علي إبراهيم
عقدت جمعية المحامين الكويتية أول من امس حلقة نقاشية حول مستقبل الاستثمار في سوق العملات الرقمية، حيث تحدث خلالها أخصائي الأمن السيبراني ناصر المطيري، والمستثمر في العملات الرقمية محمد الأستاذ، ومحلل أسواق المال عبدالله العوهلي.
وقد شهدت الحلقة نقاشات قانونية حول اعتبار تداول العملات الرقمية جريمة، وطرحت خلالها فكرة أن تعدين العملات الرقمية يشكل جريمة إصدار عملة، خصوصا أن إصدار العملات هو امتياز محصور على الدولة ممثلة في بنك الكويت المركزي، وبالتالي أي شخص يصدر عملة يعاقب بالعقوبة المقررة في قانون الجزاء بتزييف العملة، ما فتح نقاش بالتبعية حول اعتبار «العملات الرقمية» عملات بالمفهوم المتعارف عليه.. وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، أكد المحامي علي العريان،أن الكويت لا يوجد فيها أي قانون ينظم العملات الافتراضية حتى الآن، كما لا توجد جهة رقابية مختصة بالرقابة عليها، وبالتالي الاختصاص العام باعتبارها تداولات تجارية يكون لوزارة التجارة، ولكن قرار هيئة أسواق المال الذي صدر في أبريل الماضي بسط رقابة الهيئة بنطاق واسع على المشتقات المالية و«الأوبشن».
ويرى العريان من منظوره أن النص الوارد في قانون البنك المركزي لا يسعف في تجريم التعدين، لافتا في الوقت ذاته إلى أن مسألة أخرى طرحت بأن مجرد تداول العملات الافتراضية هي عملية غسل أموال، وهو كلام غير صحيح إذ لابد أن تتوافر أركان جريمة غسيل الأموال، وشدد على ضرورة تطوير جهات الخبرة وجهات التحقيق عبر دورات متخصصة في المجال المالي ليكون لديهم اطلاع في هذا المجال للفصل والتحقيق فيه.
وتحدث عن تعريفات المشتقات والأوراق المالية و«الأوبشن»، مبينا أنها إذا ارتبطت بورقة مالية فتعد بالتبعية «ورقة مالية» تخضع لرقابة هيئة أسواق المال والعكس صحيح، فإذا لم ينطبق عليها الارتباط فلا تخضع لرقابة الهيئة.
واستعرض العريان مسيرة «أسواق المال» مع الشركات التي لديها منصات تداول، مبينا أنه في وقت مبكر كانت هناك آراء مختلفة حول سلطة الهيئة في الرقابة على نشاط المنصات، وفوجئنا بإحالة العديد من الشركات إلى النيابة بتهمة مزاولة نشاط من دون ترخيص.
سوق العملات الرقمية
من جهته، يرى أخصائي الأمن السيبراني ناصر المطيري أن هناك سوء فهم للعملات الرقمية، فمصطلح العملات خاطئ، فهي بالأصل مشاريع صدرت لتحل مشكلة بعينها، مستشهدا بعملة الـ «بيتكوين» التي أنشئت كمشروع تحوط من المستقبل مثل الذهب، لافتا إلى أن السوق حاليا يضم أكثر من 8 آلاف مشروع متوفر للاستثمار فيه.
وأكد على أن الاستثمار في سوق العملات الرقمية يحمل خطورة، ولذلك من الأفضل دراسة المشروع الذي ستدخل للاستثمار فيه ومعرفة ماهيته، لافتا إلى أن السوق حاليا ناشئ والدخول فيه من جميع أنحاء العالم أمر سلبي، ولابد أن يحدث تصحيح كبير ليهبط ويبقى أقوى المشاريع وأضمنها ليصبح حينها الاستثمار آمن.
وذكر أن البيتكوين تعالج بعض الإشكاليات في الذهب مثل التخزين والنقل والأمان، لتأتي البتكوين وتلبي الحاجة إلى شيء آمن وسهل تحويله إلى كاش، وكذلك تحويله إلى أي شخص بالعالم، متطرقا إلى أحد عناصر قوته عبر تحديد أن يكون عددها ثابتا لا يتغير ولا يزيد وهو 21 مليون عملة.
وتوقع أن عمليات التعدين ستصل إلى مستوى الـ 21 مليون بيتكوين في عام 2100، مبينا أن قيمته ستزيد مع الزمن لأن العدد محدود، وكذلك ستزيد صعوبة اكتشافها وهو ما سيساهم في رفع قيمتها أيضا، لافتا في الوقت ذاته إلى أنه في المستقبل حين يصبح استخدام البتكوين عالميا، ستتشابه حركة تداولاته مع حركة للذهب.
العرض والطلب
بدوره، تحدث محلل أسواق المال عبدالله العوهلي عن مبدأ العرض والطلب وتأثيره على الأسعار في كل نواحي الحياة، مؤكدا على أن كل شيء يتم تقييمه وفقا لمبادئ العرض والطلب والتي تشكل القيمة الحقيقية، مبينا أن هناك سوء فهم في شأن أن العملة تتحرك بناء على التحليل الفني وهو أمر خاطئ، خصوصا أن التحليل الفني هو دراسة العرض والطلب والأسعار خلال فترة التداول وعمليات الشراء القوي والدعم والبيع والمقاومة فيحدد المسار إلى أين يتجه، مؤكدا أن التحليل الفني لا يحرك العملة العرض والطلب هو المحرك.
