكم بمرسوم.
وقال إن الإجراءات التي اتخذها كانت ضرورية لإنهاء الشلل الحكومي بعد سنوات من الخلافات السياسية والركود الاقتصادي، ووعد بدعم الحقوق والحريات التي تم تحقيقها في ثورة 2011 التي جلبت الديموقراطية.
وبدا أن تحركاته تحظى بشعبية واسعة إذ تجمع الآلاف من أنصاره في مسيرة لدعمه الشهر الماضي.
ومع ذلك، تم اعتقال عدد من الساسة البارزين وتعرض المئات للمنع من السفر، بينما يواجه الرئيس السابق الذي يعيش خارج تونس، المنصف المرزوقي، المحاكمة بسبب هجومه اللفظي على الرئيس سعيد.