[email protected]
تبقى بلادي الكويت لا تقاس بغيرها من الدول لخصوصية تجربتها الديموقراطية!
كنت في جمع من أبناء دول مجلس التعاون الخليجي وبعض الإخوة العرب وتجاذبنا أطراف الحديث عن عودة المشمولين بالعفو الكريم من صاحب السمو الأمير وكانوا معجبين بقرار العفو وباحتفالات أهل الكويت بعودة أبنائهم من المهجر في مشهد نادر في الوطن العربي لأن للكويت وجهاً آخر غير البترول!
بالأمس كل شعوب العالم عبر أجهزة التلفاز شاهدت عودة أبناء الكويت إلى وطنهم مرفوعي الرأس وإلى مساكنهم في أكثر من منطقة غير ان الأندلس بالأمس غير، فيما تستعد خيطان لاستقبال فارسها!
بالأمس الكل شاهد احتفالية الكويت بعودة الأبناء من الغربة، وهذه الأعداد الكبيرة من المهنئين بدءا من مطار الكويت الى دواوين ومساكن العائدين خاصة الأندلس!
عادت الدفعة الأولى على أمل ان تتوالى الدفعات ولا يبقى أحد من أبناء الكويت في الخارج من أصحاب الرأي والحراك السياسي.
قلت بالأمس لاثنين من أبناء الوطن العربي ان بلدي الكويت (ولَّادة) وتحتاج اليوم في هذه المرحلة الى تغيير النظرة الى الثروة على اعتبار ان سلعة النفط ناضبة وعلينا ان نبدأ في اقتصادنا بالقاعدة الإنتاجية وتوزيع مصادر الدخل بما لا يعرض الكويت مستقبلا الى مخاطر جمة، فأسعار النفط متقلبة ومجتمعنا الكويتي في ظل جائحة كورونا كشف لنا خللا في الجانب السكاني اذ لا يشكل الكويتيون أغلبية من إجمالي السكان!
بالأمس شاهد العالم وشعوبه حراكا كويتيا عجيبا ومشهدا نادرا ما تراه في الوطن العربي الكبير الممتد من الخليج العربي الى المحيط، فالمشاكل كما يقال لا تحل بالصمت وإنما بإيصال الصوت والرسالة!
المشاكل والمآزق لا يمكن حلها حلا صامتا بعيدا عن مشاركة الناس ورغم ما في الثوب الكويتي من ثقوب فإن ما سمي بالحوار الوطني، والمواطنون مختلفون حوله، وتبقى الحقيقة أن هناك من العائدين من ظلموا إعلاميا، وما تلاه من قرارات يوضح ان للكويت وجها آخر غير النفط والديموقراطية، وأقصد حالة سياسة الباب المفتوح ما بين الحاكم والرعية ووجود هذه النخب الشبابية التي تسعى جاهدة بروح جماعية لإحداث إصلاح مرتجى (سياسي - اقتصادي - اجتماعي)، وهو تحد ثلاثي خطير وبوجود مخاوف عديدة في اكثر من جانب وأرى أبرزها القوة الهائلة للوافدين فيما يتعلق بالوعاء الديموغرافي السكاني!
الخلاصة.. تسارع الأحداث يتطلب تشكيل حكومة تعي وتعرف أولويات الإصلاح المطلوبة في هذه المرحلة واللاحقة.
لقد أفرزت لنا جائحة كورونا كوفيد- 19 ان بلدنا بحاجة الى قفزة نوعية بعيدة عن (المستشار الأجنبي) لا يمنع ان نأخذ رأيه لكن لا نقبل بأن يخطط لنا، وتضم الكويت الآن في كل أحوالها قوة هائلة من الشباب الطموح وأيضا الخبرات المتقاعدة وهي تغطي جميع المجالات والقطاعات على ان نثق بهذه الخبرات الكويتية ونعطيها الفرصة للمساهمة في التخطيط لنمو وتمدد هذا البلد العظيم بحكامه وشعبه ومكتسباته الدستورية.
٭ ومضة: بات من الضروري الالتفات الى القضية السكانية، فهذا الكم من الميزاييك يجعلنا نطالب بأن نحول الكويتيين من (أقلية إلى أكثرية) بتوازن الجاليات والاستغناء عن كل هامش من هذه العمالة السائبة وتسكير ملفات تجار الإقامة والبدء في سياسة سكانية لا مجاملة فيها وضبط حركية تغيير التركيبة السكانية وكل التشريعات الخاصة بها فما حصل في الجائحة يجب ألا يُنسى أبدا!
٭ آخر الكلام: الاقتصاد يتطلب منا اليوم عدم المجاملة والسير كما يقولون على البركة في ظل تقلبات واضحة في أسعار النفط مما يتطلب إيجاد البدائل سريعا لمواجهة المستقبل بالبدائل غير النفطية!
لا بد من إيجاد قاعدة إنتاجية جديدة توازي القاعدة الاستهلاكية ولعل التصنيع وتنويع مصادر الدخل بات من الأولويات!
٭ زبدة الحچي: هناك مشكلة كبيرة جدا أراها في الجانب السياسي تتطلب منا اليوم ان نستفيد من الأخطاء التي مورست منذ (1962 الى 2021)، ليس العيب ان نقع في الخطأ وإنما الاستمرار بهذا الخطأ، فما أحوجنا الى إعادة النظر في الدوائر الانتخابية على اعتبار انه عندنا اليوم (نضح) في المعارضة بعد فتح الصفحة الجديدة وبالتالي ازدياد المسؤولية التاريخية على الاخوة أعضاء مجلس الأمة في القيام بمسؤولياتهم في ظل هذه المرحلة التاريخية ووقف الوجه القبيح للديموقراطية وبحيث يحاسب هذا المجلس ولا يجامل ويكون بحق معبرا عن روح الشعب ورغباته مغلّبا المصالح العامة على المصالح الخاصة.
آن الأوان ان نحاصر الظواهر السلبية وأن نختار للتوزير من يستطيع ان يمثل الجهاز التنفيذي بعيدا عن المحاصصة وكل من مر علينا من وزراء استغلوا المنصب للأسف وبعضهم لم يملأ الكرسي (نبي وزير زين)!
الشعب الكويتي شعب واع مثقف موال للسلطة فقط يحتاج الى نماذج قيادية في مناصب الدولة بعيدا عن سياسة هذا ولدنا!
فالكل مجمع على أهمية التمسك بالدستور ومؤسساته وتطبيقه فهو ملاذ الشعب والشعب لن يدخر وسعا من أجل تحقيق كل ما فيه خير وطننا وازدهاره وتصميم على الحكم الدستوري وتعزيز المكاسب الديموقراطية التي رأيناها في الأيام التي مضت في زمن العفو وتطبيق القانون على الجميع.. نفخر ببلدنا الكويت وشعبها الوفي.. في أمان الله.