شهدت السنوات الأخيرة ظهور بعض الأفكار والأدوات العصرية التي أثرت على العمل الإنساني، وأن تشكل رافدا مهما من روافده، في ظل استمرار المعاناة الإنسانية وتعدد صورها، والحاجة الملحة لتخفيف معاناة البشر وآلامهم.ومن بين تلك الأفكار، كانت مبادرة مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي إلى المشاركة في جمع التبرعات للعمل الإنساني، وهنا قد لا يخطر على بالنا أحد غير اليوتيوبر حسن سليمان، المشهور بأبي فلة، حيث لم أقاوم نفسي من الإشارة لتجربته المميزة المثيرة في تقرير جامعة أنديانا الأميركية المحدث والذي سيصدر قريبا عن بيئة العمل الخيري العالمي GPRFI والجزء الخاص بالكويت، وتعاونه مع الجمعيات الخيرية الكويتية كالعون المباشر والنجاة، حين أجبت عن سؤال حول مدى مساندة البيئة التنظيمية القانونية لتلقي التبرعات عبر الحدود، وهو السؤال الذي لا يبدو أنه ينطبق على بيئة الكويت المصدرة أصلا للتبرعات، ولكن تجربة أبوفلة قالت غير ذلك حين جذبت عشرات الآلاف من المتبرعين من 68 دولة مختلفة في استخدام الروابط ومنصات الدفع الإلكترونية لتصب في حسابات جهات خيرية كويتية، ومن ثم تصديرها للفئات المستحقة حول العالم.ويبدو أن وصول عدد متابعيه إلى 20 مليونا مؤخرا قد زاد من إحساسه بالمسؤولية، فكان عمله الأخير حملة «دفي قلوبهم»، والتي أطلقها بالتعاون مع جهة بارزة من منظمات الأمم المتحدة - المفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNHCR، لينجح خلال 28 ساعة من البث المتواصل، في جمع مليون دولار، من حوالي 31 ألف متبرع لتوفير احتياجات الشتاء الطارئة لحوالي 17 ألفا من اللاجئين والنازحين في الشمال السوري.لم ينفصل أبوفلة عن واقع العالم الذي يعيش فيه، ولم يشغله رغد العيش الذي يزداد معه يوما بعد يوما، مع كل متابع جديد ومشاهدة أو إعجاب بحساباته على شبكات التواصل، عن الإحساس بمعاناة الآخرين، وقرر مشاركة الآخرين بالنعمة التي أفاضها الله عليه، وقدم هذا الشاب العشريني، نموذجا مميزا في ساحة مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي المليئة بالسذاجة، وسلط الضوء على حجم التأثير الإيجابي الذي يمكن أن يقوم به المشاهير، وكيف يمكن لفرد واحد أن يأتي بأعمال قد تعجز مؤسسات عن القيام بها في وقت قصير!لقد كان من الممكن لشاب في هذا العمر، يدير قناة للألعاب على يوتيوب، يصفها البعض بأنها الأكثر نموا على مستوى العالم، ويحظى بعدد كبير من المتابعين، أن يكون ككثيرين أداروا ظهورهم لكل شيء وحصروا اهتمامهم بأنفسهم فقط.ولطبيعة حملات أبي فلة المرتبطة بجمهور عريض متنوع، ولاسيما من الشباب من كل أنحاء العالم العربي، ومنهم ابنتي «شيماء» التي أصرت علي في التبرع لحملاته باستخدام بطاقتي البنكية، يجب أن تتسم طريقة التعامل مع هذه الأموال بشفافية أكثر وأكثر وتوثيق الدعم وما بعد الدعم حتى تستمر مثل هذه الحملات المفرحة لمستحقيها من الفقراء وحتى لمتابعي «أبو فلة» من الأغنياء.حينما شاهدت بعض مقاطع أبو فلة بمعية ابنتي «أسماء» وهو تكاد شفتاه أن تنشقا، وهو فرح بتقديم الهدايا المتنوعة من أجهزة هواتف وألعاب وحتى سيارات بطريقة دراماتيكية مضحكة لفئات متنوعة من أطفال وشباب وعمال نظافة وأشخاص عاديين، عرفت أن «أبو فلة» من أولئك الذين يفرحون بالعطاء أكثر من فرحهم بالأخذ.