أثار انتشار المتحور الجديد عن فيروس كورونا المستجد فزع العالم مرة اخرى، مخافة العودة الى المربع الأول في مكافحة الوباء، خصوصا أن العديد من الدول لاسيما الأوروبية تعاني من طفرات كبيرة في عدد الإصابات.
وحتى ظهور التقييمات العلمية للمتحور الذي اطلقت عليه منظمة الصحة العالمية «أوميكرون»، ومعرفة مدى خطورته، يبدو أن عدد الدول التي تقوم بعزل جنوب القارة الأفريقية وعلقت الرحلات القادمة منها سيرتفع اطرادا.
ورغم توصيات منظمة الصحة العالمية التي صنفت النسخة المتحورة على انها «مقلقة»، بعدم فرض قيود على السفر حاليا، علقت عشرات الدول الرحلات من والى دول جنوب أفريقيا، منها السعودية والامارات وسلطنة عمان واستراليا وكوريا الجنوبية وموريشوس، وقبلها البرازيل والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وهولندا والعديد من الدول الاوروبية والآسيوية. كما أوصى الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء بتعليق الرحلات من افريقيا الجنوبية وإليها. واتخذت دول أخرى إجراءات مماثلة، بينها والمغرب والأردن.
في آسيا، أعلنت سنغافورة حظرا يبدأ تطبيقه اليوم، باستثناء مواطنيها والمقيمين فيها، اضافة الى الفلبين وسريلانكا.
على الطرف المقابل، أسفت حكومة جنوب افريقيا على إغلاق العديد من الدول حدودها أمام مواطنيها والمسافرين منها، معتبرة أنها «تعاقب» بسبب حرفية علمائها الذين اكتشفوا المتحورة الجديدة مبكرا.
وقالت الحكومة في بيان إن «هذه السلسلة الأخيرة من إجراءات حظر السفر تعاقب جنوب افريقيا على تحديدها التسلسل الجينومي المتقدم وقدرتها على اكتشاف متحورات جديدة بسرعة أكبر. يجب تكريم التفوق العلمي وليس معاقبته».
واعتبرت جوهانسبرغ أن القرارات «متسرعة». وتشكل هذه الإجراءات ضربة جديدة للسياحة قبل الصيف الجنوبي مباشرة عندما تكون حدائق الحيوانات والفنادق ممتلئة عادة. وقالت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا ناليدي باندور في بيان «قلقنا الفوري هو الضرر الذي سيلحقه هذا القرار بالصناعات السياحية والشركات».
بدورها، أكدت رئيسة الجمعية الطبية في جنوب أفريقيا، أنجيليك كويتزي، أنه من السابق لأوانه وضع بلادها على القائمة الحمراء للسفر.
وقالت كويتزي، في تصريح لوكالة «سبوتنيك» الروسية، إنه «لا توجد أدلة إكلينيكية كافية لإثبات المخاطر» المرتبطة بالمتغير الذي يحمل الاسم العلمي (بي.1.1.529)، لافتة إلى أنه «تم اكتشاف المتغير لدى بعض المسافرين من جنوب أفريقيا في بوتسوانا وهونغ كونغ وإسرائيل وبلجيكا».
وأضافت أن «أوميكرون تم اكتشافه فقط في جنوب أفريقيا الأسبوع الماضي، لافتة إلى أن المستشفيات لم تستقبل أعدادا كبيرة من المصابين بالمتحور الجديد، فضلا عن عدم اكتظاظ وحدات العناية المركزة في البلاد بهم».
وأوضحت كويتزي أن «المتحور الجديد يمثل مرضا خفيفا مع أعراض تتمثل في التهاب العضلات والإرهاق لمدة يوم أو يومين مع الشعور بعدم الراحة.. حتى الآن، والمصابون لا يعانون من فقدان حاسة التذوق أو الشم. قد يكون لديهم سعال خفيف. لا توجد أعراض بارزة.. ومن بين المصابين، يتم علاج بعضهم في المنزل حاليا».
وأعلن اكتشاف هذه المتحورة التي قد تكون معدية جدا، في جنوب إفريقيا الخميس. وفي تقرير لتقييم المخاطر، قال المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها (إي سي دي سي) إن «المستوى العام للمخاطر المرتبط بمتحورة سارس-كوف-2 أوميكرون في الاتحاد الأوروبي/المنطقة الاقتصادية الأوروبية، تم تقييمه على أنه مرتفع إلى مرتفع جدا».
وفي هذه المرحلة، يبدو العلماء في جنوب إفريقيا غير متأكدين من فاعلية اللقاحات الموجودة ضد الشكل الجديد للفيروس.
