حين نقرأ عنوان المقال فللوهلة الأولى نعلم أن هذه العبارة تشير الى المتنبي، ويكاد يكون الشاعر الوحيد الذي قتل بسبب أبيات قصيدته.
ولكن ماذا لو عملنا بعض التعديل على تلك العبارة لتصبح «الرجل الذي قتله ظنه»!.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث»، فكم من ظان قتله ظنه ووساوسه التي أتلفت أخلاقه ونفسه وعلاقاته، الظن هدم أسرا، وفرق شملا، وأثقل كاهل أهله بالذنوب والمشاكل، فقط لأن صاحبه لم يحسن ظنه بغيره، أحيانا ترى تصرفات تصدر من البعض فتفسر هذه التصرفات التفسير الذي يتماشى مع هواك ولو أنك اجتهدت فقط في أن تضع نفسك في موقفه فلن تشعر إلا وأنت تضع أكثر من عذر لنفسك، ولكن هل نصل إلى مرحلة أن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب الغير!
في السنوات الأخيرة أعتقد أن الجميع لاحظ أن النفوس تغيرت بين المجتمع، وأصبح طغيان السلبية متفشيا بين مجتمعنا، وكثرت الأقاويل والإشاعات من خلال آفة وسائل التواصل الاجتماعي في إطار حرية الرأي، وجزء كبير من هذه المشكلات يقع على عاتق (الظن).
إن حرية الرأي في المجتمع تجاوزت حدها بشكل كبير حتى بدأت منصات التواصل الاجتماعي تكون حلبة مصارعة من خلال التراشق بالتغريدات أو التعليقات، إلى أن انتقلنا إلى مصطلح جديد أسموه «التنمر»، وهي صفة تطلق على من يهاجم شخص آخر، أو أن يكون شخص هو محور الانتقاد فيخرج فريق الدفاع بعبارة «تنمر»، وهنا يفقد (إحسان الظن).
في السابق كنا نعرف كلمة «الهبة» وهي كلمة محلية تعني التوجه لذوق معين سواء كان لباس أو أطعمة أو شيء معين، وفي الوقت الحالي أصبحت «الهبة» عادة أو تصرفا، وكلها تنصب في قالب واحد وهو وسائل التواصل الاجتماعي، بغض النظر عن هذا التوجه إن كان سلبيا أم إيجابيا، ولكن برأيي لم أرى «هبة» إيجابية واحدة، وإن وجدت فستكون رياء مع الأسف وغطاءها (إحسان الظن) ويبدو أن حتى إحسان الظن طاله التشويه.
باختصار، لو أحسن الظن لصلح حالنا، ولو اجتمعنا على طاولة واحدة وكان التفاهم أو الانتقاد البناء الهادئ هو لغة الحوار لارتقينا إلى أعلى مستويات الحوار.