تحدثت في المقال السابق عن ضرورة وجود تعديل تشريعي على قانون الجهاز المركزي للمناقصات العامة. وسأتطرق في هذا المقال إلى ديوان المحاسبة والرقابة المسبقة تحديدا.
وقبل الحديث عن الرقابة المسبقة، يجب الإشادة والتأكيد على أهمية دور ديوان المحاسبة وجهوده التي لا ينكرها إلا جاحد.
الرقابة المسبقة هي الضوابط التي تفرض على الجهات الحكومية قبل توقيع العقود، والتي قد تتأخز بسببها العديد من المشاريع في الدورة المستندية بين الاستفسارات والردود وصولا الى حصول موافقة ديوان المحاسبة على توقيع العقد.
فرقابة ديوان المحاسبة سابقة ولاحقة، وفي ظل وجود رقابة لاحقة وهي مهمة ومطلوب تعزيزها وتأكيدها وتشديدها، لكن الرقابة السابقة في ظل وجود رقابة لاحقة تتسبب في إطالة للدورة المستندية الحكومية، وإضاعة لوقت وجهود العاملين في ديوان المحاسبة والعاملين في القطاع الحكومي.
لدفع عجلة دوران مشاريع خطط التنمية علينا التفكير خارج الصندوق، وحلحلة جميع العوائق الواقعية التي تعوق سرعة الإنجاز والتي يكمن جزء كبير منها في الدورة المستندية العقيمة.
ولذلك أدعو أعضاء مجلس الأمة لمناقشة ودراسة إلغاء الرقابة المسبقة، والاستفادة من تجربة القطاع النفطي وبعض الجهات الحكومية المعفاة من الرقابة المسبقة، والاكتفاء بالرقابة اللاحقة لديوان المحاسبة وهي الأهم.
أعلم أن هذه الفكرة جريئة نوعا ما، وصعب تبنيها من قبل نواب مجلس الأمة، فالاعتقاد السائد بأن وجود الرقابة تعني القضاء على الفساد، ولكن الواقع يختلف، والمناداة بعكس ذلك جرأة بحسب رأي البعض.
فالكويت صغيرة في الحجم وعدد السكان، إلا اننا نجد ان بها عددا من الأجهزة الرقابية على القطاع الحكومي تفوق الكثير من الدول المجاورة وسبب في إطالة الدورة المستندية والأهم من ذلك أنها لم تقض او تقلل من الفساد.
فهناك إدارة الفتوى والتشريع، وجهاز المركزي للمناقصات العامة، وجهاز المراقبين الماليين، مراقبة شؤون التوظف، إدارة التفتيش والتدقيق بالجهات الحكومية كل هذه الأجهزة والإدارات هدفها رقابي على أعمال الجهات الحكومية.
كل ما سبق بالإضافة الى ديوان المحاسبة تمارس دورها في إطالة الدورة المستندية وتأخير المشاريع في إجراءات روتينية لم تساهم في القضاء على الفساد ودفع عجلة المشاريع.
فهي دعوة لإلغاء الرقابة السابقة وتشديد الرقابة اللاحقة وتطبيق العقوبات على الكبير قبل الصغير.
[email protected]
Al_Derbass@