من آن لآخر يحبس العالم أنفاسه لمشكلة قد تهدد السلام العالمي وتهدد أسباب قيام الأمم المتحدة منذ عام 1945، وبعد اجتماعات مطولة يفاجأ بأن المشكلة لاقت اهتماما فاترا من مجلس الأمن أو من غيره من منظمات الأمم المتحدة حتى إن تمت مناقشتها، وتتكرر هذه الأمثلة يوميا من جميع أنحاء العالم، وكأن القيادات في العالم لا يهتمون إلا بما يحلو لهم ولمصالحهم بالرغم من أن القيادات ليسوا بحاجة إلى منظمات دولية أو تحالفات لتمرير أجنداتهم الخاصة التي قد لا تخدم غيرهم.
وفي وسط هذا كله مازال بعض عامة الشعب السذج يعتقدون أن تولي الأمم المتحدة لملف يعني حل المشكلة حلا عادلا يتناسب مع مكانتها والدور المنتظر منها، ومازالت أيضا العديد من المشاكل الإقليميــة على جدول أعمال المنظمة الدولية الدوري بصورة روتينية مملة بينما تتسابق القيادات في الإدلاء بتصريحات وردية تبعث الأمل للجميع، لذلك فقــد بدأت كيانات إقليمية تنمــو وتظهـر وتجمع الكثير من المصالح مثــل كيانــات اقتصادية أو سياسية أو كيانــات لم تظهر بعد توجهاتها الاستراتيجيــة فـــي مناطـق مختلفــة من العالم.
وإن لم تفكر جميع الدول كيف تعيد للأمم المتحدة ما قد أنشئت من أجله منذ عام 1945 وتصويب الأداء وفقا لميثاقها فإن الكيانات الإقليمية ستكون بديلا لها، وتبقى الأمم المتحدة سواء في نيويورك أو في المقار الأخرى أو في المكاتب الفرعية منصات ومنابر للدعاية والترويج لبضاعة افتراضية اسمها الأمن الدولي والعدالة وحقوق الإنسان، وهي لإحياء ذكريات آمال وأحلام لم يتحقق منها شيء وخاصة للبشر الذين مازالوا يعيشون ظلما أو جوعا أو حرمانا في التعليم أو في المساواة في حقوقهم.
ومازال الطريق بعيدا عن هؤلاء البشر الذين سمعوا عن التنمية وعن أهدافها السبعة عشر الصادرة عن قادة دول العالم منذ اجتماع قمة التنمية المستدامة في سبتمبر 2015 في نيويورك ولم يحققوا على أرض الواقع شيئا؛ لأن الكيان الدولي هو الأمم المتحدة التي مازالت كيانا اجتماعيا أو ثقافيا لإطلاق الشعارات عن النوايا الطيبة التي راودت العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945، حيث ظهرت الأمم المتحدة لغسل أوزار ما حدث من تدمير وحروب وإزهاق الأرواح في تلك الحرب التي لم نتعلم منها الكثير حتى الآن لأن من يقودون العالم يحتاجون إلى المزيد من الحكمة والوعي حتى لا يفقد العالم ثقته في أداة دولية أقيمت من أجل العدل والأمن العالمي والسلام.
وإن لم تقم المنظمة بدورها حيال مشاكل العالم في الوقت المناسب فإن مبرر وجودها قد يثير العديد من التساؤلات ويحيط به الشكوك المشروعة من الجميع.