وقال عالم الفيروسات توليو دي أوليفييرا في مؤتمر صحافي في وزارة الصحة بجنوب إفريقيا، إن المتحورة الجديدة تنطوي على عدد «كبير جدا» من الطفرات «ويمكننا أن نرصد إمكان انتشارها بسرعة كبيرة».
وأعلن البروفيسور ريتشارد ليسيلز أن «ما يقلقنا هو أن هذه المتحورة قد لا تكون لديها قدرة انتقال متزايدة فحسب، بل قد تكون قادرة على اختراق أجزاء من جهاز المناعة لدينا».
وحصل نحو 54% من سكان العالم على جرعة واحدة على الأقل من لقاح مضاد لكوفيد-19، لكن تلقى 5،6% فقط في البلدان المنخفضة الدخل اللقاح حسب موقع «اور وورلد إن داتا».
وسجلت 22 إصابة بالمتحورة الجديدة، معظمها لدى شباب، حسب المعهد الوطني للأمراض المعدية في جنوب إفريقيا. وسجلت إصابات في بوتسوانا وإصابة في هونغ كونغ لشخص عائد من رحلة إلى جنوب إفريقيا.
وأعلنت إسرائيل عن إصابة بالمتحورة الجديدة «لدى شخص عاد من ملاوي» حسب وزارة الصحة التي تحدثت عن «حالتين أخريين لأشخاص عادوا من الخارج» ووضعوا في الحجر.
كذلك، أكدت بريطانيا، تسجيل أول إصابتين على أراضيها بالمتحورة «أوميكرون»، مشيرة إلى أن الحالتين رصدتا لدى شخصين قدما من جنوب القارة الافريقية.
وقال وزير الصحة البريطاني ساجد جاويد في بيان «تحركنا سريعا والشخصان المعنيان في عزلة ذاتية فيما يجري تعقب المخالطين».
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن بريطانيا ستلزم جميع المسافرين الوافدين الخضوع لحجر صحي إلى أن يجروا فحص كوفيد بنتيجة سلبية، بعد ظهور المتحورة الجديدة «أوميكرون».
وقال في مؤتمر صحافي بعد تأكيد أول إصابتين بالمتحور في بريطانيا «نحتاج الآن إلى الذهاب أبعد من ذلك وتطبيق نظام فحص جديد».
ورصدت أول إصابة بأوروبا، في بلجيكا. وأمس أعلنت سلطات ولاية هيسن بغرب ألمانيا الاشتباه بأول إصابة بالمتحورة الجديدة لدى شخص عاد مؤخرا من جنوب افريقيا. وأعلن وزير الشؤون الاجتماعية في الولاية كاي كلوزه في تغريدة على تويتر «من المرجح أن تكون المتحورة أوميكرون موجودة بالفعل في ألمانيا».
وقال وزير الصحة الألماني المنتهية ولايته ينس شبان أن «آخر شيء نريده الآن هو إدخال متحورة جديدة تسبب مزيدا من المشاكل».
شركات الأدوية تستنفر ومدير «أوكسفورد» يستبعد العودة إلى نقطة الصفر
«فايزر - بيونتيك» تتعهدان بتطوير لقاحات ضد المتحور الجديد خلال 100 يوم
أعلنت شركتا فايزر وبيونتيك، المصنعتان للقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد، أنهما تجمعان معلومات حول متحور «أوميكرون» لبحث إمكانية تعديل لقاحاتهما.
وذكرت الشركتان أنهما ستكونان قادرتين على تصدير لقاحات معدلة ضد المتحور الجديد خلال 100 يوم.
من جانبها، قالت شركة فايزر، إنها وقعت اتفاقا بقيمة 5.29 مليارات دولار مع الحكومة الأميركية لتقديم 10 ملايين جرعة من عقارها التجريبي المضاد لسلالات فيروس كوفيد-19، في وقت تسارع الولايات المتحدة لتأمين علاجات واعدة عن طريق الفم لهذا المرض.
وتبلغ الصفقة ضعف حجم العقد الذي أبرمته الحكومة الأميركية مع شركة ميرك Merck & Co، على الرغم من أن سعر جرعة العلاج الواحدة من فايزر عند نحو 530 دولارا مقارنة بنحو 700 دولار لنظيرتها من ميرك.
كما تقدمت «فايزر» بطلب للحصول على إذن طارئ للدواء، الذي يحمل اسم باكسلوفيد Paxlovid، بعد الإبلاغ عن البيانات التي تظهر أنه كان فعالا بنسبة 89% في منع دخول المستشفى أو الوفاة لدى الأشخاص المعرضين للخطر.