وشرح العوهلي الفرق بين سلوك المستثمر والمضارب لجهة بناء المراكز وجني الأرباح، لافتا إلى أنه من الأفضل للمستثمر في سوق العملات هو الدخول بعد التصحيح بنزول الأسعار بمعدلات 50 إلى 60%، مبينا في الوقت ذاته أن نسبة المخاطرة في سوق العملات عالية، وأن البيتكوين أثر على السوق، فالسوق كل حجمه 2.4 تريليون دولار 40% منها للبيتكوين، وبذلك يكون مؤثرا على السوق ككل.
منصات العملات الرقمية
من جانبه، قال المستثمر في العملات الرقمية محمد الأستاذ إن جائحة كورونا أثرت على كل مناحي الحياة، ولكن لابد أن ننظر إلى أكثر القطاعات التي استفادت من الإغلاقات، سنجد ان التكنولوجيا شهدت معدلات نمو عالية، والجائحة أثرت على العملات الرقمية إيجابا.
وذكر أن سوق العملات الرقمية مشكلته الأساسية في جميع دول العالم هي القانون والذي سيكون معقد جدا لأن السوق مرتبط بجانب مالي وتكنولوجي، بالإضافة إلى بعض الأبعاد السياسية، وهو ما لن يمكن من إصدار القانون الذي ينظم هذا السوق مرة واحدة، ولكن السوق منظم تكنولوجيا.
وذكر أن سوق العملات الرقمية منظمة وفقا لنشاطات أغلبها مرتبطة بالتكنولوجيا وتحديدا الـ «بلوكتشين»، وهي التكنولوجيا التي تقوم عليها العملات الرقمية ومكونة من 7 طبقات، وتسجل عليها جميع البيانات بصورة لا يمكن تغييرها ما يعطي فيه ثقة.
ولفت إلى أن عدد منصات التداول كبير ويوجد بينها الموثوق، وأخرى عبارة عن عملية نصب واحتيال بطريقة تكنولوجية، لافتا إلى أن هناك نحو 5 منصات في العالم محترمة، وهناك منصات أنشطتها مرتبطة بقوانين بعض الدول فتعمل بها ولا تعمل بدولة أخرى.
وحول مأمونية البلوك تشين من عدمه، أشار الأستاذ إلى أنه آمن ولكن دائما هناك «النصاب الشاطر» والذي يكون أذكى وأسرع من القانون، مقارنا بين عملية تتبع سرقة نحو 400 مليون دولار ورقيا وإلكترونيا، مشيرا إلى أنه في الحالة الأولى هناك أموال حتى الآن لا نعرف مكانها، ولكن مع الثانية حين حدثت عملية بذلك الحجم خلال دقائق تم تحديد مصدر الاختراق وتجميد عمليات النقل والمحافظ إلى أن أعلن الشخص عن نفسه، فصحيح أن التكنولوجيا يمكن أن تخترق ولكنك تستطيع أن تلاحقها، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن سحب الأموال من المنصات متاح وبآليات مختلفة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن المجتمع الكويتي من أذكى المجتمعات في مجال الاستثمار.
الحوسبة السحابية.. ولغط بيانات الكويت
تحدث الأستاذ عن قضية حساسية البيانات، واستشهد فيها باللغط الأخير الذي دار حول أن هناك بيانات كويتية تخزن في دولة أخرى، وما تبعها من تعليقات نيابية حكومية وصولا إلى الإجراءات التي اتخذت في هذا الشأن تجاه من صرح عنها، مشيرا إلى أنه حين نقول ان البيانات مخزنة في مكان بعينه فهو كلام غير دقيق، إذ إن البيانات لا تخزن في دولة فهناك الحوسبة السحابية التي تعتبر شيئا لامركزيا.
تراخيص.. وتحكيم
أشار العريان إلى المخالفة القانونية بشأن مزاولة نشاط دون ترخيص حال تداول العملات الرقمية عبر المنصات، حيث حكمت المحكمة بإدانة بعض الشركات بتهمة ممارسة نشاط دون ترخيص، مبينا أن المطلوب ترخيص وسيط أوراق مالية غير مسجل، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه لم يرصد حتى الآن صدور أحكام فيما يتعلق بالعملات الافتراضية. وتطرق العريان إلى بعض الشروط التي تضعها منصات التداول بشأن التحكيم، والذي تحدد مكان النزاع ما قد يعد نوعا من المصاعب أمام المستثمر، خصوصا أن هذه الشركات قد لا يكون لها أي وجود في الكويت، فكثير من المنصات تؤسس في دول تختار بعناية بحيث تكون الرقابة فيها شبه معدومة وقوانين رديئة وضعيفة وكثير من تلك الدول تصنف كعالية المخاطر.