علي إبراهيم
كشفت ندوة صندوق النقد الدولي حول تقريره عن آفاق الاقتصاد الاقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عن أن الوضع ما بعد جائحة كورونا لن يكون كما كان قبلها، وأن أثر الجائحة هو الأسوأ منذ أزمة النفط والأزمة المالية العالمية.
وخلال الندوة التي ترأسها مدير مركز صندوق النقد الدولي للاقتصاد والتمويل في الشرق الأوسط د.باولو دروموند، فيما كان مدير النقاش نائب مدير المركز د. خالد عبدالقادر، إذ شملت الندو 3 متحدثين من إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد وهم كل من رئيس القسم، بيلين بيركمن، والاقتصادي الأول، رودريجو جارسيا فيردو، والاقتصادي محمد بلخير، أكد المشاركون على أن التعافي مرتبط بمعدلات إعطاء اللقاحات إلى جانب تراجع معدلات التضخم.
من جهتها، قالت، بيلين بيركمن إن هناك موجات من جائحة فيروس كورونا المستجد ولكن التعافي مازال جاريا ومستمرا، وعلى الرغم من ذلك لاتزال هناك تحديات تتعلق بالتضخم الذي يتسم بالازدياد، متوقعة أن يبدأ في التدني خلال العام القادم.
وأشارت إلى أن التيسير النقدي في 2020 بدأ بالتباطؤ وسيزداد في التدني خلال الفترات القادمة، ناهيك عن أن التعافي في جهة التوظيف مازال بطيئا، متوقعة للمنطقة التعافي وتحسن الوضع بنسبة 4.1%، مشيرة إلى أن النمو في 2021 كان متقلبا وغير متوازن متوقعة في الوقت ذاته أن يستقر خلال العام المقبل.
وأشارت إلى أن الدول المنتجة للنفط ستستفيد من التحسن الذي يحدث، وأن الناتج المحلي في المنطقة سيبقى دون مستويات ما قبل الجائحة، فهناك قدر كبير من عدم اليقين حول تطور الجائحة، كما أن معدلات التضخم المرتفع ستلقي بظلالها على الاقتصادات، مبينة أن دول الخليج وضعها جيد بالنسبة للقاحات، وأن تسريع وتيرتها يساعد على التعافي، متطرقة إلى بعض المخاطر التي تتعلق بهروب رأس المال، وأن هناك بلدان ليست لديها احتياطيات خارجية كبيرة ستدفع نحو مخاطر تتعلق بالدين.
وشددت على ضرورة التركيز على التعــافي الاحتوائي الشامل والتعافي المالي والاقتصادي، كما يجب توجيه دعم المالية العامة للشركات القابلة للاستمرار، والتركيز على الاستفادة من الفرص الناشئة عن التحول الرقمــي والتكنولـوجي ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وأن يكون القطاع الخاص هو المحرك للاقتصاد في المستقبل.
من جانبه، تحدث رودريجو جارسيا فيردو، حول تأثيرات جائحة كورونا على سوق العمل في المنطقة، مبينا أن آسيا الوسطى تأثرت سلبا بصورة أكبر، حيث سجلت ثاني أعلى مستوى بطالة بنحو 8 ملايين شخص فقدوا عملهم وهو أمر غير مسبوق.
وأشار رودريجو إلى أن كورونا تركت أثرا على معدلات البطالة أكبر بقليل من الأزمات السابقة كونه أسوأ الصدمات الـ 3 الأخيرة، وذلك نظرا إلى التدني في معدلات التوظيف قياسا إلى عدد السكان في سن العمل.
وذكر أن النشاط غير الرسمي لم يقم بدوره التقليدي باستيعاب الصدمة إذ عادة ما يزداد دوره خلال الأزمات، إلا أنه معدل التوظيف فيه شهد تراجعا، كما أن أثر الجائحة تركز على الفئات الأكثر ضعفا وتأثرت بها النساء أكثر من الرجال أما لجهة الفئة العمرية فقد تأثر الشباب من الرجال أكثر من السيدات.
وأكد أنه عند تعافي النمو ستتحسن معدلات البطالة، إلا أنه ستكون هناك خسائر دائمة في إجمالي الناتج المحلي إثر جائحة كورونا والتي نطلق عليها «الندوب الاقتصادية»، وكذلك خسائر دائمة في النمو، إلا أنه سيكون هناك تعاف ولكن بمعدلات توظيف وتحسن بطيء في معدلات البطالة. وشدد على ضرورة العمل على زيادة الناتج المحلي الحقيقي لتحسين المؤشرات، خصوصا أن نموه يؤدي إلى التعافي فيما ستعمل السياسات التي تتبعها الدول على تقليل مخاطر الندوب الاقتصادية.
من جهته، تحدث محمد بلخير عن قطاع الشركات، لافتا إلى وضع الصندوق توقعاته وفقا سيناريوهين أحدهما أساسي والآخر معاكس، إذ يشير «الأساسي» إلى الناتج المحلي الإجمالي سيتحسن، أما السيناريو المعاكس فيرى أن النمو الاقتصادي سيتراجع، وسيكون هناك ايقاف للدعم على مستوى السياسات ما سيؤثر على معدلات الفائدة.
وأشار إلى أن ضغوط السيولة ستبقى مرتفعة على المدى المتوسط ما يعرض حجما كبيرا من الديون إلى مخاطر عدم السداد، متحدثا عن أن عدم توافر السيولة سيؤثر على مؤشرات الشركات الصغيرة والمتوسطة في 2023 لأنها ستعتمد على الاقتراض لحل مشكلاتها ما سيخلفها عن سداد التزامات. وذكر أنه في 2023 ستكون 32% من الديون معرضة لعدم السداد، و37% من الشركات مدينة وتحت مخاطر عدم السداد.