من جهة أخرى قال العالم البريطاني الذي قاد الأبحاث حول لقاح أكسفورد/أسترازينيكا المضاد لفيروس كورونا، إنه يمكن تطوير مصل جديد «بسرعة كبيرة» ضد متغير أوميكرون.
واعتبر مدير «مجموعة أكسفورد للقاحات» البروفيسور أندرو بولارد أن انتشار هذه المتحورة الجديدة بشدة بين من تم تطعيمهم «كما رأينا العام الماضي» مع المتحورة دلتا «غير محتمل إلى حد كبير».
وأضاف في تصريح لشبكة «بي بي سي» أن في حال انتشارها «سيكون من الممكن التحرك بسرعة كبيرة» لأن «مسارات تطوير لقاح جديد تتحسن باطراد».
لكنه قدر أن اللقاحات الحالية فعالة ضد المتحورة الجديدة التي تعتبرها منظمة الصحة العالمية «مقلقة». وأضاف بولارد في تصريحات أخرى نقلتها صحيفة «الغارديان» البريطانية، «إذا نظرنا إلى أغلب التحورات فإنها مشابهة للنتوءات البروتينية التي شوهدت في السلالات السابقة حتى الآن، وهذا يخبرنا بأنه رغم التحورات الموجودة في السلالات الأخرى، استمرت اللقاحات في منع المرض الشديد مع انتقالنا عبر سلالات ألفا وبيتا وجاما ودلتا».
وتابع أنه «من وجهة نظر تخمينية، على الأقل لدينا بعض التفاؤل بأن اللقاح ينبغي أن يعمل ضد سلالة أوميكرون، لكن علينا الانتظار بضعة أسابيع للتأكد من ذلك».
وشدد مدير مجموعة أكسفورد التي طورت لقاح «أسترازينيكا» على أنه من غير المرجح تماما أن تعود جائحة كورونا إلى نقطة الصفر مع تلقي أعداد كبيرة من الشعوب اللقاحات، مؤكدا أنه بالنسبة للبيانات القادمة من جنوب افريقيا فإنه من المبكر للغاية التوصل لأي استنتاجات حاسمة فيما يخص تبعات سلالة أوميكرون.
من جهتها، قال شركة أسترازينيكا في بيان إنها «طورت بتعاون وثيق مع جامعة أكسفورد، منصة لقاحية تتيح لنا الاستجابة بسرعة للمتحورات الجديدة التي قد تظهر». وأضافت شركة الدواء البريطانية أنها «تجري أبحاثا في المناطق التي تم فيها رصد المتحورة».
وقالت شركة الأدوية الأميركية «موديرنا» إنها ستطور جرعة معززة ضد المتغير الجديد من فيروس كورونا.
وذكرت الشركة - وفقا لموقع (ميديكال إكسبريس) - أنها تعمل على 3 استراتيجيات لمواجهة التهديد الجديد، بما في ذلك جرعة أقوى من لقاحها الحالي.
وقال ستيفان بانسيل، الرئيس التنفيذي للشركة: «إن الطفرات في متغير أوميكرون مثيرة للقلق.. علينا أن نتحرك بأسرع ما يمكن لتنفيذ استراتيجيتنا للتعامل مع هذا المتغير».
هولندا ترصد طائرتين موبوءتين دفعة واحدة
أمستردام - رويترز: ذكرت السلطات الصحية في هولندا أنها رصدت 61 مصابا بمرض كوفيد-19 بين مسافرين وصلوا إلى أمستردام على متن رحلتين قادمتين من جنوب أفريقيا أمس الأول. وأضافت أنها بدأت أمس إجراء المزيد من الفحوص لمعرفة إن كان من بينهم مصابون بالسلالة «أوميكرون» التي تم اكتشافها في الآونة الأخيرة. ووصل قرابة 600 مسافر إلى مطار سخيبول في أمستردام على متن رحلتين الجمعة قبل أن توقف الحكومة الهولندية الرحلات من جنوب القارة الأفريقية بسبب مخاوف متعلقة بسلالة الفيروس الجديدة. وقالت السلطات الصحية الهولندية إنها ستسعى أيضا إلى الاتصال بالمسافرين الذين وصلوا من جنوب أفريقيا وبوتسوانا وإسواتيني وليسوتو وموزامبيق وناميبيا وزيمبابوي منذ يوم الاثنين وحثهم على إجراء اختبار في أقرب وقت ممكن.
وتم فصل ركاب رحلات الجمعة عن المسافرين الآخرين قبل عزل من ثبتت إصابتهم في فندق بالقرب من المطار.
