المحرر الاقتصادي
تحاول الشركات الأميركية أن تضع لوائح تنظيمية قاسية لمنع استغلال النفوذ الإداري والملكيات في القيام بأعمال غير أخلاقية مثل التحرش والمواعدة والاكراه، وتحتل إدارة الموارد البشرية موقعا مهما في الشركات الأميركية ويمكنها حماية الموظفين بقانون العمل وضمن اللوائح التنظيمية من أي استغلال اداري، ويمكنها أن تفصل رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي إذا أظهر تحقيق في حادثة ما ثبوت الفعل عليهما، وحتى إذا كان هذا الرئيس لديه ملكية في الشركة.
والحادثة الشهيرة في هذا الصدد هي طرد المؤسس والمالك لسلسلة فنادق «وين» الشهيرة في لاس فيغاس ستيف وين، حيث كشفت «وول ستريت جورنال» في العام 2018 عن فضائح جنسية ارتكبها ستيف بحق موظفات عملن لديه في الفنادق بعد أن أجبرهن على ممارسة الجنس معه.
وأجبر مجلس الإدارة على بيع حصته في المجموعة البالغة 12% في العام 2019 بمبلغ ملياري دولار. واتهم ستيف زوجته بالوقوف وراء هذه الفضائح كمحاولة انتقامية منها بعد طلاقه منها في العام 2010، حيث تمكنت الزوجة التي حصلت على نصف ثروة ستيف بعد طلاقهما من احتلال مناصب رئيسية في إدارة المجموعة بعد طرده.
وغالبا ما تؤدي هذه القصص الى الطلاق كما حصل مع بيل غيتس الذي أعلن طلاقه مع زوجته ميلاندا في مايو الماضي بعد 27 عاما، حيث تبين لاحقا أن هناك أسبابا عدة منها المعلومة التي ظهرت حول لقاءات جرت بين غيتس وبين رجل الأعمال الذي أدين بتهمة الجرائم الجنسية الملياردير جيفري أبستين وتوفي في السجن عام 2019، وكان أبستين متهما بإنشاء شبكة للاتجار بالبنات القصر بغرض الجنس قبل أن يسقط بقبضة الشرطة في العام 2019.
بيل غيتس ودونالد ترامب
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» كشفت عن أن غيتس التقى أبستين مرات عدة في مناسبات مختلفة، كما أنه مكث في إحدى المرات الى وقت متأخر من الليل في منزل إبستين في مانهاتن. وبرر غيتس علاقته مع أبستين بأن الأخير كان يعده بأنه سيتمكن من جلب متبرعين لجهود الإغاثة العالمية، لذا تناول معه العشاء مرات عدة، وكرر ندمه على ذلك. وكان أبستين شخصية ذات نفوذ وسطوة كبيرة وله علاقة مع شخصيات عدة اقتصادية وسياسية، من بينهم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
نقمة على الأثرياء
وتأتي هذه الأحداث في وقت تزيد فيه النقمة على فائقي الثراء الذين ازدادت ثروتهم في حقبة ترامب بعد أن خفض الضرائب من 35% الى 21%، وأحدث اشتعالا في البورصات قفز بثروة الأغنياء أضعافا مضاعفة.
ومع وصول الإدارة الديموقراطية الى البيت الأبيض برئاسة جو بايدن، يتصاعد ملف الضغط على الأثرياء لدفع ضرائب أكثر وللتقليل من نفوذهم، حيث تأتي قضايا غيتس وترامب وغيرها من القصص في سياق جو مشحون اعلاميا ضد الأثرياء.
وسبق قصة غيتس وميلاندا الطلاق الشهير بين الملياردير جيف بيزوس رئيس شركة أمازون وأحد أثرياء العالم، بعد أن كشفت صحيفة «ناشيونال انكويرر» عن فضيحة جنسية وخيانته لزوجته. ويعتبر بيزوس من النافذين الجدد في عالم المال والأعمال، وتتعرض شركته للمساءلة في الكونغرس حيث يتم توجيه اتهام لها بالاحتكار، وهي التهم نفسها الموجهة الى شركة مايكروسوفت، وكذلك الى شركات أخرى مثل فيسبوك وآبل وغوغل، أو ما بات يعرف بعمالقة التكنولوجية.
والاشكالية الكبرى التي تواجه هؤلاء الأثرياء، خصوصا عند الأخذ بعين الاعتبار قضايا استغلال النفوذ المالي والمناصب للقيام بأعمال غير أخلاقية، أن معظم هؤلاء يعتبرون من كبار المتبرعين لأعمال الخير ولمنح تمكين النساء في المناصب القيادية وتحسين ظروف العمل للنساء في المناطق الفقيرة والدول النامية، وعلى رأس هؤلاء المانحين بيل غيتس ومؤسسته الخيرية الشهيرة التي أنشأها مع زوجته ميلاندا وتجوب الدول النامية لإقامة مشاريع خيرية وتحسين أوضاع النساء وتمكينهن، وهي رسالة تتناقض مع ما تم الكشف عنه.