ولا يعني حظر الطيران الهولندي توقف جميع الرحلات الجوية من جنوب القارة الأفريقية إلى هولندا إذ يسمح للمواطنين الهولنديين بالعودة إلى وطنهم، بينما يسمح لمواطني الاتحاد الأوروبي بالدخول على متن رحلات ترانزيت في طريقهم إلى بلدانهم الأصلية.
ولايزال يسمح للأطقم الطبية وطواقم الخطوط الجوية وذوي الاحتياجات الملحة بالسفر. وتواصل شركة طيران كيه.إل.إم رحلاتها إلى المنطقة، لكن يحتاج المسافرون إلى البقاء في الحجر الصحي لمدة خمسة أيام على الأقل عند وصولهم إلى هولندا.
وأعلنت الحكومة أمس الأول إغلاق الحانات والمطاعم ومعظم المتاجر خلال ساعات الليل بينما يواجه نظام الرعاية الصحية موجة قياسية من الإصابات بكوفيد-19.
لماذا يثير المتحوّر الجديد كل هذا الخوف؟
العربية. نت: يهتم العلماء بشكل كبير بالمتحور الجديد «أوميكرون» لاحتوائه على عدد كبير وبشكل غير عادي من الطفرات تقدر بنحو 50، بما في ذلك أكثر من 30 طفرة مرتبطة بالبروتين الشائك (spike protein)، وهي البنية التي يستخدمها الفيروس للارتباط بالخلايا البشرية وهو الهدف الرئيسي للعديد من اللقاحات الحالية.
فقد كشفت منظمة الصحة العالمية أن هناك أدلة أولية على أن المتحور، الذي اكتشف لأول مرة في 9 نوفمبر الجاري، قد يعرض من أصيبوا سابقا بالمرض للإصابة مرة ثانية، وفق صحيفة «وول ستريت جورنال».
وقالت أيضا إن المتحور قد يكون أكثر قابلية للانتقال من سلالات أخرى من فيروس كورونا، مستشهدة بانتشار أوميكرون السريع في جنوب إفريقيا خلال الأسبوعين الماضيين.
كما طلبت المنظمة من السلطات الصحية في جميع أنحاء العالم فحص المزيد من عينات الاختبار الإيجابية لمعرفة ما إذا كان المتحور ينتشر بالفعل في أماكن أخرى.
وأوضحت أن بعض الحالات يمكن أن تجعل الفيروس ينتشر بشكل أسرع أو يحسن قدرته على التهرب من نظام المناعة أو اللقاحات في الجسم.
في موازاة ذلك، يتضمن أوميكرون بعض الطفرات التي لم تكتشف من قبل إلى جانب بعض الطفرات التي اكتشفت.
وجعلت بعض الطفرات المعروفة المتغيرات الأخرى أكثر قابلية للانتقال أو أكثر قدرة على تجنب أجزاء من الاستجابة المناعية الناتجة عن التطعيم أو عدوى سابقة بالفيروس.
أما عن أهميته فقد صنفت منظمة الصحة العالمية السلالة على أنها «متحور مثير للقلق»، لتنبيه السلطات الصحية في جميع أنحاء العالم رسميا إلى المخاطر الإضافية التي يبدو أنه يحملها. ولتصنيفه هكذا، يجب إثبات أن السلالة الفيروسية الجديدة أكثر عدوى، أو تؤدي إلى مرض أكثر خطورة أو تقلل من فاعلية تدابير الصحة العامة أو اختبارات كورونا أو العلاجات أو اللقاحات.
كما تشمل المتحورات الأخرى المثيرة للقلق دلتا، الذي يسود الآن في جميع أنحاء العالم، وألفا، الذي أدى إلى موجة قاتلة من العدوى في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة في الشتاء والربيع الماضيين. واكتشف المتحور الجديد بعدما جاءت عينة هذا الشهر من شخص مصاب في بوتسوانا، المتاخمة لجنوب إفريقيا.
بعد ذلك بوقت قصير، اكتشف العلماء في هونغ كونغ متحورا في مسافر وصل من جنوب إفريقيا، وبدأ أوميكرون في الظهور في عينات من مقاطعة Gauteng في جنوب افريقيا.
وعلى عكس معظم المتحورات البارزة الأخرى، والتي لا يمكن اكتشافها إلا من خلال تسلسل الجينوم المكلف والمستهلك للوقت، يتم تمييز وجود أوميكرون في بعض اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل الشائعة الاستخدام، أو اختبارات PCR.
وهذا يجعل من السهل تتبعه وهو أحد الأسباب التي جعلت علماء جنوب إفريقيا قادرين على التقاط انتشاره السريع في البلاد بهذه السرعة.